الصلاة في زمن كورونا.. مساجد تغلق أبوابها وأخرى تتحدى
صلى كثير من المسلمين في العاصمة الإندونيسية جاكرتا في المنازل، وعلقت الصلاة في مسجد الاستقلال، أكبر المساجد بجنوب شرق آسيا
منع فيروس كورونا صلاة الجمعة لأول مرة في الذاكرة الحية في كثير من المساجد من إندونيسيا إلى المغرب اليوم، لكن بعض المسلمين تحدوا النصائح في بعض المناطق وتجمعوا للصلاة.
وفي المسجد الحرام بمكة المكرمة، كان صحن الكعبة الذي يعج عادة بالمصلين خاليا يلفه الصمت، وفي مسجد الراجحي الضخم بالرياض، كان الإمام والمؤذن، وغيرهما من الموظفين فقط يصلون بالداخل بدلاً من الألوف الذين كانوا يحتشدون عادة للصلاة، وغلبت الدموع المؤذن ناصر محمد وهو يقول: "هذا شعور لا يوصف، إن المآذن لتبكي، هذه المساجد كانت مليئة بالمصلين".
وأغلقت المساجد أبوابها من المسجد الأزرق في إسطنبول، بمآذنه المميزة وقبابه المرصوصة جنبا إلى جنب، إلى قبة الصخرة في القدس بسقفها الذهبي، وصولا إلى مسجد الحسن الثاني الضخم في الدار البيضاء بالمئذنة المربعة ذات الزخارف، لكن في كراتشي، أكبر مدينة في باكستان، اكتظت المساجد بالمصلين عندما قال الشيخ للجمع في مكبر للصوت: "لسنا ضعفاء حتى نسمح لهذا الفيروس بأن يفرغ مساجدنا".
وفي أماكن أخرى، توافد المسلمون على المساجد من القاهرة إلى مقديشو، مهما كانت المخاطر، وقال الشيخ عبدي حي في مقديشو في خطبته بينما كان الناس يصلون في الشارع غير قادرين على الانضمام للحشد بالداخل: "لا أطلب منكم عدم اتخاذ الإجراءات الوقائية، لكن هناك الكثير من المبالغة فيما يتعلق بفيروس كورونا".
ومع انتشار الوباء، علقت بعض الحكومات صلاة الجماعة أو أغلقت المساجد بالكامل، تاركة كثيرين من المسلمين البالغ عددهم 1.6 مليار في العالم يصلون في المنازل أو في أماكن العمل أو في الحدائق العامة أو حتى في الشوارع، وتسبب تجمع ديني حضره 16 ألف شخص في ماليزيا، خلال فبراير/ شباط في 670 إصابة بكورونا في 4 دول بجنوب شرق آسيا، وألغيت صلاة الجمعة في ماليزيا في وقت لاحق.
وساعدت المزارات الدينية المزدحمة في إيران، التي تجتذب الزوار من الداخل والشيعة من الدول الأخرى، على تسريع وتيرة انتشار واحدة من أكبر موجات التفشي حتى الآن.
وصلى كثير من المسلمين في العاصمة الإندونيسية جاكرتا في المنازل، وعلقت الصلاة في مسجد الاستقلال، أكبر المساجد بجنوب شرق آسيا، واستند إمامه نصر الدين عمر إلى فتوى من مجلس علماء الدين في البلاد، وقال عمر، في مؤتمر صحفي: "هناك مبرر كاف لتجنب مثل هذه التجمعات الدينية"، لكن في أماكن أخرى بأكبر دولة إسلامية من حيث عدد السكان تجاهل الناس خطر الإصابة بفيروس كورونا وتوافدوا على المساجد.
وقال أسوين جوسار (76 عاما) في بلدة ديبوك جنوبي جاكرتا في الوقت الذي كان يستعد فيه لحضور صلاة الجمعة كالمعتاد على الرغم من دعوة رئيس البلدية إلى تعليق الأنشطة الدينية: "الله يحفظ من يحافظون على فرائضهم".
وفي القاهرة، ظلت المساجد مفتوحة، لكن السلطات الدينية حثت الأئمة على تقصير الخطبة والصلاة، وقالت إن على المصلين أن يتوضأوا في المنازل، لكن محمد مصلح (31 عاما) الذي كان يصلي في الجامع الأزهر قال إنه لا يشعر بالقلق، وأضاف الشاب (31 عاما): "لماذا أخاف من الخروج أو التسوق أو العمل أو الصلاة أو الذهاب إلى أي مكان آخر؟ لكن فقط بعد اتخاذ الاحتياطات والعناية بنظافتي وكل تلك القواعد التي يمليها علينا الإسلام".
لكن الحكومات أغلقت المساجد من المغرب إلى ليبيا وهي خطوة لم يسبق لها مثيل حتى في أوقات الحرب والثورات، ويرفع المؤذنون الأذان يدعون فيه المؤمنين إلى الصلاة في المنازل، وقال الفقيه الجزائري في الشريعة الإسلامية، محمد مولودي إنه القرار الصائب، مضيفا: "الإسلام يدعو إلى الحياة ولا يدعو إلى الموت".
وفي القدس، أغلقت قبة الصخرة والمسجد الأقصى، وسمح رجال الدين بالصلاة في ساحة الحرم الشريف، واشتبك بعض المصلين مع الشرطة الإسرائيلية التي حاولت الحد من الأعداد.
وفي سوريا، التي تمزقها الحرب، أُغلق المسجد الأموي في دمشق للمرة الأولى منذ أكثر من ألف عام، وشعرت بثينة (44 عاما) التي تصلي هناك منذ سنوات كأنها فقدت بيتها، وقالت بعد الصلاة بالخارج: "لا أريد أن أغادر. أريد أن أجلس هنا قليلا".
كما أغلق أكبر مسجد في كينيا بالعاصمة نيروبي، وقال عبد الله حكيم وهو أحد المصلين: "نحن المسلمين نصلي وندعوا الله أن يساعدنا في التغلب على هذه الكارثة لأننا كما ترون نصلي في الشرفات. جميع المساجد مغلقة".