الشيخ حمدان بن راشد.. رحيل صاحب القلب الكبير أقدم وزير مالية بالعالم

76 عاما أمضى منها نحو نصف قرن في منصب وزير المالية الإماراتي، ليكون أقدم وزير مالية على مستوى العالم.

إنه الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي ووزير المالية الإماراتي، صاحب القلب الكبير، الذي يمتلئ العالم بمشاريعه الخيرية والإنسانية، الذي وافته المنية، صباح اليوم الأربعاء.

وبرحيله، يختتم الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رحلة حافلة بالعطاء، قضى خلالها أكثر من 5 عقود من عمره في خدمة وطنه، بينها 50 عاما وزيرا للمالية منذ تأسيس الإمارات في ديسمبر 1971.

منصب استبقه بتسلّم رئاسة بلدية دبي مباشرةً بعد تخرّجه في منتصف الستّينيات، وهو المنصب الذي ظل يحتفظ به حتى وفاته، ليكون أيضا أقدم رئيس بلدية في العالم.

وواكب تلك المناصب تولي العديد من المناصب طوال رحلة حياته، أسهمت بشكل بارز في تنمية و نهضة بلاده.

عُرف عن الراحل اهتمامه بالأعمال الإنسانية، وشغفه بالثقافة والآداب والتطورات العلمية، وحرصه على التنمية البشرية المستدامة في بيئة عالمية مستقرة ترتكز على الحوار والشراكة.

كما يعد أحد أهم وأكبر مربّي ومُلّاك الخيول في العالم، وهو معروف بشغفه بتربية الخيول العربية الأصيلة.

وتتويجا لعطائه الإنساني اللا محدود، اختير الشخصية الإنسانية لعام 2000 لدعمه المشاريع الخيرية في كثير من البلدان الفقيرة، واختير عام 2005 كأفضل شخصية عالمية في مجالات الصحة والتعليم والرياضة من قبل الاتحاد الدولي للمستشفيات.

كما حصل على أرفع ميدالية تقديرية من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في ديسمبر عام 2006 تقديرا لجهوده في دعم برامج التعليم والعلوم .

مولده ونشأته

وُلد الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، في 25 ديسمبر  1945 في دبي. هو الابن الثاني للشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم .

درس الابتدائية في المدرسة الأحمدية والثانوية في ثانوية دبي، ثم انتقل إلى بريطانيا لدراسة اللّغة الإنجليزية وعلوم البلديات في جامعة كامبريدج.

بعد تخرّجه في منتصف الستّينيات، تسلّم رئاسة بلدية دبي مباشرةً وبقي في هذا المنصب  حتى وفاته.

وخلال تلك الفترة، قاد بلدية دبي لتكون من أكبر المؤسّسات الحكوميّة في دولة الإمارات العربية المتحدة، والمؤسّسة الرائدة والمُحرّكة لنمو إمارة دبي وتطوّرها، سواء لناحية الخدمات المبتكرة التي تقدّمها أم لناحية الأنشطة والأعمال والمشاريع الكبرى التي تنفّذها.

وفور إعلان اتحاد الإمارات في ديسمبر 1971، تم تكليفه بمنصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية والاقتصاد والتجارة والصناعة في أول حكومة اتحادية برئاسة شقيقه المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم.

دور حيوي

وإضافة إلى منصبه كويز للمالية ورئيس لبلدية دبي، ترأس الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رئاسة مجلس إدارة العديد من الهيئات والمؤسّسات الحكومية الرفيعة المستوى التي تلعب دورًا حيويًّا في دعم الاقتصاد وسوق العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة.

ومن هذه المؤسّسات: الهيئة العامّة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية (GPSSA)، وهيئة كهرباء ومياه دبي – ديوا، ودائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، وهيئة الصحة في حكومة دبي، وشركة دبي للألمنيوم المحدودة، وشركة دبي للغاز الطبيعي المحدودة، ومركز دبي التجاري العالم، وشركة بترول الإمارات الوطنية (ENOC)، وشركة الإمارات للمنتجات البترولية – إيبكو (EPPCO)، ومركز تجهيز حقول النفط المحدود (OSC)، ونادي النصر الثقافي الرياضي، وهيئة آل مكتوم الخيرية.

كما يعد  الراعي الفخري لمركز الدراسات العربية والإسلامية في جامعة أستراليا الوطنية في كانبيرا.

مبادرات إنسانية

عرف الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بحبه للخير ودعم المشاريع الخيرية والإنسانية في مختلف أنحاء العالم، حتى لقب بصاحب القلب الكبير ، نظرا لعطائه اللا محدود.

ويبقى دعم قطاع التعليم والصحة النشاط المحبّب إلى قلبه، حيث يسهم في دعم هذين القطاعين بشكل مستمر، سواء في وطنه دولة الإمارات العربية المتحدة أو في دول العالم، فضلًا عن تأسيسه العديد من المراكز العلاجية، مثل: مركز الشلل الدماغي في الأردن، مستشفى دار الشفاء في لبنان ومركز القلب في جنين.

وتظهر إنجازات الإنسانية والثقافية جليّة في دول عديدة، مثل المكسيك، أستراليا، أفريقيا، إيرلندا، أوروبا، باكستان، الهند والعديد من البلدان.

وفي إطار دعمه للتعليم والصحة، أطلق الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم الجوائز المحلية والعالمية التي تشجع على النهوض بهذين القطاعين، من أبرزها  جائزة الشيخ حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز و جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية.

راعي الرياضة

لم يقتصر دور الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي ووزير المالية الإماراتي الراحل، على الحياة السياسية والاقتصادية فحسب، بل كانت له أياد بيضاء على الرياضة الإماراتية بشكل عام.

ويُعتبر الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم أحد أهم وأكبر مربّي ومُلّاك الخيول في العالم، وهو معروف بشغفه بتربية الخيول العربية الأصيلة، وقد حصل على جائزة تقديرية من المنظمة الأوروبية للخيول العربية «الإيكاهو» باعتباره أهم مالك للخيول العربية الأصيلة في العالم.

كما تُوّج كأفضل مالك للخيول المهجنة والعربية الأصيلة عالميًّا ومحليًّا لمواسم عديدة، وحصد إنجازات تاريخية في السباقات العالمية ومنها سباقات إنجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأميركية، وأخيرًا سباق كأس دبي العالمي الأغلى في العالم.

وقد أطلق جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للخيول العربية الأصيلة في نيوبري في بريطانيا، والتي احتفلت باليوبيل الفضي لإطلاقها في العام 2009. كما تشمل رعاية سباقات في ألمانيا والبرازيل وشيلي وإيطاليا وأستراليا واليابان والأورغواي والأرجنتين وبيرو.

وإضافة إلى الخيول، تولى الشيخ حمدان بن راشد رئاسة نادي النصر، في فترة الستينات ، ليصبح على رأس قائمة الشخصيات التي صنعت أمجاد النادي،كما يعد يعتبر أقدم رئيس لنادٍ في الخليج العربي.

وفي يوم 23 ديسمبر/كانون الأول عام 1969، تولى الرئاسة الفخرية لاتحاد كرة القدم بدبي.

تكريم وتقدير

وتتويجا لعطائه في مختلف المجالات، تم تكريم الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم بجوائز محلية وعالمية وأممية، تقديرا وتكريما لها، من أبرزها حصوله على:

-جائزة الشيخ راشد للشخصية الإنسانية للعام 2000 نظرًا لدعمه العديد من المشاريع الخيرية، مثل بناء ملاجئ الأيتام والمدارس والمستشفيات في العديد من البلدان النامية، علمًا أنّ الشيخ حمدان يقصد غالبًا دول أفريقيا وأوروبا لاهتمامه بالمحتاجين في مختلف أنحاء العالم

- جائزة “عرب تكنولوجيا”  للإنجاز الحياتي تقديرًا لجهوده في دعم تكنولوجيا المعلومات في الشرق الأوسط.

 -أفضل شخصية عالمية في مجالات الصحة والتعليم والرياضة في العام 2005 من قبل الاتحاد الدولي للمستشفيات، وذلك تقديرًا لجهوده.

- شخصية العام 2007 من قبل جائزة الشارقة للعمل التطوّعي، تقديرًا لدوره في دعم العمل التطوّعي.

- أرفع ميدالية تقديرية من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في ديسمبر من العام 2006، تقديرًا لجهوده في دعم برامج التعليم والعلوم.
- تكريم خاص من قبل قمّة رئاسة الدول الأفريقية في أديس أبابا في فبراير من العام 2009، تقديرًا لجهوده في دعم التعليم وبرامج الإغاثة الإنسانية في أكثر من 26 دولة أفريقية.

-ثلاث شهادات من الكلّيّة المَلكيّة البريطانية في العام 2006 كأول شخصية عالمية تحقّق هذا الإنجاز:

- شهادة الزمالة الفخرية للكلّيّة المَلكيّة البريطانية للأمراض الباطنية في لندن، و شهادة الزمالة الفخرية للكلّيّة المَلكيّة البريطانية للأمراض الباطنية في أدنبرة، وشهادة الزمالة الفخرية للكلّيّة المَلكيّة البريطانية للأمراض الباطنية والجراحة في جلاسكو

كما حصل على دكتوراة فخرية من عدد من الجامعات العالمية من أبرزها:
-   الدكتوراه الفخرية من كلّيّة الجرّاحين المَلكيّة في لندن
 -الدكتوراه الفخرية في علوم الاقتصاد من جامعة الجزيرة في الخرطوم
-الدكتوراه الفخرية من جامعة أفريقيا العالمية
- الدكتوراه الفخرية من جامعة كييف في أوكرانيا.
وفي عام 2016 تم تكريمه لاختياره الشخصية العربية الحضارية للعام 2016.