صلاح الدين دميرتاش.. "سجين" أردوغان ينافسه بالرئاسة
تصفه وسائل الإعلام الدولية والمحلية بعدو الرئيس التركي ورغم سجنه من نظام أردوغان أعلن حزبه عن ترشيحه لانتخابات الرئاسة.
"عدو أردوغان اللدود".. هكذا تصف وسائل الإعلام الدولية والمحلية، صلاح الدين دميرتاش، رئيس حزب الشعوب الديمقراطي المناصر للأكراد، الذي أعلن حزبه اليوم ترشيحه للرئاسة التركية.
دميرتاش الذي يعد المسؤول الأكبر عن نجاح حزبه في انتخابات السابع من يونيو/حزيران، حيث تمكن من توسيع قاعدة الحزب لتتخطى أبعاد القضية الكردية، وحوله إلى تشكيل يساري حديث يدافع عن "حقوق النساء وكل الأقليات وطرح نفسه كـ"بديل وحيد حقيقي" لحزب العدالة والتنمية.
نشأة دميرتاش
ولد صلاح الدين دميرتاش في 10 أبريل /نيسان عام 1973، في مدينة معمورة العزيز شرق تركيا، وتخرج في كلية الحقوق جامعة أنقرة، بعدها مارس المحاماة، كما أسس مكتب ديار بكر لمنظمة العفو الدولية.
بدأ حياته السياسية عضواً في حزب "المجتمع الديمقراطي" اليساري الكردي عام 2007، ثم ترشح كنائب عنه في البرلمان، قبل أن تحظره المحكمة الدستورية العليا عام 2009 بحجة ارتباطه بحزب العمال الكردستاني، ثم ترشح فيما بعد كنائب عن حزب "السلام والديمقراطية" اليساري الكردي الذي حظرته المحكمة لنفس الأسباب.
في عام 2010 صدر حكم قضائي في حقه بالسجن عشرة أشهر، بسبب خطاب ألقاه عام 2006، دعا فيه إلى "تثمين دور الزعيم الكردي عبد الله أوجلان في حل المسألة الكردية"، لكن الحكم خفف ليتحول إلى إطلاق سراح تحت المراقبة لمدة خمس سنوات.
أعيد انتخابه عام 2011 في البرلمان بعدما ترشح ضمن لائحة مشتركة بين حزبه و18 هيئة سياسية، وقد مهد هذا التحالف لإنشاء حزب الشعوب الديمقراطي برئاسة مشتركة بين دميرتاش والسياسية فيغان يوكسيك داغ عام 2014، وهي السنة نفسها التي ترشح فيها لانتخابات الرئاسة في مواجهة كل من رجب طيب أردوغان وأكمل الدين إحسان أوغلو، غير أنه حل ثالثاً بنسبة لم تتجاوز 9.77% من الأصوات.
وفي عام 2014 أسس دميرتاش مع الصحفية والناشطة النسوية، فيجي يوكسيكداج حزب "الشعوب الديمقراطي"، بغرض تجميع أجنحة اليسار السياسي في حزب واحد، خاض به الانتخابات الرئاسية التركية عام 2014 وحل ثالثاً بـ9.77% من الأصوات.
سجن دميرتاش
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لا يفوت فرصة لقمع أي صوت معارض، لم يدع فرصة أمام دميرتاش، المحامي البالغ من العمر 42 عاماً، الذي لمع نجمه كسياسي بارع، فاعتلقه في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، مع 10 نواب من حزبه، خوفاً من أردوغان على شعبيته التي انخفضت لأدنى مستوياتها بسبب حملات القمع والاعتقالات المستمرة من أجهزة أمنه ضد جميع أطياف الشعب التركي، وتنامي شعبية دميرتاش، عقب محاولة الانقلاب في يوليو/تموز 2016.
أردوغان اتهمه بممارسة "نشاطات إرهابية" في ظل التهم الفضفاضة التي يوجهها أردوغان لكل معارضيه، حتى يزج بهم في السجون، كما يتهم أردوغان حزب الشعوب بأنه الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني، الذي حظره نظام أردوغان وصنفه كحزب "إرهابي"، هذه الاتهامات التي لطالما رفضها الحزب، مؤكداً أنه مستهدف لأسباب سياسية بسبب معارضته الشديدة لأردوغان ودفاعه عن القضية الكردية في تركيا.
وفي 21 فبراير /شباط 2017 حكمت محكمة تركية بسحن دميرتاش 5 أشهر، في قضية ضمن عشرات القضايا التي توقع مراقبون بأن تبلغ مجموع الأحكام فيها إلى 142 سنة سجناً.
إرهاب أردوغان يهدد حزب "الشعوب"
لم يسلم نواب الحزب في البرلمان من إرهاب نظام أردوغان فأسقط عضوية 5 من نوابه الـ59 الذين انتخبوا في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وفي مايو/أيار 2016، تم توقيف نواب الحزب بعد رفع الحصانة البرلمانية عن الملاحقين قضائياً منهم، في إجراء واجه تنديداً شديداً من الحزب الذي اعتبره مناورة من الحكومة موجهة ضده.
دميرتاش ينهي سيطرة أردوغان على البرلمان
بعد نجاح حزب الشعوب من حصد 80 مقعداً في البرلمان و13% من الأصوات، الانتخابات التشريعية الأخيرة التي أجريت في السابع من يونيو/حزيران الماضي، أنهى حزب الشعوب الديمقراطي الهيمنة التامة لحزب العدالة والتنمية على البرلمان منذ 13 عاماً، ما دفع إلى توتر شديد في العلاقات بين النظام التركي والحزب.
منافسة محتدمة بين أردوغان ودميرتاش
في عام 2015، وقبل الانقلاب المزعوم، كان زعيم حزب الشعوب الديمقراطي يخطب من على المنابر أمام الآلاف من أنصاره المتحمسين، وبسبب التضييق في الفترات التي تلت ذلك استبدل دميرتاش كل تجمعاته ولقاءاته بأماكن مغلقة، على خلفية اعتداء في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول في أنقرة، أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص من أنصار اليسار والقضية الكردية، خلال "مسيرة من أجل السلام"، كما تم استهداف أحد تجمعاته في ديار بكر في الخامس من يونيو/حزيران.
دميرتاش قال عن أردوغان في تصريحات سابقة "إنه يرى في السياسة سلطة شخصية. ويرى نفسه زعيماً دينياً على خلافة"، معتبراً أن "سلطات أردوغان دفع بتركيا إلى شفير حرب أهلية لدرجة أن الناس باتوا يكرهون بعضهم البعض".
وبفضل القاعدة الجماهيرية التي كونها دميرتاش حتى وصل بحزبه ليكون الثالث من حيث القاعدة الجماهيرية في تركيا، فإنه سيكون منافساً غير سهل لأردوغان في انتخابات الرئاسة.
السجن لم يكسره
ولم يتمكن أردوغان من كسر دميرتاش في السجن، فقد تمكن خلال السنة التي سجن فيها من إرسال العديد من الرسائل، وكتابة قصص وروايات، ومقالات، كما أجرى العديد من اللقاءات وعبر عن العديد من الرؤي والمواقف السياسية، ليثبت وجوده كمنافس قوي على الساحة السياسية.