"الحاضنون الصامتون".. وراء انتشار كورونا السريع في العالم
إحدى الوسائل لتشديد مكافحة وباء فيروس كورونا قد تكمنت في التوصل إلى وضع فحوص أسهل وأسرع تصدر نتائجها في نصف ساعة عوضا عن الفحوص الحالية
يواصل وباء كورونا انتشاره في العالم دون أن يكون في الإمكان معرفة حصيلته الحقيقية، إذ إن عدد الإصابات الفعلية في العديد من الدول يبقى أعلى بكثير من الحالات التي يتمّ إحصاؤها رسميا، وهو فارق يتوقف على مختلف سياسات الفحوص المعتمدة.
وقال الباحث الأمريكي في جامعة كولومبيا جيفري شامان، الذي أسهم في دراسة حول هذا الموضوع تنشرها مجلة "ساينس"، إن عدد الحالات الفعلية أكبر حتما بـ5 إلى 10 أضعاف من الإصابات التي تكشفها الفحوص في معظم الدول المتطورة.
ورأت الحكومة البريطانية، الثلاثاء، من المنطقي تقدير عدد الإصابات بـ55 ألفا مقابل 1950 إصابة أُعلن عنها رسميا في اليوم نفسه، وهذا الفارق ناجم أولا عن كون قسم كبير من الأشخاص المصابين لا تظهر عليهم أعراض تذكر، أو ربما لا تظهر عليهم أي أعراض إطلاقا.
وأوضح معهد باستور على موقعه أن هذه الفئة تشمل 30 إلى 60% من الأشخاص المصابين، وبالتالي لا يتم رصدهم بسهولة.
دور الحاضنون الصامتون في انتشار كوفيد-19
وقال شامان "إنهم يواصلون حياتهم بشكل طبيعي، يعملون، ويستخدمون وسائل النقل العام، ويتسوّقون، يذهبون إلى أماكن أخرى في السيارة أو القطار أو الطائرة، هؤلاء الحاضنون الصامتون يسهلون عن غير قصد انتشار الفيروس".
لكن لا يعرف بالضبط حجم دورهم في انتشار فيروس كورونا المستجد، فالمصاب الذي لا يسعل هو مبدئيا أقل نشرا للعدوى من شخص يسعل ويبعث قطرات لعاب محملة بالفيروس.
وبمعزل عن هذه الحالات، فإن مدى الفارق بين الحصيلة الفعلية والحصيلة المثبتة يتوقف على سياسة كل بلد، إن كان يجري فحوصا على نطاق ضيق أو واسع لمواطنيه، وهي سياسة تختلف كثيرا من بلد لآخر.
وقال جيفري شامان: "هناك عدة أسباب لذلك، توافر الفحوص، وقدرة الدول على إجرائها، والجهل الذي يحمل على عدم النظر إلى المشكلة بجدية، أو الغرور المستمدّ من العزة الوطنية".
فحص كل الحالات المشتبه بها
وأوضحت المتخصصة في علم الأوبئة في المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة سيسيل فيبو بكوريا الجنوبية حيث الوباء في تراجع، كان المنعطف الحقيقي الزيادة الكبيرة في عدد الفحوص"، مضيفة "لا بدّ من معرفة المرحلة التي بلغها الوباء من أجل التصرف، ويجب من أجل ذلك إجراء فحوص".
وهو ما دعا إليه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس، الإثنين، بقوله "افحصوا كل حالة مشتبه بها"، مشددا على أن ذلك يندرج ضمن استراتيجية محددة، هدفها احتواء الوباء مثلما يتم احتواء حريق مشتعل.
وتابع "إذا كانت الفحوص إيجابية، اعزلوا هؤلاء المرضى وابحثوا عمّن تواصلوا معهم عن كثب حتى قبل يومين من ظهور الأعراض وافحصوا هؤلاء الأشخاص بدورهم".
والاستراتيجية القائمة على الفحوص العامة وتعقب التواصل بحثا عن كل من كان على اتصال بشخص مصاب، أثبتت جدواها في سنغافورة.
سياسة مشددة من الفحوص
وأوضحت مديرة معهد دوهرتي شارون لوين، وهي من كبار خبراء الأمراض المعدية العالميين "اعتمدت سنغافورة منذ وقت مبكر سياسة مشددة من الفحوص وتعقّب التواصل وفرض الحجر الصحي على الأشخاص الذين تواصلوا مع مرضى أثبتت الفحوص إصابتهم.
وارتفعت أصوات في فرنسا تندد بعدم إجراء فحوص بشكل مكثف، غير أن المعايير لإجراء الفحوص تطورت مع تطور الوباء، على غرار ما جرى في دول أخرى.
ففي مرحلة أولى، كانت أي حالة يشتبه بها تخضع للفحص، أما الآن فأوضحت وزارة الصحة أن "الفحوص محصورة بالمرضى في المستشفيات، والأشخاص الذين يعانون وضعا هشا، والعاملين في مجال الصحة الذين تظهر عليهم أعراض، والمتبرعين بأعضاء وأول ثلاثة مرضى في الدور الجماعية للأشخاص الضعفاء البنية، مثل دور المسنين ومراكز المعوقين".
وأكدت الوزارة "أجريت آلاف الفحوص منذ عدة أسابيع" من غير أن تحدد رقما معينا.
وأجرت إيطاليا، الدولة الأكثر إصابة بالوباء في أوروبا، 165 ألف فحص حتى الأربعاء، وفي إسبانيا التي تعتمد اللامركزية، لا يمكن معرفة عدد الفحوص التي جرت بشكل دقيق، أما في ألمانيا فالنهج المتبع يختلف بين المناطق، وأعلنت عدة دول في الأيام الماضية بينها الولايات المتحدة عزمها على تكثيف جهودها.
وإحدى الوسائل لتشديد مكافحة الوباء قد تكمن في التوصل إلى وضع فحوص أسهل وأسرع، تصدر نتائجها في نصف ساعة، عوضا عن الفحوص الحالية التي تستغرق نتائجها 4 إلى 5 ساعات.