قمة ترامب- السيسي.. أبرز تحول إستراتيجي أمريكي تجاه الشرق الأوسط
اللقاء بين الرئيسين بالطابع البروتوكولي.. خبيران في حديثهما مع بوابة "العين" الإخبارية.
مكافحة الإرهاب.. التعاون العسكري.. القضايا السورية واليمنية والليبية.. تقديم حل دائم وداعم للقضية الفلسطينية".. 4 محاور رئيسية تصدرت اللقاء الأول الذي جمع بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بواشنطن، الإثنين الماضي.
اتسم اللقاء والحوار بين الرئيسين بالطبع البروتوكولي وغير البروتوكولي الذي أكد عليه خبيران في حديثهما مع بوابة "العين" الإخبارية، مشيرين إلى وجود اختلاف في هذا اللقاء، فضلًا عن خروج 4 دلائل ورسائل سياسية وعسكرية من المناقشات التي دارت بينهما طوال فترة استضافة ترامب للسيسي بالبيت الأبيض.
استقبال مختلف.. فرق بين الأمس واليوم
وحول تقييم اللقاء الأول بين الرئيسين، اعتبر اللواء طلعت موسي، الخبير الإستراتيجي والعسكري، اللقاء بمثابة نقطة تحول في إستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية تجاه مصر بشكل خاص، ونحو منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، مشيرًا إلى أن الاختلاف واضح بين السياسة الأمريكية الحالية والإدارة الأمريكية السابقة، فحصاد الـ8 سنوات الماضية من حكم الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما يختلف في دعم الجماعات الإرهابية وترجيح كفة الإسلام السياسي ما أدي لنقل الإرهاب من الشرق الأوسط إلى أوروبا وأمريكا.
ولأول مرة في تاريخ العلاقات الثنائية بين أمريكا ومصر، يجلس الرئيس الأمريكي مع الرئيس المصري في اجتماع مغلق وينتقل الحديث إلى اجتماع موسع بين الجانبين يضم وزراء الخارجية والدفاع الأمريكي، ما يؤكد على إمكانية تغيير الموقف السابق الأمريكي، والجدية في التعامل مع مصر، خاصة أن آراء ومواقف ترامب تهدف لتغيير سياسة وإدارة أوباما، خاصة في كلمته "نتطلع لعلاقات طويلة ورائعة مع مصر" بحسب رؤية طلعت موسى، الخبير الإستراتيجي.
وفي الوقت نفسه، أثنى الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، على اللقاء المصري الأمريكي، ووصفه بالقمة المصرية الأمريكية غير المتوقعة في طريقة الاستقبال ونتائج الحوار وطبيعة العبارات المستخدمة في النقاش والمؤتمر الصحفي الذي تبع اللقاء، مضيفًا "طبيعة اللقاء والاستقبال الذي ضم مراسم البروتوكول والحفاوة في استقبال ترامب للسيسي، فضلًا عن بعض التصرفات من الجانبين التي تتسم بمراسم غير بروتوكولية وتكرار عبارة الحليف والصديق، ولكنها تشير إلى قرب وتفاهم بين الطرفين، فطوال فترة حكم الإدارة الأمريكية السابقة لم توجه دعوة رسمية للسيسي لزيارة واشنطن فهنا يظهر الفارق بين إدارة الأمس وإدارة اليوم".
رسائل اللقاء.. تفاهم وعهد جديد
ودار النقاش بين ترامب والسيسي في عدة محاور تشير لرسائل متعددة، وحلل موسي في تصريحاته، تكرار الحديث عن سبل مكافحة الإرهاب، وتطلع ترامب للاستعانة بمصر في ملف مكافحة الإرهاب العالمي، يؤكد على نجاح مصر خلال الفترة الماضية لردع الجماعة الإرهابية واستكمال العمليات العسكرية في منطقة سيناء، وهو الأمر الذي أجبر الإدارة الأمريكية الجديدة على ضرورة التعاون سويًا في ملف مكافحة الإرهاب.
وفي الوقت نفسه، أشار اللاوندي، إلى أن تكرار ترامب لعبارة مصر صديق وحليف ضد الإرهاب بالمؤتمر الصحفي، والثناء على دور الحكومة المصرية في تخطي الفترة الماضية وما تواجهه من تحديات الجماعات الإرهابية، دليل على اقتناع ترامب بمكانة ودور مصر في محاربة الإرهاب العالمي، ووقوفه بجوار مصر شعبًا حكومة.
كما أن تشابه عبارات السيسي وترامب بشأن مكافحة الإرهاب بمحاربة الفكر المتطرف، وتضييق العمل على المنظمات الداعمة لهذه الجماعات، ومنع المصادر المقدمة لهم المال والسلاح، والتوافق حول بناء جبهة عالمية لمواجهة التطرف، دليل واضح على التفاهم والتقارب بين وجهات نظر الإدارتين المصرية والأمريكية، وفقًا لما اتفقا عليه الخبيران موسى واللاوندي.
وفي الوقت نفسه، أوضح خبير العلاقات الدولية، أن حديث الرئيسين بشأن القضايا الفلسطينية والسورية، واليمنية، والليبية والحرص على تقديم حلول سياسية، وزاوية وإستراتيجية جديدة بين الطرفين، يشير للتوافق في الرؤي والمواقف السياسية بشأن قضايا الشرق الأوسط، التي كانت قديمًا محل خلاف بين الجانبين في ظل حكم أوباما وبعد سقوط حكم الإخوان في مصر 30 يونيو/حزيران 2013.
وخلال كلمته بالمؤتمر الصحفي، أكد ترامب وقوف أمريكا بجوار مصر والشعب المصري، مع تقديم كل المساعدات العسكرية والاقتصادية المنصوص عليها في اتفاقية كامب ديفيد 1979، والتي بدأ تفعيلها عام 1882، عكس ما فعله أوباما بإيقاف المناورة العسكرية "النجم الساطع"، وتوقف إرسال المساعدات العسكرية والاقتصادية بعد أغسطس/آب 2013، فيقول طلعت موسى بشأن استمرار المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر المقدرة بنحو 1.3 مليار دولار، دليل واضح على حرص ترامب على التعاون العسكري المشترك، من أجل الحفاظ على العلاقات ونجاح مصر في استكمال حربها ضد العناصر الإرهابية، واستهداف الطرفين استرداد الأمن بالمنطقة.
وأرجع اللاوندي هذه التصريحات إلى اتباع أمريكا سياسة مختلفة وتعاون مشترك، وخلق علاقات وحلفاء جدد مثل الصين وروسيا، والحليف الرئيسي بالشرق الأوسط مصر، ودخول العلاقات بين الجيشين لمرحلة مختلفة وتوقيع صفقات جديدة.
تفاؤل وحرص
وفي الوقت الذي أبدى فيه الخبير الإستراتيجي موسى تفاؤله بنتائج اللقاء، ورغبة ترامب الشخصية لإقامة علاقة صداقة وود مع مصر، قال محذرًا: "هناك فرق بين رغبة الرؤساء والمؤسسات صاحبة القرار مثل الكونجرس ووزارة الدفاع الأمريكي ووكالة الاستخبارات الأمريكية، فضروري توخي الحرص والحذر والانتظار هل يستطيع ترامب إدراج الإخوان على قوائم الإرهاب أم لا، خاصة أن الإخوان على علاقة مباشرة ببعض المسؤولين في مؤسسات أمريكية تسير على نهج انتقائي في التعامل مع الإرهابيين".