"الأخوة الإنسانية" بمجلس الأمن.. تأسيس لسلام عالمي وإشادة بدور الإمارات
دولة لم تدخر جهداً لنشر السلام بين الناس وترسيخ مبادئ الأخوة الإنسانية والتسامح والعيش المشترك، فحاولت من خلال رئاستها مجلس الأمن تعزيز التسامح ونبذ التعصب وخطاب الكراهية.
إنها دولة الإمارات، التي ترأس الشهر الحالي مجلس الأمن الدولي، وتعقد لليوم الثاني على التوالي جلسات برئاستها، كانت الأولى حول آثار التغير المناخي في تأجيج النزاعات حول العالم، فيما الثانية التي عقدت اليوم الأربعاء، اتخذت من قيم الأخوة الإنسانية في تعزيز السلام والحفاظ عليه موضوعاً للنفاذ منه حول أسباب الكراهية ونبذها.
جلستان على مدار يومين، أكدا رسالة دولة الإمارات في تعزيز السلام والحفاظ عليه، والقضاء على مظاهر التطرف التي تفاقم التهديدات، وتضع مراحل عملية السلام أمام خطر داهم.
فماذا دار في الجلسة الأخيرة؟
برئاسة دولة الإمارات افتتحت، يوم الأربعاء، جلسة مجلس الأمن رقم 9346، التي كان عنوانها "قيم الأخوة الإنسانية في تعزيز وإدامة السلام"، بجدول أعمال مؤقت، تضمن: صون السلام والأمن الدوليين، وقيم الأخوة الإنسانية في تعزيز السلام والحفاظ عليه".
وأقرت دولة الإمارات جدول العمل الذي يتحدث فيه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وشيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين الدكتور أحمد الطيب، ورئيس الأساقفة أمين العلاقات مع الدول في الكرسي الرسولي بول ريتشارد.
افتتحت الجلسة بكلمة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، توجه فيها بالشكر لحكومة الإمارات العربية المتحدة على الدعوة لهذه المناقشة "المهمة" حول قيم الأخوة الإنسانية في تعزيز السلام والحفاظ عليه.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن القادة الدينيين شركاء أساسيون في "مسعانا المشترك لتحقيق السلام العالمي"، مشيراً إلى أن كل دين من الديانات الكبرى يتحدث عن قيم الأخوة الإنسانية، ما يعد من احترامها أمراً ضرورياً.
رسائل أممية
وفيما حذر غوتيريش من "خطاب الكراهية الذي زاد بشكل كبير بين المجتمعات"، أكد أن الأمم المتحدة تعمل على اتفاق عالمي لضمان مستقبل آمن وحر لحقوق الإنسان وعدم التمييز.
الأمين العام للأمم المتحدة أكد أنه "على القادة الدينيين الحيلولة دون تسييس الكراهية في صفوف أتباعهم"، مهيباً بالقادة الدينيين والسياسيين وضع حد للحروب والنزاعات وتدمير البيئة.
وتابع: نرصد عاملاً مشتركاً يسبق اندلاع النزاعات وهو كراهية الآخر "فالكراهية تخرج أسوأ ما في الغريزة البشرية، وتنتج جرائم تسهم في دوامات من العنف، وتؤثر على اللحمة الاجتماعية".
وأضاف: "نحن نشهد زيادة في كراهية الأجانب وعدم المساواة وكراهية الإسلام ومعاداة السامية (..) نشهد شيطنة الآخر وانتهاك التنوع وازدراء حقوق الإنسان".
وأشار إلى أن إعلان الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، الذي تقدم به البابا فرنسيس وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، يشكل نموذجا من الرأفة والتضامن الإنساني.
وأكد أنه "علينا تجديد الالتزام للوقوف معا كأسرة بشرية واحدة، والتقدم بتحالف من أجل السلام يتجذر في حقوق الإنسان وقيم الأخوة البشرية، والاحتفاء بالتنوع والمساواة في الكرامة والحقوق والتضامن".
إشادة بدولة الإمارات
فيما قال شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، في كلمته بجلسة مجلس الأمن، أتحدث إليكم، تلبية لدعوة عزيزة من دولة الإمارات بصفتها عضوا منتخبا ورئيسا للدورة لحالية لمجلس الأمن".
وأشاد شيخ الأزهر بدور دولة الإمارات في نشر السلام قائلا: تلكم الدولة العربية الإسلامية، التي لا تدخر وسعا، لبذل كل جهد مخلص لنشر السلام بين الناس وترسيخ مبادئ الأخوة الإنسانية والتسامح والعيش المشترك.
وشدد الطيب على أن الإسلام يتمنى السلام للجميع على اختلاف دياناتهم وثقافاتهم، مضيفاً: القرآن الكريم يجرم أي ممارسة تجبر الناس على تغيير عقائدهم.
وفيما أكد أنه لا مكان لنظريات الصدام أو النزاع أو العرق في الإسلام، أكد أنه "ليس من العدل القول إن الإسلام دين الحروب".
وبحسب شيخ الأزهر، فإن سياسات الهيمنة العالمية سبب ظهور الإرهاب، مؤكداً أن "ربط الدين الإسلامي بظاهرة تفريخ الإرهاب ليس له أساس من الصحة".
ثقافة الحوار
وقال الطيب إن "الحرب بين روسيا وأوكرانيا تثير الرعب خوفاً من عودة العالم إلى العصر الحجري"، مؤكداً أن الأزهر "يعمل مع الكنائس والمؤسسات الدينية الأخرى على إحياء ثقافة الحوار والتعارف بين أتباع الأديان وترسيخ مبدأ التعايش السلمي".
وأشار إلى أن الأزهر قدم مع بابا الفاتيكان البابا فرنسيس من أبوظبي وثيقة الأخوة الإنسانية للسلام العالمي والعيش المشترك، والتي أكدت مبادئ الأخوة الإنسانية كأساس للسلم والأمن الدوليين.
في السياق نفسه، قال رئيس الأساقفة أمين العلاقات مع الدول في الكرسي الرسولي بول ريتشارد، نشهد حرباً عالمية ثالثة تدور رحاها بشكل متقطع، مضيفاً أن "الحروب والنزاعات تحول شعوباً إلى أعداء".
وأوضح، في كلمته أمام مجلس الأمن، أن عمل المجلس أساسي لتحقيق السلام حول العالم، مشيراً إلى أنه "بسبب الحرب تحول حلم تحقيق السلم إلى كابوس، فيما بات المال الذي يُستخدم في بيع الأسلحة مُلطخ بدماء الأبرياء".
الإمارات تدعو لإقرار التصدي لخطاب الكراهية
ومن جانبها، دعت نورة الكعبي وزيرة الدولة الإماراتية، مجلس الأمن الدولي إلى الإقرار بأن التصدي لخطاب الكراهية والعنصرية والتطرف بكافة أشكاله وصوره والوقاية منه هو جزء لا يتجزأ من ولاية المجلس في صون السلم والأمن الدوليين.
وأضافت، في بيان دولة الإمارات، الذي ألقته في جلسة مجلس الأمن على المستوى الوزاري بشأن "قيم الأخوة الإنسانية في تعزيز السلام واستدامته".
وشددت الكعبي على أنه "في عالم يعاني من انتشار النزاعات المسلحة التي بلغت ذروتها منذ الحرب العالمية الثانية، بات الواقع أكثر خطورة وتعقيدا، في ظل ما نشهده من انقسامات متزايدة وموجات متصاعدة من خطاب الكراهية والتطرف بجميع أشكاله".
وأكدت أن "على المجلس تبني نهج استباقي لخطاب الكراهية والتطرف، إذ يجب أن يشمل ذلك كل مراحل النزاع، بدءاً من العمل على منعه، ومروراً بوضع حلول له في حالة وقوعه، ووصولاً لجهود بناء السلام واستدامته."
وفي سياق متصل، أشارت إلى أن "التصدي لتهديدات التطرف والعنصرية وخطاب الكراهية، يتطلب حلولاً متعددة تمتدُ على مختلف القطاعات والسياسات العامة".
وأكدت على "أهمية الدور الذي يتوجب على قادة رجال الدين والمجتمعات المحلية لعبه في هذا الصدد".
دعوة لإشراك الشباب والنساء
من جانبها، قالت ممثلة المجتمع المدني، لطيفة بن زياتن رئيسة جمعية عماد بن زياتن للشباب والسلام والحائزة على جائزة زايد للأخوة الإنسانية، إن "على الشعوب والمدارس والمؤسسات الدبلوماسية أن تدافع عن السلام ومبادئ الإنسانية المشتركة".
وأضافت أنه "من الضروري إشراك النساء والشباب في التدريب والحوارات والمبادرات الخاصة ببناء السلام".
وتابعت: "أعتقد أن ما نحتاجه هو الانخراط بشكل هادف في الحوار وإيجاد الحلول معاً".