شمّ رائحة باركنسون.. زيوت الجلد تكشف المرض قبل ظهوره بـ7 سنوات

في إنجاز طبي غير مسبوق، أعلن باحثون بريطانيون عن تطوير اختبار جلدي بسيط يمكنه الكشف عن مرض باركنسون قبل ظهوره بسبع سنوات كاملة.
ويعتمد الاختبار، الذي طوره علماء من جامعة مانشستر، على تحليل مادة دهنية تُفرز طبيعيًا من الجلد تُعرف باسم الزهم (Sebum)، والتي أظهرت احتواءها على مركّبات كيميائية دقيقة تُشير إلى وجود المرض في مراحله المبكرة، حتى قبل ظهور أي أعراض واضحة.
وتأتي هذه التقنية بعد سنوات من الملاحظات الغريبة التي تحدثت عن قدرة بعض الأشخاص، ممن يُطلق عليهم لقب "ذوي الحاسة الخارقة"، على شمّ رائحة مميزة مرتبطة بمرض باركنسون.
إحدى هؤلاء كانت الممرضة البريطانية المتقاعدة جوي ميلن، التي اكتشفت تغيرا في رائحة زوجها قبل عشر سنوات من تشخيصه بمرض باركنسون، ووصفتها بأنها "رائحة دهنية، مسكية"، وهي اليوم جزء من الفريق البحثي الذي يعمل على التحقق من هذه الظاهرة علميا.
الاختبار: بسيط وغير جراحي
أجرى الفريق اختبارات على عينة من 83 شخصًا، شملت مرضى باركنسون، وأشخاصًا أصحاء، وآخرين يعانون من اضطراب يُعرف باسم "اضطراب نوم حركة العين السريعة"، وهو اضطراب معروف بأنه علامة تحذيرية مبكرة على الإصابة بباركنسون.
وأظهرت النتائج أن مرضى "اضطراب نوم حركة العين السريعة"، يحملون في الزهم الخاص بهم بصمة كيميائية فريدة تختلف عن الأصحاء، لكنها قريبة من تلك التي تظهر في مرضى باركنسون، ما يعني أن المرض يترك أثره في الجسم قبل سبع سنوات من التشخيص التقليدي.
دقة مدهشة واختبار واعد
في التجربة، تمكنت جوي ميلن من تمييز عينات مرضى باركنسون من مجرد شم رائحة العيّنة، بل إنها استطاعت التعرف على حالتين من مرضى "اضطراب نوم حركة العين السريعة"، كانتا لم تُشخصا بعد، وتبيّن لاحقًا في زياراتهم الطبية التالية أنهما بالفعل مصابتان بمرض باركنسون.
وتقول البروفيسورة بيرديتا باران، الخبيرة في قياس الجزيئات الدقيقة: "هذا أول اختبار يستخدم مؤشرا جزئيا للتشخيص المبكر لمرض باركنسون. نقترب الآن من عصر يستطيع فيه الأطباء، من خلال مسحة بسيطة من الوجه أو الظهر، الكشف المبكر عن المرض قبل فوات الأوان".
أهمية التشخيص المبكر
رغم أن مرض باركنسون لا يزال غير قابل للعلاج الكامل، إلا أن التشخيص المبكر يسمح للمرضى ببدء العلاج الداعم والتحكم بالأعراض بشكل أفضل، ما يمنحهم سنوات إضافية من جودة الحياة والاستقلالية.
ويأمل العلماء في أن يصبح هذا الاختبار متاحًا قريبًا في العيادات والمستشفيات، خصوصًا أنه غير جراحي، منخفض التكلفة، ولا يحتاج إلى تبريد أثناء النقل، مما يجعله مثاليًا للاستخدام الواسع.
باركنسون: المرض الصامت
يصيب باركنسون أكثر من 10 ملايين شخص حول العالم، منهم نحو 90 ألفا سنويا في الولايات المتحدة، و18 ألفا في المملكة المتحدة.
ويتسبب المرض في تلف خلايا الدماغ المنتجة للدوبامين، ما يؤدي إلى أعراض متعددة، أبرزها الرعشة، بطء الحركة، فقدان التوازن، واضطرابات في المزاج والذاكرة.
ورغم عقود من الأبحاث، لا يزال السبب الرئيسي لمرض باركنسون غير معروف بدقة، لكن يُعتقد أن العوامل الوراثية والبيئية تلعب دورًا مشتركًا في تحفيزه، كما يزداد خطر الإصابة به مع التقدم في السن.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTQzIA==
جزيرة ام اند امز