تدخل الأزمة السورية عامها العاشر فيما يبدو أن لا حلول إلى الآن من شأنها إيقاف الحرب الطاحنة التي تشهدها سوريا منذ سنوات.
وهو ما يعني فعلياً استمرار الفوضى في هذا البلد الغارق في عدة أزمات أخرى خلفتها الحرب، كالأزمة المالية وتدهور سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية، بالإضافة لانهيار البنى التحتية نتيجة المواجهات المسلحة بين مختلف أطراف النزاع، ناهيك عن مشاكل أخرى خدمية.
إن سوريا اليوم بلد منهك يواجه تحديات داخلية وخارجية منذ عام 2011، وهو العام الذي شهدت في مطلعه احتجاجات شعبية، لكنها سرعان ما تحولت لحرب أهلية، ومعها دخلت البلاد في موجة كبيرة من العنف أدت بدورها لتفاقم الأزمة أكثر فأكثر وسط غياب معالجة واقعية لمشاكلها، الأمر الذي أطال من أمد المأساة التي يعيشها سكانها.
ومع أن مفاوضات ومباحثات طويلة ومعقدة حصلت بين الحكومة السورية ومعارضتها في عدة دول أوروبية وآسيوية، لكن لم يتمكن كلا الطرفين حتى الآن من الوصول لحلول توافقية قد تنهي الأزمة، وبالتالي كل ذلك لم ينجم عنه إيجابيات تذكر، حتى إن بعض الحكومات التي رعت تلك المباحثات فعلت ذلك لإطالة أمد الأزمة والتحكم بها أكثر دون حلها.
ومن المؤكد أيضاً أن كل تلك الجولات التي تمت لوضع حلول للأزمة السورية الراهنة لم تكن جادة، كما أن المشاركين فيها لم يكونوا في موقع يستطيعون منه اتخاذ القرار المناسب، ذلك أن أطرافا دولية وإقليمية تتحكم بمختلف أطراف الصراع، وهو ما أدى لغياب الرؤى الوطنية وتدويل الأزمة وتعقيدها أكثر، الأمر الذي ضاعف من حجم المأساة السورية.
اليوم سوريا في حاجة ماسة لوضع حد لأزمتها، وباعتقادي لن يتم ذلك إذا ما تمسكت الحكومة وكذلك معارضتها بمواقفهما المتشددة من الآخر؛ إذ لا يمكن الوصول لحلول دون أن يقدم كل طرف منهما بعض التنازلات للطرف الآخر، إضافة أنه يجب على كلا الطرفين الأخذ بعين الاعتبار الوقائع التي طرأت على الأرض خلال عقد من الزمن، حيث لا يمكن تجاهل أو إنكار الآخر كما تفعل بعض الجهات المعارضة المدعومة تركياً مع أكراد سوريا وشركائهم المحليين في تحالف "قوات سوريا الديمقراطية" على سبيل المثال.
دون أدنى شك، الأزمة متجذرة ومتأصلة في سوريا والبلاد لديها متطلبات حرجة لا يمكن تلبيتها بسهولة، لكن هذا الوضع لا يجب أن يستمر، وعلى مختلف الأطراف الوطنية العمل على إنهائه، خاصة أن مواصلة القتال تعني المزيد من الخسائر البشرية والمادية.
وبالتالي حتى تتمكن سوريا من تجاوز المرحلة الحالية ينبغي بالضرورة أن تكون الحلول المقترحة وطنية لا خارجية، فالمباحثات التي جرت في عدة عواصم أوروبية وآسيوية لم يكن الهدف منها إخراج سوريا من أزمتها، ما يعني أن ذلك الفشل كان متعمداً، ولذلك على مختلف أطراف النزاع عدم تكرار أخطاء الماضي والتوجه نحو الحوار المباشر عوضاً عن الاستعانة بأطراف لن تقدم أي حلول لأزمة بلادهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة