مزارع شبعا.. مسرح عمليات حزب الله "الآمن" مع إسرائيل
حزب الله يختار مزارع شبعا لكونها أرضا لبنانية وبالتالي لا تعتبر اعتداء على منطقة إسرائيلية، وهو ما يضمن المحافظة على قواعد الاشتباك.
لا تزال الحدود الجنوبية للبنان محط أنظار وترقب منذ يوم الإثنين الماضي، عقب إعلان إسرائيل عن عملية قام بها حزب الله، الذي نفى الأمر ووعد بأنه سيكون له رد على مقتل قيادي له في سوريا نتيجة غارة، الخميس الماضي.
ومع الاستنفار المستمر على طرفي الحدود من قبل الاحتلال الإسرائيلي ومليشيا حزب الله، فإن العين تبقى شاخصة على مزارع شبعا، حيث كان جبل روس مركز العملية العسكرية، وهي التي سبق أن شهدت عمليات مماثلة وصفت بالمحدودة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.
أما أسباب اختيار حزب الله هذه المنطقة الواقعة على مثلث الحدود اللبنانيّة السورية، والتي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967، لتنفيذ العملية، فهي تعود إضافة إلى موقعها الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة، إلى حسابات عسكرية ينطلق منها حزب الله بشكل أساسي وتحديدا لضمانه عدم قيام تل أبيب بردّ كبير لكون المنطقة ليست ضمن أراضيها وبالتالي لا تعتبر اعتداء عليها، وهو ما يجعل الطرفين يضمنان المحافظة على قواعد الاشتباك.
- تحقيق صحفي: دبلوماسي قطري متورط في تغطية تمويل حزب الله
- إسرائيل تعزز قواتها بحدود لبنان غداة مواجهات مع "حزب الله"
ويقول الخبير العسكري والعميد المتقاعد خليل الحلو، لـ"العين الإخبارية" إن "اختيار حزب الله للردّ من مزارع شبعا كما سبق أن فعل مرات عدة، هي لقناعته بأنها لن تؤدي إلى رد إسرائيلي كبير لكونها أرضا لبنانية وبالتالي لا تعتبر اعتداء على منطقة إسرائيلية، وهو ما يضمن المحافظة على قواعد الاشتباك بين الطرفين، أي الإبقاء ضمن الرسائل الأمنية التي لا تصل إلى حرب، وتحافط لكليهما على ماء الوجه أمام جمهورهما.
ويؤكد في الوقت عينه أن الحرب إن وقعت هذه المرة فلن تقتصر على حزب الله وإسرائيل بل ستكون حربا شاملة قد تضم سوريا والعراق فيما الغائب الأكبر هي الدولة اللبنانية التي لا علم لها ولا قرار لها بالحرب والسلم.
ومع تذكيره بالخلاف القانوني حول ملكية مزارع شبعا بين لبنان وسوريا التي تعترف أنها لبنانية لكنها ترفض تقديم وثيقة بهذا الشأن، يؤكد الحلو أن هذه المنطقة لا تزال الذريعة الأساسية التي يقف خلفها حزب الله للاحتفاظ بسلاحه ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 2000.
ورغم نفي حزب الله قيامه بالعملية، يؤكد الحلو أن كل المؤشرات تدل على أنه حاول تنفيذ العملية لكنه لم يحقق هدفه.
ويوضح: "منذ اللحظة الأولى للإعلان عن التوتر الأمني في مزارع شبعا أطلق جمهور حزب الله وشخصيات سياسية مقربة منه العنان لتصريحاته مؤكدين أن العملية هي رد على مقتل القيادي في سوريا حتى إن عائلته بدأت بتوزيع الحلوى.
فيما بقي حزب الله صامتا ولم يصدر بيان النفي إلا بعد أكثر من ساعتين، وذلك بعد المواقف المهددة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكأنه أراد ببيانه القول: "لا نريد التصعيد" .
ورغم أن حزب الله توعّد بالرد على مقتل القيادي في سوريا، فإن الخليل يشكّك بذلك، ويقول: "لا أعتقد أن ذلك سيحصل، ويبدو واضحا أن هناك ما يشبه الاتفاق غير المعلن بين حزب الله وإسرائيل على عدم التصعيد".
وتابع:"أما إذا اختار حزب الله غير ذلك فسيدفع الشعب اللبناني الثمن في مرحلة تعيش فيها البلاد أسوأ أوضاع اقتصادية واجتماعية أسبابها مرتبطة أيضا بربط حزب الله لبنان بالمحور الإيراني".
بدوره، قال مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية سامي نادر لـ"العين الإخبارية" إن "اختيار حزب الله لمزارع شبعا للرد يعود لعدم رغبته في نشوب حرب في ظل الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها لبنان وبالتالي أي حرب ستكون تداعياتها كارثية عليه".
ولفت إلى أن "إسرائيل تراقب وتنتظر ماذا يحصل في الإقليم حيث تتكثف الضغوط على إيران وأذرعتها في المنطقة"، مشيرا إلى أن "ما حدث يوم الإثنين خير دليل على ذلك".
ويربط نادر كذلك بين عملية حزب الله والحديث في الفترة الأخيرة عن موضوع حياد لبنان الذي أطلقه البطريرك الماروني بشارة الراعي وأيده فيه جهات لبنانية وخارجية.
ويقول: "كأن حزب الله يحاول الرد على مطلب الحياد الذي طرحه البطريرك الماروني ليقول إن مسألة الحياد غير ممكنة، مع العلم أن الطرح من أساسه لم يكن في هذا الاتجاه ولم يسقط من الحسابات العداء لإسرائيل إنما كان موجها بشكل أساسي ضد ربط حزب الله لبنان بالمحور الإيراني".
aXA6IDMuMTQ0LjEwMS43NSA= جزيرة ام اند امز