نظرة فنية لـ"البالوعات" تسجل الذاكرة الحضرية للقاهرة
معرض بالوعات القاهرة يضم عددا من الصور الفوتوغرافية التي تبحث في جمالياتها والتي تنطوي على مراحل متتالية من التصميم والنحت.
في نظرة غير تقليدية لـ"البالوعات" المقترنة غالباً بطابعها الوظيفي وسياقها الحضري كأغطية للصرف الصحي، أسس عدد من الفنانين بالقاهرة معرضاً للبالوعات يستمر حتى نهاية مارس/آذار الجاري.
ويضم المشروع عدداً من الصور الفوتوغرافية التي تبحث في جماليات تصميم البالوعات بالقاهرة، والتي تنطوي على مراحل متتالية من التصميم والنحت والصب والسبك المعدني.
وينطلق المعرض من تصدير لعبارة وردت في رائعة فيكتور هوجو "البؤساء" يقول فيها :"تاريخ الإنسانية ينعكس فى تاريخ مجاريها"، في إحالة مقصودة لدور غطاء البالوعة في الحفاظ على الذاكرة الحضرية للمدينة، التي تقص العديد من سرديات المدنية من زاوية غير مطروقة، وغالباً لا يراها الناس.
ويعتبر المعرض توثيقاً لمجموعة متنوعة من البالوعات التي تختلف في الشكل والحجم والتاريخ، من أجل الكشف عن دور أغطية البالوعات في طرح روايات جديدة لقصة المدينة، وانطلقت فكرته من صورة نشرتها صاحبة فكرة المعرض سلمى نصار، المحاضرة بقسم الهندسة المعمارية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، على حسابها على "أنستقرام" لغطاء بالوعة بارزة التفاصيل في حي مصر الجديدة، وقرأت عليها كلمة "هليوبلس" بخط "تايبوغرافي" جمالي، فلفتت نظرها آنذاك.
واعتبرت صاحبة الفكرة أن تلك الصورة يمكن أن تطرح نقاشاً فنياً قابلاً لأن يكون مجالاً لمشاركة عدد من الفنانين به، حتى انتهى المطاف بالمعرض الذي يقام حالياً في ممر "كوداك" بوسط مدينة القاهرة، بعد أن استطاعت ومن تحمس معها للمشروع خلال 3 سنوات تصوير وتوثيق بين 200 و300 بالوعة في القاهرة.
ويضم المعرض الذي أطلقته سلمى نصار مع كل من الفنانين فاطمة نيازى وشهاب الشاذلي بالتعاون مع مشروع "كايروبوليتان"، سلسلة من الصور الفوتوغرافية لعدد كبير من البالوعات من مختلف أحياء وضواحي القاهرة العمرانية، ويقوم المعرض بتقسيم الـ"بالوعات" حسب المنطقة الجغرافية، مرفقاً بها خريطة لموقع البالوعة وتاريخها، في إحالة واضحة للارتباط الفني بين تلك الأغطية والتاريخ الفني للقاهرة من نحت وتصميم وسبك معدني، ويحيل المعرض إلى أن اختلاف مواقع البالوعات يشير إلى السياقات الحضرية المختلفة، مما يؤدي إلى رواية قصص مختلفة متعلقة بالزمان والمكان.
واستغل القائمون على المعرض الجهد البحثي الذي تم من خلاله عرض الصور الفوتوغرافية لبالوعات أحياء القاهرة، وبُعدها التاريخي في كثير منها من خلال جمعها في كتاب توثيقي خاص معروض داخل المعرض، وبه حكايات عن البالوعات وسبكها الفني، لا سيما أن عدداً كبيراً من البالوعات التي يتناولها المعرض تحمل شعارات تاريخية يمتد بعضها إلى عام 1915، وتحمل شعار علم مصر في تلك الفترة، كما تحمل بعض البالوعات شعار العلم العثماني، ورمز النسر، وشعار الهيئة العامة لمرفق الصرف الصحي، وغيرها من الشعارات المدموغة بتاريخ سبكها.
وإلى جانب الفوتوغرافيا كانت هناك مشاركات فنية لتصنيع مُجسدات لبالوعات تاريخية، مرت بمراحل من النحت والتصميم والسبك المعدني، ويعتمد المعرض التوثيقي على عنصر "صلابة" البالوعة باعتباره ثيمة تعكس صمودها أمام عوامل الزمن، وشهادتها على آلاف القصص في الشارع القاهري، وعلى تاريخ هذه المدينة الصاخبة وتمددها العمراني بسياقاتها الحضارية المختلفة.