الذئب في هيئة حمل.. دعوة كاذبة لحلق شعور النساء لإنصاف جورج فلويد
ستيفاني لامي، الناشطة النسوية والمختصة في الحروب الإعلامية تتوصل إلى كذب الحملة بعد بحث دقيق منها
تعيش الولايات المتحدة فترة من الاحتجاجات الواسعة ضد العنصرية وعنف الشرطة منذ مقتل جورج فلويد في 25 مايو/أيار الماضي فيما يحاول عدد من مستخدمي الإنترنت المحافظين تشويه هذه الحركة.
وأنشأ المحافظون حركة دعم كاذبة للأمريكيين من أصل أفريقي تتمثل في الدعوة إلى حلق الشعر "بهدف التحرر من شعر أصحاب البشرة البيضاء المميز"، لكن هذه الحملة لاقت فشلا ذريعا.
وتتبع موقع "مراقبون" هذه الحركة الكاذبة ووجد أن إشارة الانطلاق لهذه الحملة بدأت على المنتدى الإلكتروني "4 شان" الشهير في الولايات المتحدة حيث يتبادل عدد من رواد الإنترنت الساعين إلى إحداث جدل ومحادثات حول قضية ما.
وفي معظم الأحيان لا يكون هناك أساس لهذا الجدل على شبكات التواصل الاجتماعي، وغالبا ما تتم هذه العملية بدون ذكر أسماء وبطريقة عدوانية.
وحسب موقع "مراقبون"، بدأت القصة برسالة في 4 يونيو/حزيران على منتدى "4 شان"، من قبل مستخدم مجهول الهوية يضع صورة لعلم فرسان المعبد وهو شعار مرتبط باليمين المتطرف.
وتقول الرسالة: "ادعموا وسم #جو بالد فور بي إل إم (احلقي شعرك من أجل حملة حياة السود مهمة) على موقعي تويتر وأنستقرام".
وتتمثل الفكرة في أن تقوم النساء، خاصة أصحاب البشرة البيضاء بحلق شعرهن تضامنا مع حملة "حياة أصحاب البشرة السمرلااء مهمة "، بما يجعلهن يشعرن بالذنب لأن شعرهن ناعم كحركة تضامنية مع النساء من أصحاب البشرة السوداء.
ومنذ ذلك الحين، تم استخدام وسم #جو بالد فور بي إل إم أكثر من 25 ألف مرة على تويتر.
وأُرفقت هذه الرسالة بصورة شابة لديها وشام وتحمل آلة حلاقة في يدها. وفي نفس اليوم، تم نشر هذه الصورة على حساب مزيف على تويتر.
ومن خلال بحث على عكسي عن الصورة وجد أن هذه الصورة تتكرر بشكل كبير على المدونات مذن عام 2017 أي قبل فترة طويلة من مقتل جورج فلويد.
تغريدة على تويتر تنشر مرة أخرى من حساب مزيف يتابع بالأساس حسابات شخصيات ووسائل إعلام محافظة، مع تعليق يقول: "من خلال حلق شعري كحركة احتجاجية، أشعر بارتياح".
وتعرض هذه التغريدة صورا لامرأة تحلق شعرها وتم تداولها بشكل كبير، حيث تمت إعادة نشرها أكثر من ألفين ومائة مرة، وبنفس الطريقة، تواترت هذه الصورة على شبكة الانترنت قبل بداية المظاهرات في يونيو/حزيران 2020.
"يقول الناشط جيرمي جاردينز: قمت ببحث عكسي عن الصورة، وهي تعود إلى سنة 2019 على الأقل: كل هذا العمل هو محاولة خلق تشويش على الشبكة الرقمية".
في هذا التغريدة أعلاه، يُظهر الناشط جيرمي جاردنر تكرار هذه الصورة التي نشرت يوم 18 مايو/أيار 2019 على منصة بينترست، وهو ما يؤكد وجود هذه الصورة على شبكة الإنترنت قبل هذا التاريخ كحد أدنى.
وتم تزييف حقيقة صور أخرى لنساء بشعر محلوق لخلق اعتقاد بأن النساء وقعن في الفخ، خاصة في هذا المنشور الذي تم تداوله أكثر من 400 مرة.
في الأعلى على اليمين، نرى تركيبا لصورة فتاة قبل وبعد حلق شعرها، ومرة أخرى، نجد هذه الصورة في منشورات قديمة على منصة التدوين تامبلر عام 2017.
في الأسفل على اليسار، نرى تجميعا لألبومي صور من نفس النوع.
ويظهر الألبوم الأول امرأة ذات شعر كستنائي ترتدي قميصا أسود. وعثر كثير من مستخدمي توتيرعلى النسخة الأصلية لهذه الصورة حيث تم نشرها على تطبيق أنستقرام في مارس/آذار 2016.
يمكن أن نقرأ تعليق الصورة الأصلية: "انظروا ماذا فعلت صديقتي ميل اليوم. إنه تصرف رائع يُبيّن نكران الذات في حركة تضامنية للأستراليين المصابين بسرطان الدم. لقد نجحت في جمع 500 دولار."
وتُظهر مجموعة الصور الثانية امرأة شابة، وهذه الصورة أحْدث من الأولى ولكن لا علاقة لها بحركة "حياة أصحاب البشرة السمارء مهمة"، وتكشف الصورة عن لوسي سويني، وهي شابة مصابة بمرض يتسبب في تساقط كثيف للشعر. وهو ما تؤكده "أي بي سي" الأمريكية، حيث استغلت هذه المرأة فترة الحجر الشامل المرتبطة بمرض كوفيد-19 لحلق شعرها بالكامل.
وفي النهاية، تُظهر الصورة في الأسفل على اليمين تغريدة على توتير لحساب مزيف باسم "أشلي واتسون" يقول فيها: "أنا قبل وبعد (الحلاقة)، أرجوكم، أظهروا دعما لحركة حياة أصحاب البشرة السمراء مهمة".
وكتبت ليزيث ليمون على حسابها عبر تويتر قائلة: "مرحبا بالجميع، هذه الصور لي. لم أحلق شعري من أجل هرائكم، بل فقدت شعري أثناء علاج كيميائي في 2018 وقد أعجبتني هذه التسريحة كثيرا لدجة أنني قررت الإبقاء عليها".
واهتمت مواقع إلكترونية مرتبطة باليمين الفرنسي المتطرف بهذه الظاهرة، مؤكدة أن كثيرا من النساء وقعن في الفخ: 'السيدات اليائسات من صاحبات البشرة البيضاء كنّ يأملن في جلب الانتباه، إذ قام عدد منهن بتحدي وسم (احلقي شعرك من أجل حملة حياة أصحاب البشرة السمراء مهمة"، حسبما أكد موقع "نوفال أوردر مونديال".
لكن، وبعد بحث متعمق على مواقع التواصل الاجتماعي، لم يعثر فريق تحرير مراقبون على أي مستخدم إنترنت وقع في الفخ الذي نصبته الرسائل المضللة على منصة "4 شان" والمتمثلة في حلق الشعر تعاطفا مع حركة "حياة أصحاب البشرة السمراء مهمة".
وتوصلت ستيفاني لامي، الناشطة النسوية والمختصة في الحروب الإعلامية، إلى نفس النتيجة، إذا كتبت تقول: "لاحظت تصاعد وسم (احلقي شعرك من أجل حملة حياة السود مهمة) في بعض الدوائر المتعصبة بداية في النمسا، وسرعان ما استوعبت أن هذه التيار راج بشكل واسع في الولايات المتحدة قبل أن يصل إلى فرنسا".
تضيف: "تم تداول هذه الرسالة على عدة منصات لكن نشرها اقتصر على نفس النوع من الأشخاص: أي رجال بيض معادون للنسوية أو ذكور مقربون من اليمين المتطرف الذين أرادوا الترويج لصورة المرأة البيضاء الخائنة أو المتواطئة وذلك لأنهم يرتبطون بعلاقات عاطفية مع الرجال غير البيض".
وتؤكد: "لم أر أي امرأة انطلت عليها حيلة حملة التضامن المزيفة وأعتقد أن هؤلاء الذكوريين يتصورون أن الأمر سار على ما يرام".
وتختتم: "الهدف الأكبر من هذه العملية هو التكتل مع بعضهم البعض للسخرية ونشر الكراهية الجماعية للنساء. وعلى المستوى الدولي، هو بمثابة هجوم معاكس على حركة (حياة أصحاب البشرة السمراء مهمة)، وهي حركة نجحت في عبور الحدود وتعبئة الآلاف من الأشخاص في كل أنحاء العالم".