هواوي 2019.. الفائز الصامت في حرب ترامب مع الجميع
اختار العملاق الصيني مواجهة الحرب الأمريكية والعمل على عدة خطة من عدة محاور عنوانها "الاستغناء عن التكنولوجيا الأمريكية".
في منتصف مايو 2019، أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إدراج شركة هواوي تكنولوجيز الصينية العملاقة و70 شركة تابعة لها إلى "قائمة الكيانات"، وهي بمثابة قائمة سوداء تمنع الكيان الصيني من الحصول على المكونات التكنولوجية من الشركات الأمريكية دون موافقة الحكومة.
كانت تلك الخطوة آنذاك جولة من جولات الحرب التجارية المشتعلة بين أكبر اقتصادين في العالم ودائرة من دوائر الهجمات الاقتصادية التي شنها ترامب على معظم الدول الكبرى المتعاملة مع بلاده حتى دول الجوار (كندا والمكسيك) والحليف الأوروبي.
"أمريكا أولا" كان الشعار الذي شن باسمه ترامب حروبه التجارية حول العالم، لكن هواوي لم تستلم للراية الأمريكية.
بدون شك، كانت الخطوة الأمريكية زلزال كبير لاستقرار هواوي، خاصة بعد إعلان جوجل اللاحق في ذات الشهر بحرمان هواتف هواوي من نظام أندرويد وجميع تطبيقاته وهو الإعلان الذي هز ثقة العملاء في هواتف الشركة الصينية.
بهدوء، امتصت هواوي الصدمة، وبدا أنها اختارت أن تسلك الطريق الصعب للحفاظ على استقرارها والوصول إلى هدفها المتمثل في الصدارة العالمية.
لم تنتظر هواوي عفوا من الإدارة الأمريكية، ولم تستسلم لإغراءات الهدنة التي ألمح إليها ترامب مرارا، بل اختارت المواجهة والعمل على عدة خطة من عدة محاور عنوانها "الاستغناء عن التكنولوجيا الأمريكية".
وعلى مدار الأشهر المتبقية من عام 2019، عملت الشركة الصينية على إنشاء نظام تشغيل خاص بها، ومواجهة الادعاءات الأمريكية حول شبكاتها للجيل الخامس، وفي ذات الوقت طرح مزيد من الهواتف الذكية دون تعطيل لخططها التوسعية، ثم البحث عن بدائل للمكونات أمريكية الصنع.
بدت هواوي وكأنها ستخرج من محنتها أقوى بكثير.. بدت "فائزا صمتا" في هذه الحرب.
"نحن مستعدون لذلك.. واشنطن تسيء تقدير قوتنا"
"نحن مستعدون لذلك"، كان أول رد رسمي من رين تشنغ فاي مؤسس شركة هواوي الصينية على الخطوة الأمريكية.
كان هذا التصريح غريبا آنذاك، خاصة وأن هواوي تعتمد على تقنيات الموردين الأجانب لدرجة أنها تشتري مكونات بنحو 67 مليار دولار سنويا بينها 11 مليارا من موردين أمريكيين.
ولاحقا، أصبحت تصريحات مؤسس هواوي أكثر تحديا، عندما أعلن أن واشنطن "تسيء تقدير قوة" شركته.
كما دعا مؤسس هواوي حكومة بلاده إلى عدم توجيه أي رد انتقامي لشركة أبل منافسته الكبرى، ولجأت من جانبها إلى الحل القانوني، حيث بدأت مقاضاة الحكومة الأمريكية في قلب الولايات المتحدة وفي جهات دولية.
وفي ذات الشهر، أطلقت هواوي سلسلة هواتفها الذكية الجديدة (هونر 20)، متجاهلة الخطوة الأمريكية.
لكن يونيو 2019 حمل إحباطا جديدا لهواوي بعد أن أعلنت شركة "فيسبوك" إنها قررت منع "هواوي" من التثبيت المسبق لتطبيقات الشركة الشهيرة فيسبوك وواتساب وأنستقرام.
هواوي تعلن نظام تشغيل خاص
في أغسطس 2019، أعلنت هواوي عن نظام تشغيل جديدا تجهز به هواتفها النقالة تحت اسم "هارموني أو إس" ليكون بديلا لنظام "أندرويد" التابع لشركة "جوجل" الأمريكية.
وفي مؤتمر بالصين، قال ريتشارد يو، المدير التنفيذي للشركة، إن امتلاك نظام تشغيل خاص "ضروري من أجل مواجهة التحديات المستقبلية".
هكذا بدا أن هواوي (ثاني أكبر منتج للهواتف في العالم) مستمرة على طريق الاستقلال من التكنولوجيا الأمريكية ونحو مزيد من إجبار الغرب على الرضوخ لقواعد السوق القاضية بالتعاون من أجل الحفاظ على توزان سلاسل الإمداد أو مواجهة عزفا منفردا من العملاق الصيني بشراكات آسيوية.
انتصارات متتالية في ميدان "الجيل الخامس"
وبالتوازي، لم تتجاهل هواوي الملف الأهم.. حرب الجيل الخامس، فبادرت بمواجهة الادعاءات الأمريكية التي تتهمها بالتجسس على الدول من خلال معدات الجيل الخامس التي يتم تعاقد عليها.
كما نفت أي صلة لها مع أجهزة الاستخبارات الصينية، وركزت على توضيح دورها كعامل أساسي لنشر التقنيات الحديثة بتكلفة منخفضة.
وقد آتت تلك الحملة أيضا ثمارها، فأعلنت كل من المجر وألمانيا والفلبين وإيطاليا والبرازيل وبولندا وتايلاند الاستعانة بمعدات الجيل الخامس التي تصنعها هواوي.
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMzgg جزيرة ام اند امز