المسؤولية الفردية لا تنحصر في مجرد اتخاذ الاحتياطات الوقائية الذاتية فحسب، بل ينبغي أن يدرك الفرد أن عليه واجباً ومسؤولية مجتمعية أوسع.
منذ بداية أزمة "كورونا" تضافرت الجهود الدولية للحدِّ من تفشِّي الجائحة من خلال التأكيد على أهمية الحجر الصحي واتخاذ كافة التدابير الوقائية اللازمة لتخفيف أعداد المصابين بالعدوى، حيث دعت الحكومات أفرادها إلى تحمل المسؤولية والتكاتف في سبيل مكافحة الفيروس الجديد.
وهو ما حدث بالفعل حيث يعكس المشهد الدولي انضباطاً والتزاماً غير مسبوقين من قبل غالبية أفراد المجتمعات بمعظم التوجيهات والتعليمات الصحية.
لكن تلك المسؤولية الفردية لا تنحصر في مجرد اتخاذ الاحتياطات الوقائية الذاتية فحسب، بل ينبغي أن يدرك الفرد أن عليه واجباً ومسؤولية مجتمعية أوسع نطاقاً تجاه وطنه، ويتأتَّى أداؤه لذلك الواجب من خلال تقديم النصح للآخرين وحثهم على الالتزام بالتباعد الاجتماعي وبكافة الإرشادات المعلنة.
وكانت دولتنا الحبيبة الإمارات وما تزال من أوائل الدول السبَّاقة إلى أخذ الاحتياطات اللازمة، فلم تدخر حكومتنا الرشيدة جهداً في سبيل التصدِّي لفيروس كورونا، من خلال سعيها الحثيث إلى توفير كل سبل الرعاية لجميع المصابين بعدوى الفيروس، فضلاً عن العمل على محاولة إيجاد علاج فعَّال له، وسنّ القوانين التي تراعي مصالح الأفراد والشركات في ظل الأزمة الراهنة، وغير ذلك الكثير.
أما فيما يتعلق بأفراد المجتمع، فعلى كل فرد سواء كان مواطناً أو مقيماً أن يعلم أن له دوراً غاية في الأهمية ضمن هذه المرحلة الحرجة، وأن دعمه لقرارات الدولة وتقديره للجهود العظيمة التي يتمُّ بذلها، فضلاً عن الالتزام الكلي بالإجراءات والتدابير الصحية له أثر كبير في تسريع رحلة التعافي من هذه الجائحة العالمية.
المسؤولية الفردية لا تنحصر في مجرد اتخاذ الاحتياطات الوقائية الذاتية فحسب، بل ينبغي أن يدرك الفرد أن عليه واجباً ومسؤولية مجتمعية أوسع نطاقاً تجاه وطنه.
وفي الحقيقة، فلقد أتاح التكاتف والتكامل ما بين أجهزة الدولة وأفراد شعبها المجال لتخفيف القيود المفروضة على الحياة الاقتصادية، لكن هذا الإجراء الذي يهدف لدعم القطاعات الحيوية لا يعني التهاون في مواجهة الأزمة الراهنة، فما نزال أمام تحدٍّ كبير لا يمكننا الخروج منه منتصرين إلا بتحمل المسؤولية كاملة والتقيُّد التام بكل التعليمات الصحية وتدابير التباعد الاجتماعي.
ربما يظن البعض أن خروجنا من المرحلة الحالية بسلام يعني هزيمة كورونا لكن ذلك غير صحيح، فكما تتطور الحضارة البشرية والمجتمعات عبر السنين تتطور الفيروسات كذلك وتغيُّر من شريطها الوراثي وتركيبتها الجينية بتقادم الأعوام ضمن إطار التطور الطبيعي لمختلف أشكال الحياة على كوكب الأرض، ما يحتم علينا دائماً وأبداً أن نكون على أهبة الاستعداد للتصدِّي لأي تحدٍّ جديد قادم.
وصحيح أن قدرة الإنسان على مجابهة الأوبئة وشتى صنوف الأمراض تحسَّنت بفضل التطور الذي نشهده في مجال الطب والحضارة عموماً، لكن ذلك لا يعني أن ننتظر حلول أزمة جديدة لنقضي أشهراً طويلة في محاولة الخروج منها بسلام، فالوقاية كما قال أسلافنا خير من ألف علاج.
وسوف ينقضي كورونا الحالي ويمرُّ التحدي القائم ونحن أقوى بكل تأكيد، وسيأتي كورونا جديد أو فيروس آخر في المستقبل القريب لا محالة، لذلك فدورنا كدول وشعوب هو العمل سوياً على اتخاذ كافة التدابير الوقائية التي من شأنها حمايتنا وجعلنا مستعدين تماماً لأي تحدٍّ قادم، وتجنِّبنا في الوقت ذاته العديد من التداعيات السلبية غير المستحبة، لتغدو عملية التعافي في المرات المقبلة أسرع وأكثر فاعلية وكفاءة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة