ابتسامات ودموع وأمطار.. ماراثون تفاوضي لوثيقة الإعلان السياسي بالسودان
وسط أجواء ملبدة بالغيوم ومشحونة بالتوتر جرت جلسة المحادثات، رغم حالة الاستياء من الحديث عن اختراق في عملية التسوية.
أوضاع ماراثونية فرضت نفسها على جلسة وفدي المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير بالسودان، والتي امتدت لأكثر من 12 ساعة، قبل أن تنتهي بتوقيع اتفاق بالأحرف الأولى على وثيقة "الإعلان السياسي".
وسط أجواء ملبدة بالغيوم، ومشحونة بالتوتر، خاصة للموجودين خارج قاعة الاجتماعات، جرت جلسة المحادثات، رغم حالة الاستياء من الحديث عن اختراق في عملية التسوية.
وبين الفنية والأخرى، يخرج الوسيط الأفريقي إلى السودان، محمد الحسن ولد لبات، من قاعة الاجتماعات ويرسل ابتسامة إلى الصحفيين المنتظرين، ملوحا بيديه بإشارات فحواها أن "الأمور تمضي بشكل جيد".
ورغم عملية التعتيم وسياج السرية المضروب على ما يدور بقاعة المحادثات، فإن ممثلي وسائل الإعلام ظلوا يسارعون نحو كل من يخرج لاستراحة، ويأخذون منه تطمينات لا تتعدى جملة واحدة "قطعنا شوطا بعيدا".
ووفق مصادر بوفود التفاوض تحدثت لـ"العين الإخبارية" فإن الوثيقة الأولى من الإعلان السياسي لم تأخذ وقتا طويلا في النقاش لكون الطرفان قد أكملا تفاهماتهما حولها، منذ الأسبوع الماضي.
وقالت المصادر: "إن معظم الوقت استغرقه الطرفان لحسم النقاط الخلافية، حول وثيقة الاتفاق الثانية الإعلان الدستوري".
واتفق الطرفان على غالبية النقاط الخلافية في الإعلان الدستوري، خصوصا المسائل المتعلقة بحصانات أعضاء مجلس السيادة.
وتبقى الخلاف حول سلطة تعيين القضاة والنائب العام، حيث يرى المجلس العسكري أن تؤول لمجلس السيادة، بينما تتمسك الحرية والتغيير بأن تكون لمجلس الوزراء.
ومن المنتظر أن يجتمع الطرفان، مساء الخميس، لحسم ما تبقى من النقاط الخلافية حول وثيقة الإعلان الدستوري، على أن يكون التوقيع النهائي الأسبوع المقبل.
أبرز نقاط الإعلان السياسي
شمل الإعلان السياسي، الذي وقعه المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، إجراءات بناء الثقة بين الطرفين، وتأسيس شراكة حقيقية لإدارة المرحلة الانتقالية.
ونص الإعلان السياسي على تخصيص الأشهر الستة الأولى من الفترة الانتقالية لقضية الحرب والنزوح ومعالجتها.
كما نص على أن تكون الفترة الانتقالية مدتها 39 شهراً من تاريخ توقيع الاتفاق منها 21 شهراً، تكون فيها الرئاسة للعسكريين و18 شهراً تكون الرئاسة لمدني تختاره قوى إعلان الحرية والتغيير.
وقضي كذلك بتشكيل مجلس سيادة من 11 عضوا 5 للعسكريين ومثلهم مدنيون، وشخصية وطنية مستقلة مكملة، وتشكيل مجلس وزراء تختار رئيسه قوى إعلان الحرية والتغيير.
ووفق الاتفاق، فإن رئيس الوزراء يقوم باختيار وزراء لا يتجاوز عددهم العشرين بالتشاور مع قوى إعلان الحرية والتغيير.
ونص على تأجيل تشكيل المجلس التشريعي لفترة أقصاها 3 أشهر، مع تمسك قوى إعلان الحرية والتغيير بالنسب المتوافق عليها سابقاً، وطلب المجلس العسكري مراجعة هذه النسب.
دموع الوسيط الإثيوبي
لم يستطع الوسيط الإثيوبي محمود درير تمالك دموعه على الهواء مباشرة، عندما تحدث عن أصالة شعب السودان وأحقيته في أن ينعم بالسلام والاستقرار، وقيادة رئيس الوزراء آبي أحمد وساطة إنهاء الأزمة.
ظل درير مبحوح الصوت من البكاء طوال كلمته التي ألقاها عقب جلسة المحادثات وتوقيع وثيقة الإعلان السياسي بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير.
وقال: "يجب أن يخرج شعب السودان من الفقر، وسجل الدول الراعية للإرهاب"، داعيا المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير إلى العمل ككتلة واحدة خلال الفترة الانتقالية.
مواطنون بمقر التفاوض
كان ملفتا تسلل مواطنين عاديين إلى مقر المفاوضات بفندق كورنثيا في الخرطوم، حيث رابطوا مع الإعلاميين طوال الليل، بانتظار الخبر السعيد الذي سينقلهم إلى رحاب الديمقراطية والاستقرار.
وفي تلك الليلة العصيبة، كان المئات من المواطنين بالخرطوم يراقبون الموقف وهم على الطرقات الرئيسية وسط أجواء خريفية، وأمطار تروى "تربة" العاصمة السودانية الجافة، مع بشريات الاتفاق.