ننهي في مقالنا الحالي قراءة السياسة الخارجية المصرية خلال عشر سنوات امتدت من يونيو/حزيران 2014 وحتى 1 أبريل/نيسان 2024، عبر "الدبلوماسية الرئاسية"، التي يقوم بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
جاء ذلك استناداً إلى الدراسة التوثيقية التي قامت بها الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، عبر أشكال ووسائل هذه الدبلوماسية، ودول مناطقها الجغرافية، زيارات واستقبالاً.
وتنوعت الدبلوماسية الرئاسية، بين لقاءات ثنائية وجماعية، واتصالات هاتفية وإلكترونية للرئيس مع مختلف مستويات المسؤولين في دول أجنبية أو مؤسسات أممية وإقليمية، وأخيراً أولويات الموضوعات التي عالجتها "الدبلوماسية الرئاسية" المصرية في هذه الفترة.
نبدأ هنا بالقمم الدولية الجماعية التي حضرها الرئيس عبدالفتاح السيسي مع زعماء ثلاثة فأكثر، حيث بلغت 176 قمة دولية، منها 123 خارجية عقدها الرئيس المصري خلال زياراته لمختلف مناطق العالم، و53 قمة داخلية عقدها في مصر مع ضيوفه من قادة دول العالم.
ومن حيث الموضوعات الرئيسية لهذه القمم، فقد أتت القضايا السياسية على رأسها، بعدد 101 قمة دولية، ثم تلتها القمم والمؤتمرات ذات الطبيعة الاقتصادية بعدد 38 قمة، بينما أتت القمم الأمنية - العسكرية في المركز الثالث بعدد 19 قمة، وأخيراً القمم المخصصة للأوضاع البيئية العالمية بعدد 18 قمة، كانت أبرزها القمة العالمية للمناخ رقم 27، المنعقدة في شرم الشيخ في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
ويتضح أكثر مشهد القمم بالتطرق إلى آلية القمم الثلاثية التي اتبعتها "الدبلوماسية الرئاسية" في نفس الفترة، حيث بلغ عددها حوالي 27 قمة. وأكدت هذه القمم الأولويات الإقليمية لهذه الدبلوماسية، حيث أتت في المقدمة القمم الثلاثية العربية بحوالي 11 قمة داخل وخارج مصر، أي بما يتجاوز نسبة 40% من كل هذه القمم. وقد تلتها القمم الثلاثية المتوسطية (المصرية اليونانية القبرصية) بعدد 9 قمم، وأخيراً القمم الثلاثية الإفريقية التي بلغت 7 قمم تنوعت دولها، وإن تصدرتها القمم المصرية – السودانية – الإثيوبية بعدد 5 قمم، وهو ما يوضح أهمية قضية الأمن المائي للسياسة الخارجية المصرية، وحرصها على حل التداعيات السلبية للسد الإثيوبي على دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان.
ويكتمل مشهد القمم الدولية للرئيس السيسي باللقاءات الثنائية التي عقدها مع قادة دول العالم، سواء في زياراته الخارجية أو داخل مصر، في كل المناسبات الثنائية والجماعية، فقد بلغ إجمالي هذه القمم الثنائية خلال السنوات العشر حوالي 784 قمة، منها 462 قمة بالخارج، و322 قمة بالداخل.
وتؤكد أيضاً هذه القمم أولويات "الدبلوماسية الرئاسية" المصرية، حيث أتت دول العالم العربي في المقدمة بعدد 313 قمة ثنائية، وتلتها دول القارة الأوروبية بعدد 196 قمة، عقدت غالبيتها بالخارج بعدد 134 قمة ثنائية، وكانت أكثر هذه القمم الأوروبية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعدد 11 مرة خلال تلك الفترة منها 9 قمم بالخارج وقمتان داخل مصر.
وفي تأكيد واضح تماماً لأولوية القضية الفلسطينية ضمن اهتمام "الدبلوماسية الرئاسية" المصرية الأكبر بالإطار العربي، أتت القمم الثنائية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المقدمة بحوالي 37 قمة غالبيتها عقدت داخل مصر بحوالي 27 قمة، وتمت القمم الباقية خارج مصر على هامش قمم ومنتديات دولية شارك فيها الزعيمان.
تأتي بعد هذا لقاءات الرئيس السيسي مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، بحوالي 30 قمة ثنائية، عقد منها 17 قمة داخل مصر، والـ13 قمة الأخرى عقدت خارج مصر، سواء في دولة الإمارات أو على هامش قمم ومنتديات دولية شارك فيها الرئيسان.
وجاءت في المرتبة الثالثة للقمم الثنائية مع القادة العرب، اللقاءات مع العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، بعدد 29 قمة ثنائية منها 16 قمة خارجية عقدت في المملكة الأردنية أو على هامش قمم ومنتديات دولية شارك فيها الزعيمان، ومنها 13 قمة ثنائية داخل مصر.
وقد حل عام 2020 بانتشار جائحة كورونا التي فرضت قيوداً وعقبات على التحرك والسفر لقرابة العامين، لكي تدفع "الدبلوماسية الرئاسية" المصرية حينها إلى استخدام وسائل الاتصال التليفونية والإلكترونية، حيث شارك الرئيس عبدالفتاح السيسي في عديد من القمم والمحافل الدولية الافتراضية عبرها، وبلغ عددها خلال خمس سنوات نحو 42 مشاركة، أتت على رأسها دول القارة الأفريقية بعدد 14 قمة افتراضية، وتلتها القمم الجماعية التي نظمتها الأمم المتحدة بعدد 10 قمم، ثم دول القارة الأوروبية بعدد 6 قمم.
وأما فيما يخص الاتصالات الهاتفية بوجه عام، فقد بلغ عدد الاتصالات التي أجراها أو تلقاها الرئيس المصري من قادة العالم خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، حوالي 276 اتصالاً هاتفياً، وتنوعت تلك الاتصالات حسب المناطق الجغرافية التي ينتمي إليها هؤلاء القادة، وجاءت دول القارة الأوربية في الصدارة في حين جاءت الدول العربية في المركز الثاني، وتلتها دول القارة الأفريقية في المرتبة الثالثة من إجمالي هذه الاتصالات.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة