فائض الشيكل.. أزمة جديدة تعصف بالاقتصاد الفلسطيني
تحول رفض البنوك الفلسطينية استقبال إيداعات مالية كبيرة بعملة الشيكل الإسرائيلي، إلى أزمة حقيقية
تحول رفض البنوك الفلسطينية استقبال إيداعات مالية كبيرة بعملة الشيكل الإسرائيلي إلى أزمة حقيقية تعيق عمل التجار والتزامهم بالدفعات المستحقة عليهم للموردين.
التاجر الفلسطيني عامر سليم في أثناء إيداع دفعة مالية كبيرة مستحقة عليه بعملة الشيكل، رفض البنك ذلك بسبب وجود فائض في عملة الشيكل وصعوبات في تصريفها مع البنوك الإسرائيلية.
وقال سليم لـ"العين الإخبارية": "تعاملاتنا المحلية بالشيكل، وهناك شح نسبي بالدولار في السوق، عندما أردت أن أودع استحقاقات دفعات مالية للموردين بقيمة الشيكل رفض البنك الذي أتعامل معه، وهو ما أدى إلى تأخير استلامي للبضاعة وتسبب بخسائر ليست هينة".
وقف التنسيق
ويوضح عبد الغني العطاري، رئيس غرفة تجارة رام الله، أبعاد الأزمة الجديدة، مبينا أن البنوك الإسرائيلية لا تستقبل عملة الشيكل من البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية منذ وقف التنسيق بين السلطة وإسرائيل في مايو الماضي.
وأكد العطاري لـ"العين الإخبارية" ان عدم استقبال العملة يؤثر على التجار الفلسطينيين؛ لأن عملة الشيكل باتت مكدسة لديهم ولدى التجار وحتى لدى البنوك.
وأشار إلى أن السوق لا يتحمل مليارات الشواكل المتكدسة والتي تصل لحوالي 4 إلى 5 مليارات شيكل.
وغالبا المعاملات اليومية والتجارية تتداول بعملة الشيكل الإسرائيلية، لعدم وجود عملة فلسطينية معتمدة، فيما تستخدم عملة الدينار الأردني في تجارة الأراضي والإيجارات، وتستخدم عملة الدولار في شراء العقارات والسيارات وتوريد البضائع من الخارج.
وقال العطاري: "نحن في أزمة حقيقية نتيجة تكدس الشيكل؛ وهذا الأمر أثر على الاستيراد من الخارج، وإن استمرت الأزمة لن نستطيع الاستيراد بسهولة".
وأشار إلى أن التجار والشركات الكبرى والقطاع الخاص والبنوك جزء من القطاع الخاص؛ والكل يعاني، منبها إلى أن البنوك في الأراضي الفلسطيني أصبحت مكشوفة للبنوك الإسرائيلية جراء عدم تحويل عملة الشيكل؛ وهذا الانكشاف يزيد الأعباء على البنوك في الأراضي الفلسطينية.
مصادر تدفق الشيكل
ووفق الخبير الاقتصادي أسامة نوفل، فإن اتفاق باريس الاقتصادي يعطي الحق للسلطة في ترحيل فائض الشيكل للبنوك الإسرائيلية عدة مرات في السنة.
وعلقت السلطة الفلسطينية العمل بالاتفاقات، دون وضع بدائل محددة أو تصورات واضحة للتعامل مع الأزمات الناجمة عن هذا التعليق.
ويوضح نوفل لـ"العين الإخبارية" أن مصادر تدفق الشيكل إلى السوق الفلسطينية يأتي من خلال تحويلات حوالي 130 ألف عامل فلسطيني (غالبيتهم من الضفة الغربية) في إسرائيل يضخون حوالي 700 مليون شيكل شهريا.
وأضاف أن تسوق فلسطيني الداخل في أسواق الضفة الغربية، بالإضافة إلى تحويل المقاصة من إسرائيل للسلطة (قبل توقف السلطة عن استلامها) والتي تصل قيمتها لحوالي 500 مليون شيكل شهريا يضخ أيضا هذه العملة في السوق الفلسطيني.
وذكر ان غزة لوحدها فيها 600 مليون شيكل فائض في البنوك، أما الضفة فالفائض يزيد على 3 مليارات شيكل.
وأكد أن إسرائيل تستخدم فائض النقد من الشيكل للضغط على الاقتصاد الفلسطيني؛ لأن تراكم الشيكل يؤدي إلى تراجع قدرة البنوك على منح القروض.
ورأى أن أن تكدس الشيكل يؤدي للحفاظ على العملة الاسرائيلية وعدم تأثر الاقتصاد الإسرائيلي سلبا.
تأثيرات سلبية
ووفق نوفل؛ فإن التجار الفلسطينيين الذين يستوردون من الخارج سيتأثرون من عدم قدرتهم على دفع أسعار بضائعهم نقدًا بالدولار.
وتقدر سلطة النقد حجم التعاملات المالية بين الفلسطينيين وإسرائيل بحوالي 40 مليار شيكل سنويا، تنتج صافي سيولة بالشيكل لدى المصارف الفلسطينية بحوالي 1.5 مليار شيكل يفترض إعادتها للبنك المركزي الإسرائيلي.
ولفائض الشيكل عدد من التأثيرات السلبية على الاقتصاد الفلسطيني، حسب نوفل، منها تقييد إمكانية استيراد التجار من الخارج؛ لأن ذلك لا يتم إلا بالعملات الصعبة.
وبين أن جانبا ثانيا من التأثير يطال المواطنين الذين لا يستطيعون التحويل للخارج، محذرا بأن استمرار الأزمة من شأنه خفض قيمة عملة الشيكل، ما يؤثر على القوة الشرائية للمواطن.