باحث إسلامي: أزمة كورونا تتيح طريقا إلى الجنة عبر التكافل الاجتماعي
أزمة كورونا أتاحت الكثير من الفرص للتكافل الاجتماعي مثل إطعام الفقراء الذين كانوا ينتظرون موائد الرحمن، والتبرع لدعم البحث العلمي.
يعد التكافل الاجتماعي من أبرز مظاهر شهر رمضان، حيث يتسارع المسلمون والمسلمات إلى التراحم والتعاون، والسعي إلى تخفيف أزمات غير القادرين، والتأكيد على دعمهم في مواجهة أي ضائقة.
ولعل الأجواء التي يعانيها العالم جراء انتشار فيروس كورونا الجديد (كوفيد- 19) فاقمت أوضاع الملايين بسبب الإجراءات التي اتخذتها الحكومات لاحتواء انتشار الفيروس، التي تضمنت وقف الأنشطة الاقتصادية بشكل تام، وكان أكبر الضحايا في ذلك هم صغار العاملين وعمال اليومية، الأمر الذي عزز بشكل كبير أهمية التكافل الاجتماعي، لا سيما في دول العالم الإسلامي.
ويقول صبح عبدالوهاب الباحث الأزهري في الشؤون الإسلامية، إن التكافل الاجتماعي هو الحل الإسلامي لسد حاجة الفقراء وعدم وجود جائع أو محتاج لا يستطيع العيش في ظل وجود قادرين على مساعدتهم.
وأكد أن أجواء كورونا فتحت أبواباً واسعة إلى الجنة أمام القادرين والميسورين، بفضل أوجه الخير الكثيرة المطلوبة والمتاحة في هذا الوقت، سواء من حيث التبرع وتقديم المساعدة من أجل علاج المرضى، أو التبرع لدعم العمالة المؤقتة التي فقدت مصدر دخلها بسبب أجواء الحظر وإغلاق الأنشطة الاقتصادية.
وقال إن الأجواء الحالية أتاحت الكثير من الفرص للتكافل الاجتماعي أيضاً مثل إطعام الفقراء الذين كانوا ينتظرون موائد الرحمن في شهر رمضان لتناول الطعام، وتم حظرها بسبب إجراءات احتواء فيروس كورونا، وحتى على صعيد التبرع لدعم البحث العلمي من أجل العثور على علاج لمرض كورونا (كوفيد- 19).
وأوضح أن التكافل ليس مبنياً على تقديم أوجه المساعدة وقت الضعف والحاجة فقط، وإنما يستمد التكافل الاجتماعي في الإسلام مبناه المقرر في الشريعة، الذي يحقق مبدأ الولاية المتبادلة بين المؤمنين في المجتمع، إعمالاً بقول الله تعالى في سورة التوبة آية 71 (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
وأضاف عبدالوهاب لـ"العين الإخبارية" أن القرآن مليء بالآيات التى تحث المسلمين على التكافل سواء تطبيقاً لمبدأ التعاون أو المساعدة المادية، فيقول الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة آية 2 (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، فهذه الآية تتحدث بشكل واضح وصريح عن تحقيق مبدأ التعاون الذي يخرج من رحم التكافل الذي أمر به الإسلام.
وتابع: "التكافل الاجتماعي يحثنا أيضاً على المساعدات المادية والأمر بالمعروف والإصلاح بين الناس، لذا علينا تطبيقها بيننا تنفيذاً لقول الرحمن في سورة النساء آية 114 التي تقول (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)".
وأشار الباحث الإسلامي إلى الآيات القرآنية التى تحث المسلم أو المسلمة على دفع المال للمحتاجين والمساكين، الذي يعد إحدى صور التكافل الاجتماعي، مستنداً للنص القرآني الكريم الذي يقول فيه الله سبحانه وتعالى بسورة البقرة آية 177 (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
وتحدث عبدالوهاب عن بعض الأحاديث النبوية التى تسلط الضوء على قضية التكافل الاجتماعي في الإسلام، مثل قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
وذكر قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه"، "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة".
وعن كفالة اليتم، قال إن هذا الأمر في غاية الأهمية ولا بد من أن يتكاتف الجميع لهذه القضية المهمة في الدين الإسلامي لما لها من فضائل على الكفيل ورحمات على المكفول، فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم قال في حديثه: "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى".
وطالب الباحث الإسلامي بقيام المتكفل بعملية بحث عميقة حتى يصل إلى الأشخاص الذين يستحقون تطبيق التكافل الاجتماعي عليهم، لافتاً إلى الفئة الأولى بتنفيذ التكافل عليها وفقاً للقرآن الكريم، الذي قال الله عنهم في سورة البقرة آية 237 (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ).
وعن فضائل التكافل الاجتماعي، قال: "من يساعد المحتاجين والمساكين ويطبق التكافل الاجتماعي عليهم سيفوز في الدنيا والآخرة ويكون قريباً من الله سبحانه وتعالى ويكتب مع الأبرار الصالحين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر".