السيسي بالسودان.. تفاهمات استثنائية ورسائل سياسية
رسائل سياسية عنوانها التوافق والمصير المشترك، حملتها زيارة الرئيس المصري إلى السودان اليوم، بحسب خبراء مصريين لـ"العين الإخبارية".
ووفق الخبراء تتلخص تلك الرسائل في خصوصية العلاقات الثنائية بين القاهرة والخرطوم، وكذلك التفاهمات المشتركة بين البلدين تجاه القضايا الإقليمية، كما أنها رسالة سياسية تعكس الرغبة المشتركة في دعم مصالح شعوب القرن الأفريقي.
وفي وقت سابق اليوم، وصل الرئيس المصري إلى الخرطوم في زيارة هي الأولى له منذ بدء الفترة الانتقالية في السودان وعزل الرئيس الإخواني السابق عمر البشير.
وخلال الزيارة، بحث السيسي مع رئيس المجلس الانتقالي عبدالفتاح البرهان، العلاقات العسكرية والأمنية والاقتصادية وقضية سد النهضة والأمن في البحر الأحمر وتطورات الأوضاع على الحدود السودانية.
ويرى المراقبون أن العلاقات المصرية السودانية "شهدت تطورا نوعيا في عهد المجلس الانتقالي"، خاصة على مستوى العلاقات الثنائية في ظل أزمات مشتركة يأتي في مقدمتها سد النهضة الإثيوبي.
علاقات نوعية
من جهته اعتبر هاني رسلان، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، أن زيارة السيسي للسودان تأتي تتويجا لتطورات إيجابية نوعية بالغة الأهمية في العلاقات المصرية السودانية بعد مرحلة طويلة من الفتور في عهد النظام السابق بالسودان.
وقال لـ"العين الإخبارية" إن التطورات النوعية في علاقات البلدين تمثلت مؤخرا في تبادل زيارات المسؤولين بين البلدين، واتفاقية التعاون العسكرية التي وقعت مؤخرا بين الجانبين.
وفي نهاية أكتوبر الماضي، زار القاهرة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس المجلس السيادي السوداني، حيث بحث مع الرئيس المصري عدداً من القضايا التي تهم البلدين.
وقبلها بشهرين، قام رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بزيارة إلى الخرطوم، على رأس وفد رفيع المستوى، في زيارة استغرقت يوما واحداً؛ لبحث عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، بما في ذلك ملف سد النهضة.
والأسبوع الماضي، زارت وزيرة الخارجية السودانية مريم صادق المهدي القاهرة، بالتزامن مع زيارة رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد الخرطوم، والتي على إثرها وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري المشترك.
ويقول "رسلان": "جزء من هذا الزخم في العلاقات يأتي بعد أن اتضحت الحقائق، فالتعددية السودانية كانت تشكل نوعا من الضغط في المرحلة الانتقالية، حيث كان هناك قضايا أساسية غير واضحة المعالم في مقدمتها الموقف من أزمة سد النهضة الإثيوبي".
وعن حجم التطور النوعي والتغيير في علاقات البلدين، قال الخبير المصري:" الآن تبين أن الانقسامات الحادة في الرأي العام السوداني والميل نحو إثيوبيا والتحالف معها في العديد من القضايا لم يكن اتجاها مؤسسا على مصالح موضوعية أو حقيقية بل كان عبارة عن توجه سياسي للنظام الإخواني السابق في الخرطوم طبقا لمصالحه الخاصة واستمراره في السلطة وجزء منه كان مكايدة لمصر"، وفق قوله.
وشدد رسلان على أهمية التوقيت الذي تجري فيه زيارة السيسي، قال رسلان، إن "الموقف الإثيوبي الذي أصبح يطرق الأبواب بشدة، سواء كان فيما يتعلق بالملء الثاني أو أزمة الحدود، جعل الحكومة السودانية تحسم أي تردد ففتحت الطريق أمام هذه التحولات النوعية الكبيرة مع مصر".
ووصف الخبير المصري زيارة السيسي إلى السودان بأنها تحمل "رسالة إخاء وتعاون وتكامل ومصير مشترك".
وحول طبيعة النقاشات التي دارت بين السيسي والبرهان، رأى رسلان أنها "تعكس عودة العلاقات المصرية السودانية إلى مسارها الطبيعي التلقائي والاعتراف بالمصير المشترك بين البلدين، وأن الأمن القومي بينهما واحد لا يتجزأ".
سد النهضة
عباس شراقي، أستاذ جيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة ذهب إلى أن زيارة السيسي جاءت تكملة للتقارب المصري السوداني غير المسبوق في الفترة الأخيرة والذي عكسته تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين والاتفاقية العسكرية التي وقعت مؤخرا.
ويعتقد "شراقي" أن الزيارة وما تلاها من تصريحات هي "رسالة غير مباشرة لإثيوبيا ولأي دولة أخرى عنوانها أن مصر والسودان معا ضد أي تهديد لهما".
وشدد الخبير المصري على أن الزيارة تأتي في وقت بالغ الأهمية خاصة فيما يتعلق بتطورات أزمة سد النهضة، قائلا :"نحن على وشك اقتراب موسم الأمطار بعد عدة أشهر وإثيوبيا سوف تقرر هذه الأيام هل ستبدأ بالتخزين الثاني أو لا، وإذا قررت ذلك عليها البدء في عمل الإنشاءات الهندسية من الآن".
وأضاف:" أيضا موقف إثيوبيا من اللجنة الدولية الوسيطة التي اقترحها الاتحاد الأفريقي لم يحسم بعد، وأعتقد أن زيارة السيسي قد تفتح الباب أمام حل وسطي مناسب لجميع الأطراف".
ورحبت مصر والسودان بوجود لجنة وساطة دولية، لكن المتحدث الرسمي بالخارجية الإثيوبية أكد أن بلاده مستعدة لمواصلة التفاوض وترحب باللجنة كمراقبين وليس كمفاوضين.
قضايا حيوية
مؤيدا رؤية رسلام وشراقي، قال السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق لـ"العين الإخبارية" إن زيارة السيسي للخرطوم ولقاءه مع البرهان تأتي في إطار استمرار للتعاون المصري والسوداني.
وأضاف أن "توقيت الزيارة مرتبط بقضايا حيوية في مقدمتها سد النهضة الإثيوبي التي ما زالت تراوح مكانها في ظل مخاطر وتحديات جسيمة تهدد دولتي المصب، والسعي إلى اتفاق قانوني ملزم لقواعد الملء والتشغيل".
وأضاف "هذه الزيارة تحمل رسائل واضحة للجانب الإثيوبي، وهي إما العودة للمفاوضات واحترام حقوق دولتي المصب وإما ستكون العواقب وخيمة".
ولفت "حليمة" إلى أن "العلاقات بين القاهرة والخرطوم تشهد تعاونا غير مسبوق بدأت إرهاصاته مع الثورة السودانية وما تلاه من زيارات متبادلة على أعلى المستويات، لذا فهذه الزيارة مرتبطة بالأمن القومي المصري والسوداني باعتبارهما وجهان لعملة واحدة".
قضايا أخرى، أشار إليها الدبلوماسي المصري، تعد محل اهتمام مصري سوداني، منها الأمن في منطقة القرن الأفريقي ومنطقة البحر الأحمر، وملفات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر واللاجئين والنازحين والهجرة غير الشرعية، فضلا عن الأزمات السياسية في القارة الأفريقية مثل الأزمة الليبية والأوضاع في السودان والصومال.
وتابع:" هناك أيضا الأوضاع الاقتصادية والاصلاح الاقتصادي في السودان وهي من أبرز الملفات المشتركة، وبرأيي مناقشتها سيعزز من فرص دعم مصر والدخول في مجالات تتعلق بالاستثمار، خاصة مع وجود بنية تحتية بين البلدين، سواء مشروع ربط كهربائي أو مشروع سكك حديدية أو طرق بحرية أو نهرية.
وخلال زيارة السيسي للخرطوم، تصدر هاشتاق "#السيسي_في_بلده_التاني" موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" حيث عبر المغردون عن ترحيبهم بزيارة السيسي، مؤكدين أن مصر والسودان شعب واحد في بلدين، وأنهما "وطن واحد وقلب واحد".
aXA6IDMuMTMzLjEwOC40NyA= جزيرة ام اند امز