"دبلوماسية المؤتمرات".. مؤتمر ميونخ يطوي عقده السادس
60 عاما مضت على ظهور منصة غربية سرعان ما اكتسبت طابعا عالميا، خرجت من عباءة المناطقية لترسم بحرفية أبعاد الدبلوماسية متعددة الأطراف.
إنه مؤتمر ميونخ للأمن، المنصة الأمنية متعددة الأطراف الأشهر في العالم، والتي تطوي عقدها السادس في الدورة الـ59، في الفترة بين 17 و١٩ فبراير/شباط الجاري في فندق بيرانشه هوف الشهير بميونخ جنوبي ألمانيا.
وتجمع نسخة هذا العام من مؤتمر ميونخ، والتي تتزامن مع مرور عام على حرب أوكرانيا، أكثر من 450 من صناع القرار رفيعي المستوى وقادة الرأي البارزين من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك رؤساء الدول والوزراء وقادة المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، وكذلك القادة من قطاع الأعمال والإعلام والبحوث والمجتمع المدني.
وكما في العقود الستة الماضية، سيخضع المؤتمر بأكمله وجميع مكوناته لما يعرف بـ"قاعدة ميونخ"، والتي تعني المشاركة والتفاعل بين جميع المشاركين، فالأمر لا يقتصر على إلقاء الكلمات أو التصريحات الصحفية، بل تقوم الفعاليات على أساس التفاعل والتعلم التبادلي بين المشاركين، عبر الإجابة على الأسئلة المختلفة.
وأبرز المشاركين المعلنين حتى الآن: الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، المستشار الألماني أولاف شولتز، نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس، ووزير خارجية أوكرانيا ديمتري كولبيا.
تاريخ المؤتمر
يملك مؤتمر ميونخ تاريخا كبيرا يمتد لخمسين عاما، حيث تأسس عام 1963 بواسطة الباحث الألماني إيوالد فون كلايست، ومر بعدة مراحل تحول خلالها من مؤتمر لقضايا الدفاع فقط، ليكون ملتقى للسياسيين والدبلوماسيين، والعمل الدولي متعدد الأطراف.
وحمل المؤتمر عدة أسماء منها اللقاء الدولي لعلوم الدفاع، والمؤتمر الدولي لعلوم الدفاع، قبل أن يحمل الاسم الحالي "مؤتمر ميونخ للأمن".
ومنذ عام 2015، حضرت قضايا الشرق الأوسط بقوة على طاولة المؤتمر، حيث ناقش في ذلك العام إرهاب تنظيم داعش الإرهابي والبرنامج النووي الإيراني، وأزمة اللاجئين السوريين، والحرب في سوريا.
وفي 2016، كانت الأزمة السورية في بؤرة الاهتمام فضلا عن قضايا مكافحة الإرهاب وأزمة اللاجئين، وهي القضايا التي استمرت في مؤتمر 2017. وكانت الأزمة السورية حاضرة بقوة في مؤتمر 2018.
ورغم أهمية المؤتمر ومحورية اجتماعاته، طالته الانتقادات في عام 2018، لأنه لم يقدم إسهاما حقيقيا في حل القضايا الدولية الشائكة، إلى حد الذي دفع رئيسه آنذاك، فولفغانغ إيشينغر، إلى انتقاد دورة 2018، في خطابه الختامي، حيث قال "على مدار 48 ساعة، استمعنا للأخطاء التي تحدث في العالم، والأخطار التي تواجهنا. وماذا يجب أن نتجنبه مستقبلا".
وتابع في محاولة لتقييم المؤتمر "لكننا لم نستمع بالقدر الكافي لخطابات تضع خطوات محددة يمكن أن تؤدي لتحسن في وجهات النظر القاتمة للعالم في الوقت الراهن وحل مشكلاته"، في إشارة إلى أن المؤتمر لم يقدم حلولا للمشكلات التي يعاني منها العالم، بالشكل الكافي.
وفي 2021، عقدت إدارة المؤتمر "إصدار خاص" عبر الفيديو، شارك فيه سياسيون رفيعو المستوى، خاصة الرئيس الأمريكي جو بايدن، نظرا لتعقد الوضع الصحي في ذلك الوضع جراء تفشي جائحة كورونا.
أما نسخة العام الماضي فجرت عبر "مشاركة هجينة"، شملت فعاليات مقيدة على الأرض وتفاعلا واسعا عبر الفيديو، خوفا من فيروس "كورونا" في منتصف فبراير/شباط الماضي، وتزامنت مع التوتر المتزايد بين الغرب وموسكو في ذلك الوقت، والذي انتهى بهجوم الأخيرة على كييف في الـ24 من الشهر نفسه.
مكان الانعقاد
بخلاف دورة هذا العام التي تنعقد افتراضيا، بسبب جائحة كورونا، يقام المؤتمر سنويا في مدينة ميونخ وهي عاصمة ولاية بافاريا الألمانية.
وتعتبر ميونخ التي تقع على ضفاف نهر إيسار قرب الحدود مع النمسا، أكبر المدن الألمانية مساحة وسكانا، وأهم مراكزها الصناعية والسياحية.
أما مقر الفعاليات فيحتضنه فندق "بيرانشه هوف" الفاخر، وسط مدينة ميونخ، والذي يضم 340 غرفة و65 جناحا فندقيا و40 قاعة للمؤتمرات.
aXA6IDMuMTQyLjIxMi4xNTMg جزيرة ام اند امز