طبيعة سريان هذا الفيروس الفتاك قد تكون بخطورةٍ قاتلة، وبخاصة عدم الانصياع إلى الإرشادات الصحية أو الافتقاد إلى المسؤولية الجماعية
تنطلق دولة الإمارات من رؤية فحواها الإنسان، باعتبار أن الإنسان في سياقٍ مع الحياة يبني ويعمل ويصنع ويطور ذاته.
وهذه الإمارات العربية هي التي تصنع الحياة، لا الحياة تصنعها، وتبذل جهوداً واسعة النطاق مثبتةً دورها الريادي في خلق عوامل أهّلتها لأن تواكب التطورات العلمية الحديثة، فوصلت إلى نجاحات مذهلة تواكبت وحقائق المعطيات العلمية، باتزانها ومتابعاتها للقضايا المعاصرة من أزمات دولية إلى قضايا شائكة تتعلق بالمجتمعات البشرية.
والحقيقة الناصعة التي لا مِراء فيها ولا جدال حيال ما أصاب العالم من فيروس كورونا الذي شغل الدول بأسرها وأحدث زلزلة كبرى في المرافق الحيوية والاجتماعية والمؤسسات الاقتصادية، فكانت التباينات في عمليات مجابهته وما صاحبها من تباينات لدى الدول التي اجتاحها الوباء، وبطريقة تدعو إلى تكاتف الأنظمة العالمية، وبعض هذه الدول ظلت متعثرة بتطويقها لتلك الجائحة، وما آلت إليها من فوضى وارتياب باتخاذها لجملة من الاشتراطات، وما كانت على مستوى قرارات منظمة الصحة العالمية.
طبيعة سريان هذا الفيروس الفتاك قد تكون بخطورةٍ قاتلة، وبخاصة في حالة عدم الانصياع إلى الإرشادات الصحية أو الافتقاد إلى المسؤولية الجماعية.
وطبيعة سريان هذا الفيروس الفتاك قد تكون بخطورةٍ قاتلة، وبخاصة في حالة عدم الانصياع إلى الإرشادات الصحية أو الافتقاد إلى المسؤولية الجماعية التي تؤدي بالمجتمعات إلى أوضاع مزرية وطائشة، تبلغ شدتها وتأثيراتها أكثر بكثير مما ينجم عن التفجيرات النووية، وذلك لأن وضعية الانتشار لا تحتاج إلى مواد نادرة الوجود مثل مادة البلوتونيوم أو إلى تخصيب اليورانيوم.
وهنا لن يفوتنا أن ننتبه إلى دور الحكومات والشعوب في العالم وأهمية المسؤولية الفردية والجماعية كمنطلق أساسي على حد سواء، وما ينتابنا جرّاء حصيلة التفاعل ما بين الذات والدور المنوط في إطار الجماعة فتتوحد الجهود الاجتماعية والصحية وتتمازج الرؤى والأهداف بذلاً وعطاءً واقتداءً، وبالشروط الواجب الالتزام بها دون قلقٍ واضطرابٍ أو استهوالٍ مريب، وتبرز القناعات لدى الآخرين وبمواقف خلاقة تدفع أية أذية عن أبناء المجتمعات.
ولعله من المفيد الاهتمام بتجارب الدول الناجحة التي دأبت على تطويق تلك الجائحة وبتعاون شعوبها فتوحّدت دلالاتها ورؤاها مع ما تنطوي عليه القرارات الصائبة وتعاطيها مع الواقع مباشرة.
فالحكومة السنغافورية تدخّلت في مواجهة الفيروس القاتل الصامت مُبكراً، وكانت واحدة من أولى البلدان التي فرضت قيوداً على السكان الذين سبق لهم السفر إلى الصين وبعض مناطق كوريا الجنوبية، ولاسيما مع ارتفاع حركة السفر من الصين وإليها، ومكانة سنغافورة كمركز إقليمي بارز للأعمال والتجمعات البشرية.
وسنغافورة تتمتع بنظام واسع في أجهزة المراقبة، وتدير شرطة البلاد واحدة من أكبر شبكات المراقبة في العالم تشمل 86 ألف كاميرا تغطي مساحة الدولة الجزيرة والقيام بالتواصل مع المصابين بالفيروس، والمتعاملين معهم لاكتشاف المسارات المحتملة ومعرفة انتشار العدوى، ويخضع جميع زوار المباني الرئيسية لفحص درجات الحرارة لديهم، وتقديم معلومات عن سفرهم خارج البلاد.
واستفادت سنغافورة في التعامل مع فيروس كورونا المستجد من تجاربها مع أوبئةٍ سابقة مثل فيروس "سارس" في عام 2003 الذي أودى بحياة ثلاثة وثلاثين شخصاً، وكذلك فيروس إنفلونزا الخنازير في عام 2010 الذي أصاب 400 ألف شخص فيها، واستخدمت في تتبع المصابين والأشخاص ذوي الصلة بهم نظاماً طورته كلية ديوك للطب في سنغافورة، وأتاح رسمَ مساراتِ انتقال العدوى وبالتالي إيقاف انتشارها، ونجح الباحثون المحليون في استزراع فيروس كورونا بعد أسبوع واحد من تأكيد أولى حالات الإصابة في البلاد وإجراء التجارب الوقائية التي أثمرت على المرضى والمشتبه بهم.
وضمن السباق الدولي للتوصل إلى علاجات ولقاحات، أجرت بكين اختباراً على عقار لن يخفض التعافي للمصابين بكورونا، إنما بإمكانه توفير مناعة قصيرة الأمد من الإصابة بالفيروس، وهناك دول أخرى مستمرة بالبحوث المخبرية للوصول من خلال تجاربها العلمية إلى عقار ومضادات علاجية لهذا لفيروس.
وإجمالاً منذ بدايات علامات ظهور هذه الجائحة اتخذت الإمارات احتياطاتها الصحية وتواصلت مع الهيئات الدولية وتبنت تكنولوجيات مبتكرة في مكافحة الكورونا باصطناع روبوتات وبمرونة عالية في تعقيم مختلف المساحات ذلك ما يعزز الجهود في الحفاظ على السلامة العامة وللحد من انتشاره في المستقبل.
واتجهت قرارات الحكومة الإماراتية بخصوص شروط ومكافحة الجائحة الممرضة نحو تأسيس أخلاق جماعية لها فاعلية الإبراء، ورادعة لمن تسول له نفسه
مخالفة هذه القرارات، أو الإضرار بالمصلحة الوطنية فكانت عقوبة الحبس والغرامة هي الجزاء للمخالف الذي يعرض حياته وحياة الآخرين للخطر، وفضلاً عن ذلك عمدت الحكومة إلى إلزام المؤسسات المختلفة باستخدام المطهرات عند المداخل والمصاعد والأبواب، وطورت عمليات استخدام الحجر الصحي قرب المطارات وبتقنيات علمية مُبتكرة.
وتمكن عدد من الأطباء والباحثين في دولة الإمارات من تطوير علاج داعم لمصابي كورونا في مدينة الشيخ خليفة الطبية وقد عمل مركز أبوظبي للخلايا الجذعية على تطوير علاج داعم وأُخضع هذا العلاج لتجارب سريرية لأول مرة، ويُعد من الإنجازات المتقدمة في عالم اليوم، ويساعد المريض للتغلب على أعراض الفيروس.
وأي إنجاز علمي طبي في هذا المضمار يصدر عن أية دولة في مجال هذه الجائحة الممرضة، يشكل بمثابة إضافة لنتائج ما تتمخض عنه المختبرات الدولية من بحوث علمية واستنتاجات مثمرة وعلاجات مفيدة للبشرية جمعاء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة