من التحديات الأمنية إلى الاقتصاد.. أجندة حافلة لقمة «شنغهاي للتعاون»

تكتسب قمة منظمة شنغهاي للتعاون هذا العام أهمية استثنائية، ليس فقط من حيث حجم المشاركة أو ثقل القادة المجتمعين على طاولتها، بل لأنها تنعقد في مرحلة دقيقة من التحولات الجيوسياسية العالمية.
فمع تصاعد التوتر بين الشرق والغرب، وتراجع هيمنة النموذج الأحادي بقيادة الولايات المتحدة، تبدو القمة منصة تسعى من خلالها الصين لتأكيد موقعها كقوة صاعدة تقود «الجنوب العالمي»، فيما تراها روسيا فرصة ثمينة للحصول على دفعة دبلوماسية في مواجهة العزلة والعقوبات الغربية.
ويستضيف الرئيس الصيني شي جين بينغ نحو 20 من قادة العالم في تيانجين ضمن قمة تستمر يومين، تُعد الأكبر منذ تأسيس منظمة شنغهاي للتعاون عام 2001.
المنظمة التي بدأت بست دول أوراسية، توسعت لتشمل عشر دول دائمة العضوية و16 دولة بصفة مراقب أو شريك حوار، مع توسيع أجندتها من قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب إلى التعاون الاقتصادي والعسكري.
بوتين ينتقد الغرب ويطمح بالدعم
وقبيل وصوله، قال بوتين في مقابلة مع وكالة «شينخوا» الصينية إن روسيا والصين تقفان ضد العقوبات «التمييزية» في التجارة العالمية، مؤكداً توافق البلدين على رفض الهيمنة الغربية.
ويأتي ذلك فيما يواجه الاقتصاد الروسي ضغوطاً شديدة بفعل كلفة الحرب والقيود التجارية المفروضة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ووصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، إلى مدينة تيانجين الساحلية شمالي الصين، لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون، في زيارة نادرة تستمر أربعة أيام وتُبرز متانة العلاقات بين موسكو وبكين في ظل الضغوط الغربية والعقوبات المفروضة على روسيا منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وبثّت وكالة «تاس» الروسية مشاهد استقبال رسمي لبوتين على البساط الأحمر، بحضور كبار المسؤولين الصينيين، فيما وصف التلفزيون المركزي الصيني العلاقات بين البلدين بأنها في «أفضل حالاتها التاريخية»، مؤكداً أنها «الأكثر استقراراً ونضجاً وأهمية استراتيجية بين الدول الكبرى».
وتمثل مشاركة بوتين دفعة دبلوماسية لموسكو التي تواجه عزلة نسبية في الغرب.
تحركات دبلوماسية على هامش القمة
القمة لم تقتصر على الملف الروسي–الصيني، بل شهدت لقاءات إقليمية مهمة.
فقد أعلن التلفزيون المركزي الصيني أن الصين وأرمينيا أسستا شراكة استراتيجية جديدة، خلال لقاء شي جين بينغ برئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، حيث شدد الجانبان على ضرورة «الدعم المتبادل وتعزيز التعاون في جميع المجالات».
كما عقد الرئيس الصيني لقاءً مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي يزور الصين لأول مرة منذ سبع سنوات.
وأكد مودي خلال اللقاء التزام بلاده بتطوير العلاقات مع بكين «على أساس الثقة والاحترام المتبادل»، في مؤشر على تحسن تدريجي بالعلاقات بين البلدين بعد اتفاقهما أواخر 2024 على تنظيم الدوريات المشتركة في منطقة الهيمالايا الحدودية، عقب سنوات من التوتر العسكري.
ملامح نظام عالمي جديد؟
وتجمع هذه التطورات تحت سقف قمة شنغهاي إشارات واضحة إلى سعي بكين لإعادة تشكيل النظام العالمي عبر تعزيز تحالفاتها في أوراسيا وما وراءها، فيما تحاول موسكو الاستفادة من المظلة الصينية لتخفيف عزلتها.
وبينما ترى بكين في القمة فرصة لترسيخ صورتها كقائد للجنوب العالمي، تعتبرها موسكو ساحة لإثبات قدرتها على البقاء لاعباً رئيسياً رغم العقوبات الغربية، وفق «فرانس برس».
و«منظمة شنغهاي للتعاون» هي كتلة أمنية أسستها الصين، وروسيا، ودول آسيا الوسطى عام 2001، ويصفها البعض بأنها «ناتو الشرق»، في إشارة إلى حلف شمال الأطلسي.
وتهدف المنظمة، التي ولدت من رحم «مجموعة شنغهاي الخمسة» (تأسست في عام 1996)، إلى «تقوية الثقة المشتركة وعلاقات حسن الجوار بين الدول الأعضاء»، وكذلك «تعزيز التعاون السياسي الفعال في مجالات السياسة والتجارة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والتعليم ضمن مجالات أخرى»، بحسب الموقع الرسمي للمنظمة.
وتم الإعلان عن تأسيس المنظمة في 15 يونيو/حزيران 2001، وتضمنت قائمة الدول المنضمة حينها، بالإضافة إلى الصين، كل من كازاخستان وقيرغيزستان وروسيا الاتحادية، وطاجيكستان وأوزبكستان.
وكانت تضم المنظمة 8 دول كاملة العضوية هي: الهند وكازاخستان والصين وقيرغيزستان، وروسيا، وباكستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان. ثم أصبح عدد أعضاء المنظمة 9 بعد انضمام إيران.
كما تضم 4 دول تحمل صفة مراقب، وهي أفغانستان وبيلاروس ومنغوليا، إضافة إلى دول تملك صفة «شركاء الحوار» وهي دولة الإمارات والسعودية ومصر وقطر وأذربيجان وأرمينيا وكمبوديا ونيبال وتركيا وسريلانكا.