جيولوجي يكشف لـ"العين الإخبارية" أوجه الشبه بين كارثة تركيا وزلزال 92 في مصر
على مقياس ريختر، فإن زلزال تركيا، الذي وقع الإثنين الماضي، وكانت قوته 7.8 درجة، يفوق زلزال عام 1992 في مصر، والذي كانت قوته 5.8 درجة، بنحو 20 ضعفاً، فوفق هذا المقياس، تمثِّل كل درجة، 10 وحدات زائدة.
ومع هذا الفارق الكبير في القوة، كان زلزال مصر مدمراً، ذلك لأنه وإن كان أقل في القوة توافر له عنصران اشترك فيهما مع زلزال تركيا، وكانا سبباً في قوته التدميرية.
وعن هذا التشابه بين الزلزالين يتحدث الدكتور زكريا هميمي، أستاذ الجيولوجيا في جامعة بنها- مصر، في حوار مع "العين الإخبارية".
بداية: من حين إلى آخر تعلن الشبكة القومية للزلازل في مصر عن رصد زلزال بقوة تتعدى درجات زلزال أكتوبر 1992، ومع ذلك لا يكون لها تأثير تدميري، فكيف نفسِّر ذلك؟
تفسير ذلك بسيط، وهو أن المعيار هنا هو شدة الزلزال وليس قوته، فالقوة هي درجة ثابتة تصف حدثاً بعينه، وتعبِّر عن مركز الزلزال وبؤرته فقط، بينما الشدة هي مقدار الضرر البشري والمادي الذي يخلّفه الزلزال، والذي يزداد كلما اقتربنا من مركزه.
وبالتطبيق على هذه التعريفات، فإن زلزال 1992، كان مركزه قريباً من الكتلة السكانية (منطقة دهشور بالجيزة)، ولذلك شعرنا به، بينما الزلازل الأخرى يكون مصدرها بعيداً عن القاهرة بمسافة كبيرة جداً، مثل زلزال تركيا الذي شعر به سكان القاهرة، ولكن تأثيره كان محدوداً، لأن القاهرة تبعد عن المصدر بنحو 900 كيلومتر.
زلزال تركيا الذي كانت قوته 7.8 درجة، كان في الوقت نفسه قريباً من الكتلة السكانية، إذ إن صدع شرق الأناضول، الذي تسبب في الزلزال، يمتد تحت مناطق مكتظة بالسكان، وهو ما زاد من قوته التدميرية، وقد كنا محظوظين في مصر، في أن زلزال 1992، كان ضعيفاً، لأنه لو اشتركنا مع زلزال تركيا في العاملين، وهما القوة والقرب من الكتلة السكانية، لكان الدمار أكبر.
أحد الخبراء كتب تحليلاً ذهب فيه إلى أنّه ليس القرب المكاني فقط هو الذي تسبب في الأثر التدميري لزلزال 1992 ولكن نوعية البناء الهشّة وهو ما جعل مباني تصمد في مواجهة الزلزال وأخرى تدمّرت
من الجيّد أنك تطرقت إلى هذه المسألة، لأن طبيعة البناء عامل آخر مشترك بين زلزال عام 1992 في مصر وزلزال تركيا، فأغلب المباني التي دمرها الزلزال في تركيا، هي تلك المبنية قبل صدور قانون البناء، الذي يلزم بأن تكون البناء مقاوماً للزلازل، وهو الذي صدر بعد الزلزال الكبير الذي ضرب شرق تركيا بقوة 7.4 درجة في عام 1999 وأودى بحياة 17 ألف شخص.
وفي الحالة المصرية، حدّث ولا حرج عن مبانٍ كثيرة كانت مخالفة من حيث ارتفاعات كبيرة لا يتحملها الأساس، وكذلك مبانٍ كان بها غش في مواد البناء، وساعد ذلك على زيادة القوة التدميرية للزلزال.
لكن اللافت أن المنطقة التي كانت مصدراً لزلزال مصر لم تكن مصدراً لزلازل مُدمِّرة بعد هذا التاريخ، بينما منطقة الزلزال في تركيا كثيرة الزلازل؟
يجب العلم أن تلك المنطقة وغيرها تحدث فيها زلازل من حين إلى آخر تكون ضعيفة وغير محسوسة، وهذا من لطف الله بعباده، لأن هذه الزلازل الضعيفة تخرج الطاقة المكبوتة من حين إلى آخر، لكن إذا حدث تجميع للطاقة يمكن أن يحدث زلزال مدمر.
وعلى العكس من ذلك، فإن صدع شرق الأناضول الذي كان مركزاً للزلازل في تركيا، يمتد حوالي 650 كيلومتراً من مرتفعات شرق تركيا إلى البحر الأبيض المتوسط، ومن ثم يتجه جنوباً ويلتقي بالنهاية الشمالية لنظام الصدع الكبير الذي يفصل الصفائح الأفريقية والعربية، وتعد منطقة التقاء الصفائح التكتونية منطقة نشطة زلزالياً.
وهل يمكن التنبؤ بموعد حدوث الزلازل؟
من يقول ذلك لا يستحق لقب باحث أو عالم، لأن الزلازل أحداث مفاجئة ولا يمكن التنبؤ بموعدها، ولكن في المناطق المعروف أنها نشطة زلزالياً توجد برامج ذكاء اصطناعي يتم تغذيتها بالبيانات عن معدلات الزلازل وقوتها في تلك المنطقة خلال فترة زمنية معينة، وتضع احتمالات لكن لا تستطيع أن تحدد موعداً بعينه كما تردد.