لقد احتلت أزمة كورونا مكانا مهما لدى السياسيين في العالم بل حتى البعض منهم ومن شدة القلق من تداعياتها.. ارتبك
لم يكن هناك أي استهتار من قبل الحكومات في التعامل مع أزمة فيروس كورونا الذي لا يزال يحصد كثيرا من ضحاياه، إلا تلك الحكومات التي اعتادت على ممارسة العناد والتعنت والقفز على الواقع، مثل نظام الملالي في إيران، ومع ذلك رضخت في النهاية لـ"قانون كورونا" بعدما صنفت "بؤرة" وباء مركزية في من قبل منظمة الصحة العالمية في نقل العدوى، وخاف النظام من مقاطعة العالم له بالكامل.
تبقى أن إدارة الإمارات كانت من واحدة من أنجح الدول في إدارتها: فغير أنها عملت على اتخاذ الإجراءات الاحترازية كما هو متعارف عليها عالمياً في هذه الأزمة، فإن قيادتها كانت حاضرة منذ البداية في تفاصيل الأزمة؛ ليس فقط لإدارتها وإنما حتى في التوعية من بعض السلوكيات التي تعتبر سبباً في نقل العدوى
لقد احتلت أزمة كورونا مكاناً مهماً لدى السياسيين في العالم، بل حتى البعض منهم، ومن شدة القلق من تداعياتها، ارتبك وظهر أمام الرأي العام العالمي أنه مهزور وغير قادر على السيطرة، مثل رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، الذي بدلاً من أن يعمل على طمأنة شعبه زاد من حجم الرعب، وكرر ذلك أكثر من مرة.
والبعض الآخر حول الوباء إلى طريقة لمكاسب حزبية وشخصية وسيطر على الانطباع الشخصي على المحنة الإنسانية، وهذا ناتج عن أسباب سيكولوجية، مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي سماه "كورونا الصيني"، لأنه قادم من الصين، كما يبرر، وهو الآخر تسبب في تشتيت الرأي العام الداخلي وإشغالهم عن الأزمة.
الصينيون طبقوا مقولتهم الخالدة: "كما في الأزمات كارثة، هناك فرصة أيضاً"، فبعد أن سيطروا على انتشار الفيروس ولم يعودوا يسجلون حالات جديدة لأنهم قاموا باتباع إجراءات صارمة؛ أساسها منع التجول كي لا ينتشر الوباء وتزيد حالات الإصابة، فإنهم اليوم يجولون العالم ينقلون خبرتهم للدول المتضررة من الفيروس بشكل كبير، خصوصا المجتمعات التي تأثرت منها، مثل صربيا التي اشتاط رئيسها ألكسندر فوتشيتش غضباً من التجاهل الأوروبي له، والعراق الدولة التي ابتليت باستباحة إيران لها نتيجة للفراغ السياسي الذي يعيشه منذ عام 2003، حيث إن الإصابات جاءت من الزوار الإيرانيين إلى المقامات الدينية. وكذلك نتيجة لاستهتار "رجال الدين المسيسين" من العراقيين الذين استغلوا تبعية الناس لهم فشجعوهم على كسر إجراءات الحكومة فسجلت أعلى معدلات وفاة في نسبة المصابين، هي الأخرى استقبلت فريقاً طبياً صينياً لمساعدتهم في السيطرة على انتشار الوباء.
تبقى أن إدارة الإمارات كانت واحدة من أنجح الدول في إدارتها، فغير أنها عملت على اتخاذ الإجراءات الاحترازية كما هو متعارف عليها عالمياً في هذه الأزمة، فإن قيادتها كانت حاضرة منذ البداية في تفاصيل الأزمة؛ ليس فقط لإدارتها وإنما حتى في التوعية من بعض السلوكيات التي تعتبر سبباً في نقل العدوى، ووصل الأمر إلى أن تقوم بواجبها العالمي، في إشارة إلى الإحساس بمسؤوليتها العالمية تجاه الإنسانية ودورها القيادي على المستوى الإقليمي من خلال تقديم المساعدات لبعض الدول ولمواطنيها مثل إيران، ومواطني الدول العربية العالقين في الصين.
والدرس الأهم الذي أوضحته هذه الأزمة، أنها بينت لنا دور شخصية القائد في إدارة الأزمات عندما يكون حاضراً فيها، فغير أن حضوره يتسبب في تعبئة الرأي العام حول الأزمة، وبالتالي حشد كل الطاقات وتحويل الأزمة إلى مشروع وطني يحتاج إلى جهد كل أفراد المجتمع من أجل مواجهتها للتقليل من آثارها السلبية، فإن وجوده في الأزمة ومتابعته وخطاباته إلى الشعب يتعلق برفع الروح المعنوية وعدم بث روح الهزيمة، كما يفعل بوريس جونسون، وهذا يساعد في تعامل الشعب مع المحنة بسهولة، خصوصا أن في أوقات الأزمات يكون العامل المعنوي مهما، وفي مواجهة وباء كورونا فإن العامل النفسي على مواجهته أحد إجراءات مواجهته.
إن إدارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لأزمة كورونا وحضوره بين فريق إدارة الأزمة وخطابه للشعب الإماراتي -من مواطنين ومقيمين - وطمأنتهم التي اختصرها "لا تشيلوا هم"، ووضوحه في أثناء الأزمة، كل ذلك جعل من الشعب خلية أزمة، واستطاع أن يوحد قدراتهم في مواجهتها، وبالتالي أكد قدرة الإمارات في السيطرة على الأزمة.
على كلٍ أزمة كورونا بجانب أنها تحدٍ للعالم هي الأخرى فرصة؛ لاستيعاب ما يحدث في الدول الأخرى من أزمات بعضها قد يكون بسيطا لكن سوء إدارة القيادة لها تؤدي إلى كوارث. وهي فرصة لتأكيد أن حضور القائد يمثل عاملا إيجابيا ومساعدا في الإدارة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة