فخار سجنان.. حرفة يدوية لم يخفت بريقها منذ قرون في تونس
فخار "سجنان"، تراث بربري أمازيغي ضارب في القدم لم يخفت بريقه رغم مرور قرون، حيث توارثته نساء المدينة وأبدعن في صنعه.
تراث عريق أدرج في عام 2018 ضمن قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لمحافظته على شكله وطريقة صنعه الأصليين.
وسُمّي هذا الفخار باسم "سجنان" نسبة إلى مدينة سجنان وهي بلدة نائية في أرياف محافظة بنزرت أقصى شمال البلاد، وتمتاز بشواطئها الرملية وغاباتها الشاسعة، وصناعة الفخار البربري.
وتعود جذور فخار سجنان ومهارة صنعه إلى البربر أو الأمازيغ، حيث كانوا يمتازون بهذه الحرفة وتوارثها التونسيون منهم وخاصة نساء منطقة سجنان، حيث أن صناعة الفخار تتم بشكل يدوي تقليدي كما كانت عليه قبل مئات السنين.
على مدار السنة، يلقى فخار سجنان البربري إقبالاً متزايداً من السياح والتونسيين أيضاً، ويزداد الإقبال عليه في المناسبات والأعياد، لكنه يُباع بأسعار زهيدة ما يجعل هؤلاء النساء يشقين ويتعبن من أجل كسب قوت يومهن.
نساء يبدعن بإمكانيات بسيطة ليخلقن أجمل الأشكال والرسومات التي وصلت إلى العالمية، منتجات طبيعية لا تحوي أي مواد أخرى تُسحِر الزائرين بمدينة سجنان.
طريقة صنع هذا الفخار صعبة للغاية وتتطلب جهوداً كبيرة، حيث تذهب النسوة إلى مرتفع الجبل في بلدة سجنان لجلب الطين الأحمر ثم وضعه في الماء، قبل عملية الترطيب بأرجلهن ثم بأيديهن حتى يتماسك ثم يُضاف مسحوق بقايا الأواني المكسورة وتشكيل أجمل الأواني وتحف الديكور ووضعها في الفرن وحرقها بالنار التي يشتعل لهيبها ويقوى كلّما أضيف إليه فضلات المواشي والحجر وبقايا أغصان الشجر.
ويتميّز فخار سَجنان بنوعية الطين الغنّي بالكلس، وبنقوش مختلفة ورسومات تحكي نمط حياتهن أحياناً وهي أغلبها نقوش بربرية ورسومات.
مدينة سجنان رغم جمالها كتحفة فنية تجمع بين جمال شواطئها ورمالها الساحرة وجبالها وغاباتها المخضرة إلا أنها تعاني من ارتفاع نسب الفقر والبطالة.
تاريخ بربري
وقال أستاذ التاريخ التونسي طارق المسعي إن صناعة الفخار اليدوي بسجنان يعد تقليداً اجتماعياً دأبت على صناعته نساء سجنان حتى المتعلمات منهن وصاحبات الشهادات العلمية باعتباره فن لا يمكن تركه بسهولة او الاستغناء عنه.
وأضاف المسعي لـ"العين الاخبارية" إن البربر صنعوا كلّ ما هو ضروري للحياة اليومية كأواني الطبخ من فناجين وكؤوس وصحون وأوان للطهي والتخزين كما كانوا يصدرون سلعهم إلى الخارج حيث كانت تجارة كبرى في عهدهم.
وتابع: "ومع قدوم الفينيقيين الذين نشطت تجارتهم محليا وعبر موانئ البحر المتوسط، كان لصناعة الفخّار نصيب كبير من اهتماماتهم حيث طوروا في هذه الصناعة".