بقيادة إماراتية.. مانشستر سيتي يحكم مهد كرة القدم
مع ختام الموسم الحالي من الدوري الإنجليزي الممتاز، يحتفل نادي مانشستر سيتي بإضافة لقب جديد في البطولة إلى خزائنه.
وكان السيتي حسم مؤخرا بشكل رسمي لقب الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، للمرة السابعة في تاريخه بالمسابقة عموما، والخامسة منذ بداية حقبة "البريميرليج" عام 1992.
وبهذا واصل مانشستر سيتي مسلسل نجاحاته، الذي بدأ مع الحقبة الجديدة في تاريخ النادي، حين استحوذ الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في الإمارات، على ملكيته في عام 2008، وبات "الأزرق السماوي" هو ملك اللعبة في بلاد الإنجليز، مهد كرة القدم.
مشروع طموح
عانى مانشستر سيتي طويلا من أزمة الديون التي فشلت الإدارات السابقة في حلها، وانعسكت سلبا على نتائج الفريق، ليضطر التايلاندي ثاكسين شيناواترا لبيع النادي في صيف 2008 إلى مجموعة أبوظبي المتحدة، ومنذ ذلك الحين بدأ المشروع الطموح للفريق السماوي، تحت القيادة الإماراتية.
بعد أشهر قليلة من انتقال ملكية مانشستر سيتي إلى الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، تولى الإيطالي روبرتو مانشيني قيادة الفريق خلفا للويلزي مارك هيوز.
وجاء ما حققه مانشستر سيتي مع المدرب الإيطالي في غضون سنوات قليلة ليثبت أن الإدارة بالفعل كان تملك مشروعا طموحا بأهداف ذات قيمة.
ومنذ اليوم الأول للمشروع الإماراتي في مانشستر سيتي، تحركت الإدارة لضم عدد من اللاعبين المميزين، أبرزهم على سبيل المثال لا الحصر روبينيو من ريال مدريد، وسيرجيو أجويرو من أتلتيكو مدريد، وديفيد سيلفا من فالنسيا، وكارلوس تيفيز من مانشستر يونايتد، وكيفن دي بروين من فولفسبورج، ورياض محرز من ليستر سيتي، والقائمة تطول.
ونتيجة للتدعيمات القوية، تحول مانشستر سيتي بشكل سريع من فريق يهدف للبقاء في الدوري الإنجليزي الممتاز إلى منافس على اللقب، وارتفع سقف طموحه من الوصول للمسابقات الأوروبية إلى الانضمام للمرشحين للقب دوري أبطال أوروبا.
إنفاق ذكي
لطالما واجه مانشستر سيتي انتقادات تتمثل في قيامه بشراء عدد كبير من النجوم بمبالغ باهظة، لكن كل الدلائل كانت تشير إلى أن النادي السماوي ينفق أمواله بذكاء أكبر من أغلب كبار أوروبا.
فمثلا أغلى 10 لاعبين في تاريخ مانشستر سيتي هم نجوم مميزون قدموا بالفعل أداء مذهلا مع الفريق لعدة سنوات ولا يزالون مستمرين في العطاء، علما بأن متصدر تلك القائمة هو كيفن دي بروين الذي بلغت قيمة التعاقد معه في صيف 2015 مبلغ 76 مليون يورو، وهو أقل بكثير مما أنفقه الجار يونايتد في العام التالي للتعاقد مع بول بوجبا مثلا (105 ملايين يورو).
وبالنظر إلى نوعية اللاعبين الذين ضمهم مانشستر سيتي خلال الحقبة الإماراتية نجد أن الإدارة ركزت على شراء لاعبين يتمتعون بعقلية طموحة في المقام الأول تتفق مع سياسات النادي، وليس مجرد نجوم تشتريهم ولا يحققون المطلوب في النهاية.
وضم مانشستر سيتي ديفيد سيلفا في صيف 2010، بعدما أسهم في تتويج منتخب إسبانيا بكأس العالم للمرة الأولى في تاريخه، وتبعه بضم أجويرو من أتلتيكو مدريد في صيف العام التالي، ومعه البوسني إيدين دجيكو هداف الدوري الألماني في الموسم السابق وقتها قادما من فريق فولفسبورج.
كما ضم السيتي المهاجم التوجولي إيمانويل أديبايور في صيف 2009 بعد رحيله عن أرسنال، ومعه لاعب الوسط الإنجليزي جاريث باري قادما من أستون فيلا، وأعاد في صيف 2010 الحارس الواعد وقتها جو هارت، الذي قضى عدة سنوات معارا، ومعه الظهير الصربي ألكسندر كولاروف.
وفي نفس الفترة تحرك مانشستر سيتي للتعاقد مع لاعب الوسط الإنجليزي جيمس ميلنر من أستون فيلا، وبعده الفرنسي سمير نصري قادما من أرسنال في صيف 2011.
وإذا نظرنا إلى كل هؤلاء اللاعبين نجد أنهم كانوا يتمتعون بالطموح في المقام الأول، وينتمون لأصحاب الروح القتالية العالية، وفي نفس الوقت لم يحتج التعاقد معهم إلى مبالغ طائلة، حيث إن الصفقات الأغلى من بينهم لم تتخط حاجز الـ35 مليون إسترليني، وهو ما ينطبق على عدد محدود منها.
الأمر الأكثر أهمية أن إنفاق مانشستر سيتي لم يقتصر على ضم اللاعبين أو تعيين المدربين فقط، بل تمت توسعة الملعب ليستوعب 55 ألف متفرج، وتم بناء أكاديمية بجواره من أجل تطوير اللاعبين الشباب.
المبالغ التي أنفقها مانشستر سيتي بعد عملية الاستحواذ الإماراتي عادت مرة أخرى للنادي في صورة بطولات لها قيمة كبيرة ماديا ورياضيا، أو عائدات أكبر من الملعب بعد توسعته، أو نجوم واعدين من الناشئين مثل فيل فودين.
هيمنة مطلقة
يمكن للأرقام التي لا تكذب أن تترجم معنى هيمنة مانشستر سيتي على كرة القدم الإنجليزية في السنوات الأخيرة، كنتيجة مثمرة للمشروع الإماراتي بقيادة الشيخ منصور بن زايد.
وعلى مدار 13 عاما هي عمر الحقبة الإماراتية في مانشستر سيتي، حقق النادي ما لم يحققه طوال الـ114 عاما في تاريخه قبلها، كما فاز بألقاب أكثر من أي فريق آخر في إنجلترا.
وحقق مانشستر سيتي في الحقبة الإماراتية 16 لقبا، بواقع 5 في الدوري الإنجليزي الممتاز، و6 في كأس الرابطة، ولقبين في كأس الاتحاد و3 في الدرع الخيرية، مقابل 12 لقبا فقط طوال 114 عاما منذ تأسيسه في 1894 وحتى انتقال ملكيته إلى الشيخ منصور بن زايد في 2008.
وفي الـ13 عاما الأخيرة جاء مانشستر يونايتد في المركز الثاني بين أكثر أندية إنجلترا فوزا بالألقاب المحلية، بواقع 11 لقبا، يليه تشيلسي (9) ثم أرسنال (8).
أرقام للتاريخ
كذلك نافس مانشستر سيتي نفسه في تحقيق الأرقام القياسية وتحطيمها، خاصة بعد التعاقد مع المدرب الحالي بيب جوارديولا في 2016.
ففي موسم 2017-2018 من الدوري الإنجليزي، حقق مانشستر سيتي أكبر عدد من النقاط في عهد البريميرليج (100)، وحقق أكبر عدد من الانتصارات (32)، كما سجل العدد الأكبر من الأهداف (106)، وأفضل فارق أهداف (+79).
كذلك كان مانشستر سيتي في هذا الموسم هو أكثر فريق ينتصر خارج ملعبه بواقع 16 مباراة، بجانب أطول سلسلة انتصارات متتالية (18)، فيما حقق أكبر فارق بين بطل ووصيف (19 نقطة).
جدير بالذكر أن الموسم التالي (2018-2019) شهد تحقيق مانشستر سيتي للرباعية المحلية، المتمثلة في الدوري وكأس الاتحاد وكأس الرابطة والدرع الخيرية، وهو أول فريق يحقق هذا الإنجاز في إنجلترا.
aXA6IDMuMTI5LjI0Ny4yNTAg جزيرة ام اند امز