"كواليس احتراف الكتابة".. في ندوة بمعرض الشارقة للكتاب
في ندوة بمعرض الشارقة للكتاب كشف كتّاب عرب وأجانب لحظات ميلادهم الأدبية بندوة "كيف أصبحت كاتباً محترفاً؟" عرضت تجارب ثرية لأسماء لامعة
شكل معرض الشارقة الدولي للكتاب الـ 35، فرصة جيدة لعدد من الأدباء والكتاب لعرض تجاربهم المختلفة ورحلتهم في الأدب، وتحولهم إلى كتّاب محترفين، تلك التجارب عرضها كل من الكاتب الفلسطيني محمود شقير، والكاتبة الإماراتية فاطمة المزروعي، والكاتب الكندي تيري فالس، خلال ندوة "كيف أصبحت كاتباً محترفاً؟" والتي أقيمت في ملتقى الأدب على هامش فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الحالية.
الندوة التي أدارتها الإعلامية دينا قنديل، كشفت عن لحظات الميلاد التي عاشها الأدباء المشاركون في الندوة، وطبيعة الطقوس التي يعتمدونها خلال الكتابة، والجوانب التي أثرت في حياتهم وقادتهم لاحتراف الكتابة والتأليف.
من جانبه، أشار الروائي الفلسطيني محمود شقير إلى أن بداياته تعود إلى 1962، حيث بدأ بكتابة القصة القصيرة، ونشرها في مجلة الأفق الجديد المقدسية، ثم تحول بعدها ناحية المقال السياسي تحت أسماء مستعارة التي كان ينشرها في عدد من الصحف الفلسطينية الصادرة في القدس والمناطق المحتلة عام 1948، ولكنه سرعان ما عاد إلى دائرة الأدب مجدداً، عبر تدعيم موهبته بالقراءة لكبار الكتاب العرب والغرب مثل أنطون شيخوف ويوسف إدريس، حيث أسهمت هذه القراءات بصقل قدراته.
وأوضح شقير أن تجربته الأولى مع الاعتقال، قد فتحت أمامه الفرصة لأن يكتب داخل المعتقل. وقال "خلال اعتقالي في المرة الأولى، صدرت لي أول مجموعة قصصية عن دار صلاح الدين للنشر في القدس، وحملت عنوان "خبز الآخرين"، وقد لقيت هذه المجموعة نقداً جيداً". وتابع: "اعتقلت للمرة الثانية في 1974 وحينها تم إبعادي إلى بيروت، وهناك وجدت طعماً آخر للثقافة، وتم استقبالي بصدر رحب، خاصة وأن كتابي "خبز الآخرين" كان قد سبقني إلى هناك، وهناك أصدرت مجموعتي الثانية".
وأشار شقير إلى أنه تحول بعد ذلك إلى كتابة المسلسلات التاريخية، وحمل أول عمل تلفزيوني له عنوان "عبد الرحمن الكواكبي"، وأكد أنه انصرف بعدها ناحية القصة القصيرة جداً. وقال: "صدر لي فيها 6 كتب، وحاولت الاستفادة من نجوم الفن والرياضة والسياسة لكتابة هذه القصص، وإسقاطها على الواقع". وبيّن أن عودته إلى بيئته الأصلية في القدس، قد أعاد له الروح لأن يكتب السرد القصصي، والرواية، حيث قدم فيها "مديح لنساء العائلة" التي قال إنه يعكف على كتابة الجزء الثالث منها.
وأكد أنه لا يجنح عادة إلى طقوس معينة في الكتابة سوى أنه يمارسها يومياً، مبيناً أن تحوله إلى الكتابه على الحاسوب مباشرة قد زاد من زخم إنتاجه، حيث أصدر خلال الفترة من 1998 وحتى اليوم 41 كتابا.
من ناحيتها، أوضحت الكاتبة فاطمة المزروعي أن هناك مجموعة من العوامل التي أثرت على تجربتها وأسهمت في صقلها، وقالت: "بدأت الكتابة في سن مبكرة، وأول تجربة نُشرت لي كنت في سن السابعة عشرة". وأضافت: "جدتي كانت العامل الأساسي الذي أثر على كتابتي، فمن خلالها كنت أستقي الحكايات وأعيد رسمها في مخيلتي ووضع النهاية لها وفق تصوري، إلى جانب ذلك لعبت القراءة وارتيادي لمكتبة المدرسة، أيضاً دوراً مهماً في هذا الشأن، فقد ساعدني ذلك في فتح الأفاق أمامي، خاصة وأنني كنت أطلع على روايات أكبر من عمري الحقيقي".
وتابعت: "النقد السلبي الذي حصلت عليه من أحد النقاد حول تجربتي القصصية الأولى، شكلت حافزاً مهماً لي، لأن أواصل وأن أبدع، وأتعلم كافة فنون الكتابة على اختلاف أشكالها، حيث أكتب الرواية والقصة والنقد والمقال وغيرها". وأشارت إلى أنها اعتادت أن تستوحي قصصها من واقع الحياة اليومية، ومن الأماكن التي ترتادها باستمرار، وبينت أنها لم تفكر يوماً في الشهرة، بقدر ما تفكر بكيفية الكتابة بروح إنسانية.
أما الكاتب الكندي تيري فالس، فأشار إلى أن تجربته في الكتابة الإبداعية بدأت عندما كان في سن 44، وقال: "قبل تحولي إلى الكتابة الإبداعية، مارست كافة أشكال كتابة الخطابات وبيانات العلاقات العامة والتقارير الصحافية، كما عملت أيضاً في السياسة، وهذا ساعدني في تكوين رأي خاص في السياسة، وحاولت أن أقدمه ضمن كتاباتي الإبداعية التي عادة ما أنحني فيها نحو الكوميديا والكتابة الساخرة". وأشار إلى أنه أصدر حتى الآن 5 روايات، ولا يزال يعكف على السادسة. وقال: "هناك الكثير من الكتّاب ليسوا متفرغين تماماً للكتابة، ولكي ينجح الكاتب في مهنته فهو بحاجة لأن يمارس عادة الكتابة بشكل مستمر، وألا ينتظر ردة فعل الآخرين حول ما يكتب".