النقشبندي يطوف العالم بصوته.. والسادات أمر بتعاونه مع بليغ حمدي
صوت النقشبندي تحول إلى علامة رمضانية عربية تتجاوز الحدود، وكلفه السادات بالتعاون مع بليغ حمدي فكانت معجزة موسيقية
مع نسمات آذان الفجر ووشوك الغروب، يزور الشيخ سيد النقشبندي الملايين كل عام في لحظات الصفاء تلك بابتهالاته الروحانية.. ولعل أكثرها ارتباطا بالشهر الكريم هي "رمضان أهلا".
رمضان أهلا مرحبا رمضان
الذكر فيك يطيب والقرآن
بالنور جئت وبالسرور
ولم يزل لك في نفوس الصالحين مكان
يتلون آيات الكتاب
وما لهم إلا بآيات الكتاب أمان
فلا يزال ابتهال الشيخ النقشبندي "رمضان أهلا" مفتاح من مفاتيح استقبال الشهر الأعظم، فرغم رحيل النقشبندي عام 1976 إلا أن تجلياته المرتبطة بالمديح والابتهال في شهر رمضان الكريم لا تزال عصية على النسيان.
عُرف النقشبندي بـ"أستاذ المداحين"، تُنير ابتهالاته القلب أينما كان وحلّ، ورغم ارتباط صوته بأثير الإذاعة المصرية، إلا أن فضائيات العصر لا تزال تجد في صوته ملاذا لروحانيات الشهر الكريم، ومن أبرز تلك العلامات "مولاي" التي كانت من أولى ابتهالاته المصحوبة بلحن، وأذيعت أول مرة في شهر رمضان الكريم، ولها واقعة شهيرة، حيث جمع الرئيس المصري الراحل أنور السادات بينه وبين الملحن المصري الشهير بليغ حمدي، لإنتاج توشيحات مُلحنة، ورغم تحفظ النقشبندي في البداية مُتخوفا من هذه التجربة، إلا أنه وبليغ حمدي نجحا في ترك عدد من أعظم الابتهالات الدينية في تاريخ الإنشاد.
ويُذكر أن بليغ والنقشبندي لم يتقاضيا وقتها أجراً عن "مولاي"، التي صارت وتظل علامة من علامات الإذاعة المصرية في رمضان.
مَوّلاي إنّي ببابكَ قَد بَسطتُ يَدي..
مَن لي ألوذُ به إلاك يا سَندي؟
أقُومُ بالليّل والأسّحارُ سَاهيةٌ
أدّعُو وهَمّسُ دعائي.. بالدُموُع نَدي
بنُورِ وَجهِكَ إني عَائدٌ وجلُ..
ومن يعد بك لن يَشّقى إلى الأبدِ..
مَهما لَقيتُ من الدُنيا وعَارِضه..
فَأنّتَ لي شغلٌ عمّا يَرى جَسدي..
وإلى جانب بليغ حمدي، سجّل النقشبندي مجموعة من الابتهالات الدينية من ألحان سيد مكاوي ومحمود الشريف وحلمي أمين وغيرهم.
واستطاع الشيخ سيد النقشبندي، مواليد عام 1920، عبر صوته المميز وأدائه الذي لا يمكن أن تُخطئه أذن، أن يصير صاحب مدرسة دامغة في الإنشاد الديني والمديح، وقد كانت سنوات طفولته الأولى تُمهد لهذا، فقد أتم حفظ القرآن الكريم كاملا، والتحق بحلقات الذكر بين مريدي الطريقة النقشبندية الصوفية، التي يعد والده الشيخ محمد النقشبندي أحد مشايخها.
ومع خمسينيات القرن الماضي ذاعت شهرته في مصر والعديد من المدن العربية، فسافر إلى السعودية وأبوظبي والأردن ودمشق وحلب واليمن وإندونيسيا والمغرب العربي والعديد من الدول الأفريقية والآسيوية.
وأسهمت الإذاعة المصرية في الستينيات في توسيع القاعدة الشعبية للشيخ النقشبندي، بمشاركته في تسجيلات عدد من أبرز برامج الإذاعة الدينية آنذاك، منها برنامج "رحاب الله"، علاوة على تسجيله بصوته لعدد من الأدعية الدينية التي كانت تذاع يوميا عقب آذان المغرب، ومع صعود التلفزيون اشترك في حلقات برنامج "نور الأسماء الحسنى"، و"الباحث عن الحقيقة" وكان عن قصة الصحابي الجليل سلمان الفارسي.
ولعل نصيب النقشبندي من اسمه وافرا، فكلمة النقشبندي تُشير في المعجم لمعنى "نقش حب الله في القلب"، وهو الحب الذي تمكن منه، وراح يُردد صداه على هيئة كروان يُنشد في حب الله ملء صوته وقلبه.