عند التفكير في الدول التي تمتلك أقوى الجيوش في العالم يتبادر إلى الأذهان عمالقة مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين والمملكة المتحدة لكن هناك دولة تضم أفضل قوة جوية وجيشا يعد من أقوى الجيوش في العالم، تقع في جنوب شرقي آسيا.. إنها سنغافورة
دولة بحجم مدينة
تقع سنغافورة على الطرف الجنوبي لشبه جزيرة الملايو، إذ تطل على الركن الجنوبي من ولاية جوهور الماليزية، وعلى الركن الشمالي من جزر رياو الإندونيسية وتعد بلدا بالغ الصغر من ناحية المساحة التي تصل إلى سبعمئة وتسعة عشر كيلومترا مربعا (719 كم²)، وعدد سكانها لا يتجاوز الخمسة ملايين نسمة.
ترسخ مفهوم القوة العسكرية في سنغافورة منذ استقلالها عن ماليزيا عام ألف وتسعمئة وخمسة وستين 1965، ففي العقود الأولى للاستقلال كانت العلاقات مضطربة مع جيرانها المباشرين، وبالتحديد إندونيسيا وماليزيا.
نتيجة لذلك لجأت سنغافورة إلى الاستثمار في قوتها العسكرية؛ حيث كان هناك شعور دائم بأنهم معرضون للخطر كونهم صغارا للغاية.
جيش على النمط الإسرائيلي
نشرت صحيفة "هآرتس" تقريرا حول التعاون العسكري والأمني بين إسرائيل وسنغافورة، الذي بدأ في ستينيات القرن الماضي ببناء جيش سنغافورة على يد إسرائيل.
وفي كتابه من العالم الثالث للعالم الأول، كشف رئيس الحكومة السنغافورية الراحل لي كوان يو عن المساعدات الإسرائيلية في إقامة وبناء جيش سنغافورة.
حيث توجه مطلع عام ألف وتسعمئة وخمسة وستين 1965 لعدة دول للحصول على استشارات عسكرية، لكن من استجاب لطلبه كانت إسرائيل".
وفي نوفمبر من العام نفسه وصل عسكريون إسرائيليون إلى سنغافورة تحت غطاء من السرية، ولإخفاء وجودهم في سنغافورة لقبوا ب"المكسيكيين"، تولى جزء منهم مهمة تشكيل وزارة الدفاع، والجزء الآخر تكوين الجيش.
صعوبات جغرافية
تخيل أنك في طائرة مقاتلة تقلع بسرعة أربعمئة ميل في الساعة، فإنك حتما ستغادر المجال الجوي السنغافوري بسرعة كبيرة.
جغرافية المكان مشكلة واجهت الجيش السنغافوري، ببساطة لا توجد مساحات كافية على الجزيرة لتدريب القوات المقاتلة.
لكن الحل كان عبقريا..
أرسلت سنغافورة بعض جنودها وكثيرا من معداتها إلى الخارج..
جيش لديه أفراد وأسراب جوية في الولايات المتحدة وأستراليا وبروناي ونيوزيلندا وتايوان على سبيل المثال لا الحصر.
الغرض الرئيسي من عمليات النشر هو التدريب، إلا أنه قدم ميزة أكثر أهمية، وهي القدرة على شن هجوم مضاد فعال.
يقول الخبراء العسكريون إن فكرة توزيع القوة العسكرية والأصول في الخارج.. توفر نوعا من التعزيزات الاحتياطية، وهو شكل من أشكال التأمين.
ففي حال القضاء على القوات المنتشرة داخل سنغافورة في هجوم معاد.. سيأتي الدعم من كل حدب وصوب.
فمع وجود عدد قليل من السكان ومناطق محدودة للتدريب العسكري أصبح من الواضح أن الطريقة الوحيدة التي يمكنهم من خلالها تأمين بلادهم هي منافسة منافسيهم بالتكنولوجيا المتطورة، فليس لديهم معدات متطورة فحسب، بل يمتلكون خبرة تصنيعها وتشغيلها بمستوى عال جدا.
ميزانية الدفاع وتسليح جبار
تاريخيا كانت الدولة المدينة تتمتع بميزانية دفاعية عالية، ما يقارب خمسة عشر 15 مليار دولار، تشكل ثمانية عشر في المئة 18٪ من الميزانية السنوية لسنغافورة.
يعتبر الجيش صغيرا مقارنة ببعض خصومه الإقليميين، والخدمة عسكرية إلزامية ويمكنها تعبئة جيشها بسرعة للحرب في غضون ساعات، حيث يضم اثنين وسبعين 72 ألف فرد فقط، لكن لديه بعض من أفضل المعدات تم إنتاج جزء كبير منها بالكامل أو تم تحسينه بواسطة الشركات السنغافورية.
تضم القوات الجوية ستين 60 طائرة من طراز إف-ستة عشر (F-16) الأمريكية وأربعين 40 طائرة من طراز إف-خمسة عشر اس جي (F-15SG) تم تصميمها خصيصا للقوات الجوية السنغافورية.
كما أنها تشغل عشرين 20 طائرة هليكوبتر من طراز أباتشي لونغ بو ايه اتش-أربعة وستين AH-64D Apache Longbow، وهي واحدة من أفضل الطائرات الحربية العاملة حاليا.
تمتلك البحرية السنغافورية ست فرقاطات شبحية من طراز فورميدابل Formidable، وإصدارات مرخصة من صنع سنغافورة من فرقاطة فرنسية من طراز لا فاييت La Fayette، وعددا من الغواصات المتطورة.
في النهاية على الرغم من صغر حجمها الجغرافي فإن سنغافورة تمتلك واحدة من أكثر الجيوش تطورا وتجهيزا في جنوب شرق آسيا، فهي تنفق على جيشها أكثر من أي من جيرانها فأصبحت قوة اقتصادية وعسكرية عالمية.
صنفتها مجلة جلوبال فاينانس Global Finance على أنها رابع أغنى دولة في العالم من الناتج المحلي الإجمالي، وقد تمكنت من البقاء على رأس تلك القائمة لعقود.