مصر والإمارات.. علاقات قوية وشراكة متعددة الجوانب
تأتي زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الإمارات في هذا التوقيت بما تحمله من نتائج إيجابية، للتأكيد على استمرار الشراكة بين البلدين
تأتي زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة تأكيدا على التنسيق المستمر بين القيادتين في العديد من الملفات السياسية والأمنية والاقتصادية وغيرها، والتي وصلت إلى مرحلة الشراكة على مستويات متعددة. وقد جاء الترحيب الإماراتي المعهود بالرئيس السيسي، مؤكدا رسائل الحفاوة والمودة والدعم المتبادل بين البلدين، حيث استقبلت العاصمة الإمارتية أبوظبي الرئيس السيسي بالورود، وخرجت الطائرات الحربية الإماراتية مرحبة بالرئيس المصري، وأطلقت المدفعية 21 طلقة في محيط قصر الوطن ترحيبا بالرئيس المصري.
التنسيق السياسي والأمني
تأتي زيارة الرئيس السيسي لأبوظبي في وقت مهم، تبرز فيه العديد من ملفات المنطقة العربية، متوشحة بعدم الاستقرار والحاجة إلى البحث عن مخرج للعديد من الأزمات؛ وهو ما يستدعي التنسيق بين البلدين بشأنها.
وأثبتت التجارب العملية أن التنسيق المصري-الإماراتي والتفاهم بين البلدين بشأن القضايا العربية والإقليمية انعكس بشكل إيجابي وفاعل على المنطقة العربية، وجنبها اندلاع العديد من الأزمات.
من جانب آخر، فإن دعم مصر أمن واستقرار منطقة الخليج العربي نهج ثابت التزمت به مصر وأعاد الرئيس عبدالفتاح السيسي تأكيده الراسخ عليه أكثر من مرة، معتبرا أن أمن الخليج العربي خط أحمر بالنسبة لمصر، يرتبط مباشرة بأمن مصر القومي، وهو ما تأكد عملا وقولا في مناسبات عدة.
وتعد زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى أبوظبي هي الزيارة السابعة منذ توليه الحكم عام 2014، وكانت آخر زياراته لدولة الإمارات العربية المتحدة في فبراير/شباط عام 2018.
من جانبه، قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بزيارة مصر مرتين خلال العام الجاري، كانت الزيارة الأولى في شهر مارس/آذار عام2019، حيث قام الشيخ محمد بن زايد بزيارة لمصر، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسي وبحث الجانبان سبل دفع التعاون الثنائي على مختلف الأصعدة، كما استعرض الجانبان آخر تطورات الأوضاع الإقليمية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، أما الزيارة الثانية فكانت في شهر مايو/أيار من العام نفسه، حيث بحث مع الرئيس عبدالفتاح السيسي آخر تطورات الأوضاع الإقليمية، لا سيما في ضوء الأحداث التي شهدتها منطقة الخليج العربي.
مكافحة الإرهاب ونبذ التطرف والعنف
ملف مكافحة الإرهاب ونبذ التطرف والعنف والتحريض عليهما، ملف يجمع البلدين معا ويرتبط بسياسة كل منهما في العمل السياسي والدبلوماسي والديني، بل إن مصر والإمارات دولتان رائدتان في هذا المجال، خاصة مع ذلك الخلط الذي ظهر من جماعات التطرف والإرهاب والمتاجرة بالدين، فربطت في سلوكها بين الإسلام والعنف والكراهية ورفض الآخر.
وتشير التصريحات الرسمية للقيادتين في مصر ودولة الإمارات على حرصهما على محاربة تلك الجماعات ومكافحة أفكارها الهدامة، كما تحركت القاهرة وأبوظبي نحو التركيز على تجديد الخطاب الديني، والفهم الحقيقي للدين بعيدا عن عوامل المغالاة والتشدد التي تنتهي غالبا بالطريق المؤدي نحو الكراهية والعنف، وأهمية دور التعليم وتعزيز التسامح والسعادة بجانب مشاركة الشباب والدور الإيجابي للأسرة والمرأة والثقافة والوسطية الدينية. في مشاركة واسعة بين الجهات المسؤولة في البلدين.
وفي هذا السياق أطلق الأزهر عدة مبادرات، من أبرزها إنشاء مركز حوار الأديان في عام 2015، وفي إطار مكافحة الفكر المتطرف أيضاً أنشأت دار الإفتاء المصرية مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، للرد على فتاوى الجماعات المتطرفة التي تشوه صورة الإسلام وسماحته، كما تم تنظيم العديد من الندوات والمؤتمرات لترسيخ مفاهيم السماحة والسلام لدى الشباب، كما أطلق شيخ الأزهر مبادرة "الأزهر يجمعنا" وغيرها من المبادرات.
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة أعلنت خلال عام 2016 تأسيس أول وزارة للتسامح في العالم، وأصدرت قانون مكافحة التمييز والكراهية الذي يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، وأعلنت عدداً من المبادرات الفاعلة في مجال تعزيز الحوار بين الشعوب والأديان، مثل "البرنامج الوطني للتسامح" و"جائزة محمد بن راشد للتسامح" و"المعهد الدولي التسامح"، إلى جانب تأسيسها العديد من المراكز الهادفة إلى محاربة التطرف.
وجاء إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2019 عاما للتسامح يرسخ حقيقة أن دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، تنبذ العنف والكراهية والتعصب.
ملف التعاون الاقتصادي
في إطار زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، أعلن الجانبان عن إطلاق منصة استثمارية استراتيجية مع مصر بقيمة 20 مليار دولار لتنفيذ مشاريع مشتركة. وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في تغريدة له على موقع تويتر "أطلقت مع أخي الرئيس عبدالفتاح السيسي منصة استثمارية استراتيجية مشتركة بين الإمارات ومصر بقيمة 20 مليار دولار لتنفيذ مشاريع حيوية في مجالات لها جدواها الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة لبلدينا وشعبينا الشقيقين".
وتحتل دولة الإمارات العربية المتحدة المركز الأول دوليا وعربيا من حيث الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، والتي وصلت إلى نحو 6.663 مليار دولار في عام 2018 مقارنة بنحو 6.513 مليار دولار عام 2017. ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في الفترة من يناير وحتى أكتوبر من عام 2018 نحو 3 مليارات دولار.
أما عن عدد الشركات الإماراتية العاملة في مصر فيبلغ 1065 شركة حتى مارس 2019 مقارنة بنحو 923 شركة عام 2017، وهو الأمر الذي يعكس تقدما ملحوظا إيجابيا في استثمار الشركات الإماراتية في مصر.
جدير بالذكر أن أبرز القطاعات التي تستثمر فيها الشركات الإماراتية في مصر هي: قطاعات الاتصالات والطاقة والغاز والقطاعات الخدمية والسياحية والزراعية والبنية التحتية والموانئ والتجزئة والعقارات والمدن الذكية. كما تأسس مجلس الأعمال المصري الإماراتي بهدف توطيد العلاقات بين الشركات الكبرى في قطاع المال والأعمال، وتعزيز نقاط القوة في الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
ووصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في الفترة من يناير وحتى أكتوبر من 2018 نحو 3 مليارات دولار، فيما بلغ عدد الشركات الإماراتية العاملة في مصر إلى 1065 شركة حتى مارس 2019، مقارنة بنحو 923 شركة عام 2017.
من جانب آخر، شهدت العلاقات بين البلدين مجموعة من الاتفاقيات والبروتوكولات، من أبرزها: اتفاقية للتعاون العلمي والتقني في الميادين الزراعية، اتفاق تبادل تجارى وتعاون اقتصادي وتقني وتشجيع وحماية الاستثمارات، اتفاق إنشاء لجنة عليا مشتركة بين البلدين، اتفاق تعاون مشترك بين الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية واتحاد الغرف التجارية والصناعية بدولة الإمارات، اتفاقية للتعاون المشترك بين الاتحاد التعاوني الاستهلاكي بدولة الإمارات والاتحاد العام للتعاونيات بمصر، اتفاق إنشاء مجلس الأعمال المصري الإماراتي المشترك بين الاتحاد العام للغرف التجارية واتحاد غرف تجارة وصناعة أبوظبي، اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار، اتفاقية التعاون القانوني والقضائي، اتفاقية بشأن الخطوط الجوية، مذكرة تفاهم بين شركة أبوظبي لطاقة المستقبل والهيئة العامة للاستثمار.
وأكد المسؤولون المصريون رغبتهم في تعظيم استفادة الوفد المصري المشارك في معرض إكسبو 2020 دبي، وبحث كيفية توفير وتيسير كل السبل الملائمة للوفد للخروج بأكبر قدر ممكن من المكاسب في هذا المعرض العالمي الذي يقام على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، ويوفر الآلاف من فرص العمل والمشروعات والاستثمارات، ويعد فخرا لكل الدول العربية أن تنظم دولة عربية هذا الحدث الضخم على أراضيها.
ختاما.. تشهد العلاقات بين جمهورية مصر العربية ودولة الإمارات العربية المتحدة تقدما مستمرا، يعكس تطور العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، وتأتي زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في هذا التوقيت بما تحمله من نتائج إيجابية للغاية للتأكيد على استمرار شراكة قوية بين قيادة وشعبي البلدين.
aXA6IDE4LjE4OC4xNDAuMjMyIA==
جزيرة ام اند امز