حمام العبد.. تراث ونظافة واستجمام في لبنان (صور)
تشتهر طرابلس، في شمال لبنان، بحماماتها التراثية، والتي لا تزال شامخة بحجارتها وزخرفها، لتروي قصص حقب تاريخية مرّت على بلاد الأرز.
ومن أشهر هذه الحمامات على الإطلاق "حمام العبد" الذي يقع قرب خان الصابون الأثري وسط مدينة طرابلس. ويعود هذا الحمام التراثي، كما قال المسؤول عنه مصطفى ستوت، إلى "عهد العثمانيين أي إلى حوالي 700 عام مضت، فهو حمام تركي عربي ما زلنا نحافظ على كيانه، حيث نثابر على صيانته والاهتمام به، وما يميزه عدا أنه أثري، إنارته الطبيعية من الشمس؛ وذلك عبر أقداح مزروعة في السقوف، وكذلك محافظته على التقاليد القديمة".
ورغم الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، إلا أن هناك إقبالا جيّدا على الحمام، ويرجع ستوت ذلك إلى "أن المياه غير متوفرة بشكل متواصل لدى سكان المدينة بالإضافة إلى التقنين الكهربائي، ومن هنا يجد الناس فيه وسيلة للاستحمام والترفيه في ذات الوقت".
وأضاف: "لا يقتصر استقبال الزبائن على أهل طرابلس، بل يأتي إلينا زوار من مختلف المناطق بالإضافة إلى السياح العرب والأجانب بهدف التعرف على الأماكن الأثرية وتاريخ المدينة، كما يستقبل الحمام زبائن من مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية".
كما لا يقتصر الحمام على الرجال فقط بل هناك قسم مخصص للنساء، ويقول القائم على الحمام: "نستقبل العرائس قبل ليلة زفافهن، يستحممن ويتكيسن، ويتم وضع الحنة والعطور لهن، يسعدن بشكل كبير كون الخدمة مميزة إضافة إلى أنهن يعدن ولو لساعات إلى تقاليد الجدود".
وتستقبل الزوار نافورة مياه تتوسط الباحة الخارجية ذات الأرضية الرخامية وأسقف مزخرفة بالرسومات، ليبدأ بعدها الشعور بالدفء، حيث يغطي البخار الأرجاء، وتفوح رائحة الصابون في كل مكان.
ويشرح ستوت "فور دخول الزبون يسارع العمال لتقديم كل ما يحتاج، ولكل منهم مهمة، من استلام ملابس الزبون إلى من يساعده على ارتداء المناشف المخصصة لدخول غرف الاستحمام، إضافة إلى تزويده بالصابون الذي يختاره، إذ يوجد لدينا أنواع متعددة من البلدي إلى العسل والورد والغار وغيرها".
ويتألف الحمام من 3 أقسام، الأول يطلق عليه "الجواني" أي الأكثر عمقاً، ويضم غرفة "سونا" وغرفتين للتبليل، وفيه يستحم الزبون قبل الانتقال إلى غرفة "التكييس". وفي هذه الغرفة كما قال ستوت "يقوم موظف بحف جسم المستحم بواسطة كيس خشن ومنها ينتقل إلى غرفة التدليك".
أما القسم الثاني فيطلق عليه "الوسطاني" ويتميز بحرارته المعتدلة وهو مخصص لمن أنهوا استحمامهم حيث يجلسون فيه بانتظار أن يبرد جسدهم. والقسم الثالث يطلق عليه "البراني" وفيه يرتاح المستحم بعد الانتهاء من جولته في الحمام".
وأضاف ستوت: "في الماضي كانت كلفة الدخول إلى الحمام 30 ألف ليرة للشخص الواحد، لكن مع ارتفاع سعر صرف الدولار ومعه أسعار كل شيء في هذا البلد اضطررنا إلى رفع التسعيرة إلى 100 ألف للرجال و200 ألف ليرة للنساء، وذلك كي نتمكن من المحافظة على الجودة التي اعتاد عليها الزبائن".
وفيما إن كانت الدولة تبدي اهتمامها بالحمامات التراثية قال ستوت: "للأسف كلا، بتعبنا وجهدنا نحافظ على حمام العبد، كي لا يتحول كما حمامات عدة إلى مجرد معلم سياحي".