ثمة غالبية صامتة هذه اللحظة ترفض طرفي النزاع وغير مؤمنة بتصريحات كل واحد منهما على أنه يدافع عن سوريا ووحدة أراضيها.
فيما يتعلق بما يجري على الأرض السورية، ما عاد مجدٍ الحديث عن ماهية الطرف الذي يمتلك الشرعية في الاستمرار بحربه ضد الآخر، فكل الأطراف على خطأ وإن ظنت عكس ذلك فهي واهمة.
ثمة غالبية صامتة هذه اللحظة ترفض طرفي النزاع وغير مؤمنة بتصريحات كل واحد منهما على أنه يدافع عن سوريا ووحدة أراضيها.
سوريا، الحرب فيها من نوع آخر بين طرفين كل واحد منهما يدعي أنه الحق ونظيره الباطل، وللأسف السوريون هم من يدفعون الثمن الباهظ لهذه الحرب التي قتلت حتى هذه اللحظة نحو نصف مليون شخص وشردت الملايين داخل البلاد وخارجها.
الفئة هذه هي المتهمة من الطرفين بالخيانة، فلا النظام راضٍ عنها لعدم التصفيق له ومناصرته ظالماً كان أو مظلوماً، ولا المعارضة تقبل ما تسميه الموقف الرمادي لهذه الفئة وفي الحقيقة أنه في ميزان الربح والخسارة أكثر المتضررين.
على مرّ التاريخ لم تدم حرب إلى ما لا نهاية على الإطلاق، كل الحروب مصيرها المصافحة وإنهاء الصراعات مهما حصدت الحروب من قتلى ومهجرين ونازحين وأيتام.
سوريا، الحرب فيها من نوع آخر بين طرفين كل واحد منهما يدعي أنه الحق ونظيره الباطل، وللأسف السوريون هم من يدفعون الثمن الباهظ لهذه الحرب التي قتلت حتى هذه اللحظة نحو نصف مليون شخص وشردت الملايين داخل البلاد وخارجها.
المراقب لسير المعارك في سوريا يدرك حجم التأثير الخارجي على المتصارعين على الأرض، فبداية الحراك كانت هناك نماذج كثيرة تستحق الوقوف عندها، لعلها قصة الضابط في الجيش السوري عندما كان يقاتل في ريف دمشق ورمى سلاحه متوجهاً إلى عناصر من الجيش السوري الحر آنذاك، داعياً إياهم للتفاهم والعيش في كنف سوريا موحدة لا فرق فيها بين شخص وآخر.
موقف الضابط السوري هذا لم يكن الوحيد، فذاكرة الحراك السوري تحتفظ بما قاله أبوفرات وهو الضابط المنشق عن جيش النظام، عندما دخلت قواته مدرسة المشاة شمال حلب فبكى بحرقة، وقال: "إنه غير سعيد لمقتل زملائه في الأمس - ويقصد ضباط الجيش السوري - ولكن النظام هو من دفعهم لذلك بعدم سماع صوتهم ومطالباتهم".
صورتان اثنتان كفيلتان باختصار المشهد السوري قبل التدخلات الخارجية وتغذية الصراع مرة على أساس طائفي وأخرى على أساس طبقي، وبالفعل نجحت الأطراف الخارجية بحرف مسار الأحداث إلى حرب باسم سوريا بينما الأطراف التي تتصارع هي من خارج الحدود.
في الحرب السورية الدائرة رحاها حتى هذه اللحظة، صور ومشاهدات لا يمكن لعاقل تحملها، فقط أبناء هذا البلد استطاعوا أو كابروا كثيراً على أنفسهم من أجل عد الساعات التي تنتهي فيها الحرب على أرضهم.
فمن الطفل إيلان الذي وُجِد ملقياً على شاطئ البحر عقب محاولة هجرة فاشلة، إلى أطفال مضايا والزبداني وكفريا والفوعة المحاصرين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم وُلدوا في زمن هذه الحرب المجنونة.
مدن بكاملها دُمرت والحجة دائماً كانت الحرب دفاعاً عن سوريا كما يقول النظام، أو من أجل إنقاذها من نظام ديكتاتوري كما تحب المعارضة وصف قتالها، ولكن في المقابل كل طرف يحاول تعليل قصفه وقتله للمدنيين.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة