من شيكاغو إلى دالاس.. المؤامرات التي أدت لاغتيال كينيدي

شكَّلت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدي خطرًا وجوديًا على المافيا الأمريكية، خاصة بعد شن شقيقه "بوبي" حملةً شرسة على الجريمة المنظمة.
ورغم دعم المافيا السابق لانتخاب جون كينيدي عام 1960، شعر زعماؤها مثل سام جيانكانا وسانتو ترافيكانتي وكارلوس مارسيلو بالخيانة عندما حوَّل روبرت الشهير بـ"بوبي" سياسات الإدارة ضدهم.
وبحسب التقرير، كان استياء المنفيين الكوبيين من فشل غزو خليج الخنازير، والخلافات داخل أجهزة الاستخبارات، هو ما أشعل فتيل 3 مؤامرات منفصلة لاغتيال الرئيس في نوفمبر/تشرين الثاني 1963، وفقا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
مؤامرة شيكاغو: القناصة فوق ناطحة السحاب
في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 1963، كشف مخبرٌ عن خطة لوضع 4 قناصة من جماعة من تيار أقصى اليمين في مبنى مرتفع يطل على طريق موكب كينيدي المقرر في شيكاغو.
وكان المشتبه به الرئيسي "توماس فالي"، جندي سابق له صلات بوكالة المخابرات المركزية والمنفيين الكوبيين.
وكان التشابه مع أحداث دالاس صادمًا من اختيار مبنى شاهق، وانعطاف حاد في المسار يُبطئ سرعة السيارة الرئاسية. ورغم اكتشاف الأسلحة وإفشال الخطة، أُطلق سراح المشتبه بهم دون تفسير، وأُلغيت زيارة كينيدي إلى المدينة.
تحذير تامبا: التسجيلات المُهمَلة
قبل أيام من الاغتيال، سجَّل مخبر شرطة محادثة مع شخص يدعى "جوزيف ميلتير" يُفصِح خلالها عن خطة لقتل كينيدي خلال زيارته لفلوريدا. وأكد ميلتير أن الهجوم سيتم من مبنى إداري، وسيُلقى القبض على "كبش فداء" سريعًا لتضليل الرأي العام - في إشارة مُبكرة لسيناريو اتهام لي هارفي أوزوالد.
ورغم نقل التحذير إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي والخدمة السرية، لم تُتخذ أي إجراءات استباقية، واستمرت زيارة الرئيس المخطط لها كما لو أن شيئًا لم يحدث.
دالاس: الضربة النهائية وشبكة المافيا
مع فشل المحاولتين السابقتين، تحوَّل التركيز إلى دالاس، المعقل الرئيسي لزعيم المافيا كارلوس مارسيلو، الذي كان يُحاكم من قِبل روبرت كينيدي.
قبل أيام من الاغتيال، أبلغت راقصة تُدعى "روز شيرامي" الشرطة عن مؤامرة لقتل الرئيس في المدينة، لكن تحذيرها قوبل بالتجاهل.
وفي 22 نوفمبر/ تشرين الثاني، غيَّرت الخدمة السرية مسار الموكب الرئاسي بشكل مفاجئ ليمر عبر "ديلي بلازا"، وهي منطقة محاطة بمباني عالية وتل عشبي - ما سمح للقناص بتنفيذ الهجوم.
الأكثر إثارة أن التعديل في المسار تم بناءً على تعليمات من واشنطن، وفقًا لوثائق الخدمة السرية.
ما بعد الاغتيال: صمت السلطات وانتصار المافيا
بسقوط كينيدي، احتفلت المافيا بانتصارها. في فلوريدا، رفع سانتو ترافيكانتي نخبًا قائلًا: "لمائة عام من الصحة... وموت كينيدي".
وفي واشنطن، أوقف نائب الرئيس ليندون جونسون - الذي كانت تُجرى تحقيقات في فساده - أي محاولات لكشف الحقيقة.
حتى روبرت كينيدي اعترف بهزيمته، حيث قال مساعده: "الجميع فهم أن المافيا انتصرت. الغموض لا يزال يلف دور أجهزة الاستخبارات، خاصة مع وجود أدلة على تواطؤ عناصر داخل وكالة المخابرات المركزية.
الأسئلة الملحَّة: لماذا لم يُنقذ كينيدي؟
رغم تكرر التحذيرات، لم تُتخذ إجراءات لحماية الرئيس. هل كان التغيير الأخير في مسار الموكب بُغرض تسهيل عملية الاغتيال؟ ولماذا أُهملت شهادة "روز شيرامي" التي كشفت عن تورط رجال المافيا في التخطيط؟.. الأكثر إثارة أن محاكمة كارلوس مارسيلو كانت تُختتم في نيو أورليانز خلال نفس أيام الاغتيال، ما يطرح تساؤلات عن صلة القضاء بالجريمة المنظمة.
وحتى اليوم، تظل هذه الأسئلة جوهر نظريات المؤامرة التي تحيط بواحدة من أكثر الجرائم السياسية غموضًا في التاريخ الأمريكي.