سلطة غائبة أو متحالفة.. نصرالله عبر سفينة إيران: "أنا الدولة"
وكأنه لا دولة ولا حكومة في لبنان، أعلن أمين عام مليشيات "حزب الله" حسن نصرالله انطلاق السفن الإيرانية المحملة بالوقود إلى لبنان.
وعلى عكس عادته أكثر نصر الله إطلالاته التلفزيونية، ورافق كل إطلالة بوعد عن سفينة جديدة ستخترق العقوبات الدولية لتورط لبنان بأزمة جديدة تضاف إلى أزماته، وعبرها يطلق نصرالله مرحلة السيطرة الاقتصادية على البلد المتداعي بعد السيطرة العسكرية والسياسية.
وفي وقت غير معلوم حتى الآن على أي مرفأ سترسو سفن نصر الله، وكيف سيخزن محروقاته وينقلها، خصوصاً أن المرافئ تحت سلطته كما يدعي، كما أنه الجهة الوحيدة التي تمتلك الخزنات الاستراتيجية، وما إذا كان سيستعملها نصر الله؟
بدا لافتاً جداً الصمت الرسمي تجاه هذا الإعلان الخطير فغابت رئاسة الجمهورية عن السمع، ومثلها فعلت حكومة تصريف الأعمال ورئيسها، لم يعلق أحد من الوزراء على الموضوع.
واكتفت وزارة الطاقة والنفط بتسريب إعلامي صغير يؤكد أنها لم تتلق أي طلب لاستيراد المازوت أو البنزين من إيران، فيما أعلنت رئيسة المنشآت النفطية اللبنانية أورور فغالي أن هذا الموضوع سياسي وليس تقنياً مرتبطاً بعملها.
وحتى رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي اكتفى بالتعليق، اليوم الخميس، في مقابلة تلفزيونية على الموضوع بالقول "أي موضوع يضرّ بمصلحة لبنان نحن ضدّه، ولن نسمح لأحد بأن يودي بنا لأي عقوبات جديدة". دون تفاصيل وكيف سيوقف الموضوع.
وبررت مصادر نيابية بارزة في "التيار الوطني الحر"، صمت الرئيس و"التيار" بالقول: "إنهما لا يخجلان بتحالفهما الاستراتيجي مع حزب الله، وكذلك بتلاقيهما الاستراتيجي ودعم حزب الله".
ورأت المصادر نفسها في تصريح لـ"العين الإخبارية"، مفضلة عدم نشر أسمائها، أن الثمن الذي دفعه الوزير جبران باسيل سياسياً من جراء تحالفه مع حزب الله وإصراره على البقاء على علاقته الجيدة والودية والراسخة معه، جعله تحت مرمى التصويب الأمريكي بالعقوبات".
وأردفت: "بالتالي لا يعني أن صمت عون و"التيار وباسيل عن أي موقف علني ورسمي أنهم ضد الباخرة الإيرانية، بل على العكس تماماً هم يؤيدون أي خطوة لكسر الحصار عن لبنان ولتجاوزه أزماته السياسية والاقتصادية والمالية المفتعلة".
بدوره اعتبر الكاتب والمحلل السياسي اللبناني محمد نمر أن الصمت الرسمي تجاه ناقلة النفط الايرانية يرتبط بشكل واضح بسيطرة حزب الله على المواقع الدستورية، خصوصاً رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة".
وأشار إلى أن" رئاسة مجلس النواب وتحديدا شخص الرئيس نبيه بري، معروف أنه حليف أساسي للحزب، لهذا لن نرى أي اعتراض رسمي لدخول السفينة الإيرانية إلى الشواطئ اللبنانية، فضلا عن أن الأجهزة الأمنية تخضع لقرارات هذه المواقع الرسمية.
وأضاف نمر في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن البلاد تعيش حالة فوضى، وطالما أن اللبنانيين منشغلون بتأمين المازوت والبنزين والدواء والغذاء، ومنشغلون بيوميات كارثية وذل وقهر، لن نشهد منهم حالة شعبية تعترض على دخول السفينة التي تحمل مازوت يدعي حزب الله أنه سينقل محتوياتها للبنانيين، لكن الحقيقة أن السفينة ليست لمساعدة اللبنانيين بل هي رسالة إيرانية عبر حزب الله إلى الداخل اللبناني ودول الخارج، تعطي إشارتها إلى حجم سطوة إيران على لبنان.
وقال: "إذا دخلت السفينة الإيرانية وأفرغت حمولتها سالمة من دون أي استهداف، يعني أن هناك عقدة مخفية في مكان ما، أعطت الضوء الأخضر لإيران لكي تدخل".
وتابع: "أما إذا تم استهداف السفينة فحينها تكون رسالة حرب في المنطقة، تبدأ من لبنان بحكم أن السفينة بالنسبة إلى حزب الله هي أرض لبنانية، ما يعني أنه قد يرد على أي استهداف لها. والسفينة الإيرانية أشبه بالفخ المزين بالألوان الجميلة الجذابة وهي المازوت".
وشدد على أن "رئيس الجمهورية ومنذ عقد اتفاق مع حزب الله قدم له أوراق الاعتماد والطاعة ومقابل ذلك أوصله إلى رئاسة الجمهورية، ومنذ ذلك وعقب وصوله بدأ عون يدفع الفواتير للحزب، واليوم يدفعها مسبقا عن ولاية رئاسية ثانية لصهره".
وأشار إلى أنه لهذا السبب يبقى مصير السفينة الإيرانية مرتبطا بالقرار الدولي وليس بالقرار اللبناني.
ورأى نمر أن "أخطر ما يمكن سماعه هو ما ورد في خطاب نصرالله بأن حزب الله لديه شركات جاهزة لتنقب عن النفط في المياه اللبنانية، وهي إشارة واضحة إلى دخول حزب الله سوق النفط العالمي بسياسة الأمر الواقع وبقوة السلاح وبدعم متواصل من إيران مقابل برود النفوذ المقابل لإيران في لبنان إلى حد الغياب".
وأردف: "بما أن السفينة الإيرانية مشروع ممكن الاشتباك فمن شأنه أن يهدد الحكومة في حال تشكلت، ويكون حينها موقف الرئيس ميقاتي حرجا أمام ضغوط المجتمع الدولي خصوصا الأمريكية"، لافتاً إلى أن "السفينة الإيرانية أدت بطريقة غير مباشرة إلى تهديد تشكيل الحكومة المعطّلة من حامل توقيع مرور التشكيلة إلى مجلس النواب، رئيس الجمهورية ميشال عون".
وختم: "يبدو أن مشهد أفغانستان وسيطرة طالبان أغرى حزب الله ليطبق النموذج نفسه في لبنان، هو عهد أدخلنا جهنم برعاية حزب الله، وبسفينته يقول أنا الدولة".