كيف ساهم التغير المناخي في تأجيج النزاعات؟ إجابة ترسمها الإمارات وتضع روشتة للحل
تحديات فريدة من نوعها وضعتها التغيرات المناخية على طاولة دول العالم، وخاصة بعد أن باتت المحرك الرئيس لعدد من النزاعات، مما استدعى تحركات إقليمية ودولية.
تحركات نسج خيوطها التبعات الوخيمة للتغيرات المناخية، والتعقيدات الكبيرة التي باتت تمثلها على السلام والأمن الدوليين، وخاصة على بعض المجتمعات التي تقع في الخطوط الأمامية.
خطر أدركته دولة الإمارات جيدًا؛ وشخصته في كلمة وزيرة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات مريم بنت محمد المهيري، خلال جلسة مجلس الأمن التي عقدت يوم الثلاثاء، حول تأثير تغير المناخ على قدرات بعثات عمليات حفظ السلام.
وقالت مريم بنت محمد المهيري، في كلمة دولة الإمارات، إنه في العام 2007، اجتمع هذا المجلس للمرة الأولى لمناقشة التداعيات المحتملة للتغيرات المناخية على السلام والأمن الدولي، مشيرة إلى أنه خلال الاجتماع، أثار المتحدثون شواغل تتصل بالمخاطر المناخية مثل خسارة الموارد الطبيعية وارتفاع مستوى سطح البحر، وحالات الطقس الشديدة التي تمثل حافزا لاندلاع النزاعات.
إلا أن العلاقة التي تربط التغيرات المناخية والأخطار التي تهدد السلام والأمن، طعن فيها البعض، وشككوا في قدرة المجلس باعتباره جهة قادرة على تسريع العمل المناخي، بحسب المهيري، التي قالت إنه رغم مرور 16 عاما، لم يتطور الأمر كثيرا.
وأشارت إلى أن التهديد المتمثل في التغيرات المناخية كمضاعف للمخاطر لم يعد سيناريو افتراضيا، بل عبارة عن حقيقة نعيشها بشكل يومي، في الكثير من مناطق النزاعات حول العالم.
كيف ساهمت التغيرات المناخية في تأجيج النزاعات؟
وبحسب وزيرة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات، فإن الدراسات العلمية حددت العلاقة المعقدة بين التعرض للمخاطر والتغيرات المناخية والنزاعات المسلحة، وأوضحت كيف لهذه العناصر أن تمثل دائرة مدمرة.
واستدلت المهيري، على ذلك قائلة، إن حركة الشباب الإرهابية دائما ما تستغل استمرار الجفاف في القرن الأفريقي، وتعمل على تجنيد الشباب في المجتمعات التي تعاني من النزوح، وتفرض الضرائب على الفلاحين والرعاة.
وأشارت إلى أنه في الشهر الماضي، ظهرت التبعات الوخيمة لهذه الدينامية عندما قتل حركة الشباب الإرهابية، 54 من حفظة السلام الأوغنديين الذين كانوا جزءا من بعثة الاتحاد الأفريقي في البلاد.
علاوة على ذلك، فإن الشرق الأوسط -كذلك- به 14 من أكثر من 33 بلدا يعاني من نقص المياه حول العالم، ابتليت بالتغيرات المناخية، تقول المهيري، مشيرة إلى أن تعرض العراق للتغيرات المناخية ونقص المياه يمثل خطرا كبيرا على تعافيه من النزاعات وقد يؤدي إلى ارتفاع معدل النزوح، والضغط على علاقاته مع البلدان المجاورة، بسبب الموارد المائية.
وفي جنوب السودان، فإن استمرار الفيضانات قد فاقمت الأزمة الإنسانية الشديدة بالفعل، مما يعرقل من قدرة بعثات حفظ السلام الأممية، على تنفيذ ولاية مجلس الأمن بحماية المدنيين، تقول المهيري، مشيرة إلى أن الآثار السلبية للتغيرات المناخية قد أذكت من جذوة التوترات بين مجتمعات الرعاة والمزارعين مما يساهم في اندلاع العنف بهذه الأماكن.
ليس هذا فحسب، بل إن التغيرات المناخية رسخت من انعدام المساوة حيث تتعرض النساء والفتيات إلى الكثير من المواقف الخطيرة عندما يتم تقويض الموارد الطبيعية والإنتاج الزراعي.
لكن ما أسباب عدم استجابة مجلس الأمن غير الكافية للتغيرات المناخية؟
وفيما حذرت من هذه التبعات الوخيمة للتغيرات المناخية التي ستزيد من حيث الحدة بمرور الوقت، قالت إن استجابة مجلس الأمن ظلت غير كافية لسببين، أولهما: أن الحجم غير المسبوق والتعقيد الكبير للتغير المناخي يمثل تحديا فريدا من نوعه للاستجابات التي تقدمها المنظومة متعددة الأطراف.
المهيري أضافت: نقف أمام أزمة عالمية بها الكثير من العوامل المتضافرة على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والتاريخي، مما يجعل من الضروري التوصل لتوافق عالمي.
ثاني أسباب عدم الاستجابة الكافية من مجلس الأمن، يتمثل في أن آثار التغيرات المناخية على السلام والأمن بالغة التنوع وترتبط بسياقات محددة، بحسب وزيرة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات مريم بنت محمد المهيري، التي حذرت من إغفالها.
ما روشتة الحل؟
- يجب ألا نخشى على عدم قدرتنا على القياس الكبير للآثار المناخية، وألا يوقفنا ذلك على التعامل مع هذه الأزمة
- من الضروري لمنظومة متعددة الأطراف وبينها مجلس الأمن، أن تتكيف مع الطبيعة المنهجية والبطيئة والمتنوعة للتغيرات المناخية.
- التصدي للأزمة المناخية يحتاج إلى خبرات محددة من منتديات أخرى.
- اعتماد المحاولات المبتكرة لرسم صورة أوضح والتصدي للعلاقة المتبادلة بين التغيرات المناخية والسلام والأمن.
- على المجلس أن يتعامل مع النزاعات من منظور يراعي التغيرات المناخية.
- يجب تعزيز قدرات وولاية عمليات السلام ذات الصلة.
- دمج التغيرات المناخية في عمليات التخفيف من آثار المخاطر واستراتيجيات التكيف بالإضافة إلى جهود منع اندلاع النزاعات وتسويتها.
- استخدام آلية الأمن المناخي وإرسال خبراء في الأمن المناخي في بعثات الأمم المتحدة.
- استخدام مجموعة الخبراء غير الرسمية لأعضاء مجلس الأمن بشأن التغير المناخي والسلام والأمن.
- استكمال جمع البيانات المنهجية ورفع التقارير من جانب الأمين العام بشأن الملفات ذات الصلة.
- تجنب الاستقطاب في نظر المجلس لهذه القضايا.
- الاستماع والتواصل مع الممثلين المحليين من المجتمعات التي تقع في الخطوط الأمامية، لا سيما النساء والشباب، بالإضافة إلى المنظمات الإقليمية التي تقود المبادرات المناخية.
- السماح لتلك المجتمعات تقديم الحلول المناسبة لسياقاتهم، ما يثري من استجابة المجلس، بإضافة البعد المحلي
- تعزيز الحلول الشاملة لهذه التحديات متعددة الأبعاد.
هل من دور إماراتي؟
المهيري قالت إن دولة الإمارات تخطط لعقد يوم بشأن الإغاثة والتعافي والسلام في "كوب 28" المقرر عقده في دبي، لأول مرة في تاريخ المؤتمر متعدد الأطراف، مما يسلط الضوء على التقاطع بين التغير المناخي والسلام والأمن.
وأوضحت أن دولة الإمارات ستقترح حلولا عملية، للتعامل مع العبء المناخي على الاستقرار، مشيرة إلى أنها ستدعم خطة طموحة في هذا المؤتمر، للاستجابة للنقص الخطير في التمويل المناخي الكافي الذي يمكن الحصول عليه بسهولة، لا سيما في المجتمعات والبلدان التي تواجه أزمات إنسانية وأمنية.
وأشارت إلى أن الرابط بين التغيرات المناخية والسلام والأمن قد تكون قضية غير متطورة بما يكفي لهذا المجلس، "إلا أننا إذا أغفلنا هذه القضية في مداولاتنا، سنواجه خطرا يتمثل في عدم تحقيق السلام والأمن على مستوى العالم".
وأكدت ان الوقت حان لرسم سورة واضحة لهذه الظاهرة، وعلاقتها مع الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي، وتحديد الكيفية التي "يمكن أن نتعاون لبناء مجتمعات أكثر ازدهارا وقادرة على الصمود في مواجهة التغيرات المناخية وتحقيق السلام".