السنغال أمام اختبار كازامانس.. شرارة معزولة أم نذير انفجار قادم؟

في لحظة كانت فيها السنغال تستعد لتثبيت أقدامها على طريق الاستقرار، جاء هجوم كازامانس ليضع اتفاق السلام المُوقع حديثا بين فكي اختبار مبكر.
فالاشتباك بين الجيش ومجموعة مسلحة مجهولة، في إقليم أنهكته عقود من التمرد، «لم يكن مجرد خرق أمني، بل رسالة قد تحمل توقيع من لم يرضوا بعد بلغة التسويات»، بحسب خبراء لـ«العين الإخبارية».
ويوم الأربعاء الماضي، اندلعت اشتباكات بين القوات المسلحة السنغالية ومجموعة مسلحة في إقليم كازامانس، مما أدى لإصابة جندي واختفاء آخر، كثف الجيش السنغالي عملياته للبحث عنه.
الاشتباكات جاءت إثر عملية للجيش السنغالي في إطار تعزيز وجوده العسكري في محيط بلدة بينيونا، رداً على هجمات نفذها مسلحون يوم 13 أبريل/نيسان الجاري في منطقة دجيناكي، بحسب بيان الجيش.
تطور مقلق
تقول مصادر لـ«العين الإخبارية»، إن الاحداث الأخيرة في منطقة كازامانس تؤكد تصريحات بعض فصائل المتمردين بأنها لا تأخذ بعين الاعتبار الاتفاقيات التي أبرمتها السلطات الجديدة مع المتمردين في غينيا بيساوو بواسطة الرئيس عمرو امبالو.
المصادر التي رفضت الإفصاح عن هويتها، قالت إن الهجوم الأخير الذي استهدف وحدة عسكرية وأسفر عن اختفاء جندي وإصابة آخر بجروح خطيرة يمثل تطورًا مقلقًا في المشهد الأمني السنغالي، كونه وقع في منطقة ينحدر منها رئيس الوزراء الحالي، مما يضفي عليه بعدًا سياسيًا حساسًا، إذ قد يُستخدم لاحقًا في الخطاب المعارض كدليل على هشاشة السلطة وضعف نفوذها في مناطقها الحيوية.
ليس هذا فحسب، بل إن تزامن الهجوم مع بداية المرحلة الانتقالية يهدد بتشويش أولويات الحكومة الجديدة التي تركز على الإصلاح السياسي والتنمية، بحسب المصادر التي حذرت من أن الأثر الأمني قد لا يقتصر على العملية ذاتها بل يتعداها إلى إحياء نشاط الجماعات المسلحة أو المهربين في المنطقة ما يستدعي تعزيز التنسيق بين الأجهزة الأمنية وتكثيف العمل الاستخباراتي.
وخاض إقليم كازامانس في السنغال على مدار 4 عقود صراعا ومطالبات بالانفصال، إلا أنه في فبراير/شباط الماضي، شهد انفراجة بعد أشهر قليلة من إسناد منصب رئيس الوزراء إلى عثمان سونكو، المنحدر من الإقليم.
انفراجة تمثلت في توقيع حركة القوى الديمقراطية في كازامانس والحكومة المركزية اتفاق سلام بوساطة من رئيس غينيا بيساو، عمر سيسوكو إمبالو، نص على تسريح المتمردين وإعادة دمجهم اجتماعيا واقتصاديا.
حادث عرضي؟
رئيس الرابطة العربية الأفريقية بالسنغال الدكتور محمد المختار جي، اعتبر التطور الأخير، بمثابة حدث عرضي، قائلا إن الشرطي الذي قتل متطوعا وليست له علاقة مع جبهة المتمردين بكازامانس، فيما ألقي القبض على القاتل.
ورغم ذلك، رأى الباحث السوداني في الشؤون الأفريقية الدكتور محمد تورشين أن الحادث في كازامانس يعكس هشاشة الأوضاع والاضطرابات التي يعاني منها الإقليم.
وأوضح تورشين لـ«العين الإخبارية»، أن الإقليم الذي يمتد إلى مساحات واسعة على الحدود مع غينيا الاستوائية وغامبيا هش تماما، مضيفا أن عدم انتشار ووجود عناصر كبيرة من الجيش السنغالي في تلك المنطقة سيؤثر تأثيرا سلبيا في أمن واستقرار الإقليم.
ورغم ذلك، فإنه اعتبر أن الحادث الأخير لن يؤثر سلبا في مسار اتفاق السلام، قائلا إن الحكومة السنغالية جادة في تنفيذ هذا الاتفاق، وذلك لانحدار رئيس الوزراء من هذه المنطقة وأن هنالك شخصيات أخرى كبيرة ليس لديها رغبات انفصالية.
وبحسب الباحث السوداني، فإن هذا الهجوم نفذه الفصيل المتمرد بالمنطقة، لأن جبهة كازامانس لم تكن موحدة يوما ما، مشيرا إلى أن هناك مجموعات متشددة أو صقورا متمسكون بقضية الانفصال، في إشارة إلى مسؤوليتها عن الحادث الأخير، من أجل عدم المضي قدما في تنفيذ اتفاقية السلام.
وأكد أن كل الأطراف بشكل عام لديها مصلحة في تنفيذ الاتفاقية، وسيعملون على تنفيذها، لكن الأمر يقتضي جهود أكبر للوساطة في غينيا بيساو، وكذلك قدرة الجيش السنغالي على الانتشار في تلك المناطق من أجل السيطرة وتنفيذ الإتفاق،.
سياسة جديدة
من جهته أوضح رئيس الرابطة العربية الأفريقية بالسنغال الدكتور محمد المختار جي، أن إقليم كازامانس يعيش حالة هدوء واستقرار نسبي.
وأوضح جي لـ«العين الإخبارية» أن مواطني كازامانس يفضلون السلام وبناء الاستقرار في المنطقة التي عانت الكثير من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية بسبب التمرد.
آمال تتزامن مع سياسة جديدة للحكومة السنغالية، تتمثل في إنعاش منطقة كازامانس وخاصة بعض المناطق التي كانت فقيرة ومهجورة، بحسب المختار جي، الذي قال إن هناك خطة تعرف بـ«جوماي من أجل كازامانس»، وهي مشروع جديد لإحيائها وتطويرها.
aXA6IDE4LjIyMi4xMTYuNjQg جزيرة ام اند امز