النهار ينقلب ليلاً 156 ثانية في تشيلي
300 ألف سائح وعالم وشغوف بالفلك أو فضولي يقصدون الجزء الشمالي من تشيلي لمتابعة هذا الحدث الفلكي.
شهِد شمال تشيلي كسوفاً كلّياً للشمس، الثلاثاء، أغرق المنطقة في ظلام دامس لمدة دقيقتين و36 ثانية في خضمّ النهار، وهي ظاهرة فلكيّة تسنّت رؤيتها أيضاً في الأرجنتين، وجزء كبير من منطقة المحيط الهادئ.
وبدأت الظاهرة في المحيط الهادئ عند الساعة (17.01 بتوقيت جرينيتش) قبل أن يشمل نطاق الظلام الكلّي الممتدّ على أكثر من 150 كيلومتراً السواحل الشمالية لتشيلي عند الساعة (20.38 بتوقيت جرينيتش) ثم يبلغ وسط الأرجنتين، وينحلّ أخيراً في المحيط الأطلسي.
وتسلّل القمر بين الشمس والأرض، فحلّت ظلمة دامسة لأكثر من دقيقتين على المنطقة وسط النهار، بينما كانت السماء صافية من الغيوم في شمال تشيلي، تماشياً مع توقعات الأرصاد الجوية.
وقصد الجزء الشمالي من تشيلي، الذي يضمّ 45% من المراصد الفلكيّة العالميّة، نحو 300 ألف سائح وعالم وشغوف بالفلك أو فضولي لمتابعة هذا الحدث الفلكي.
وقبل حوالي 20 دقيقة من الكسوف، انخفضت الحرارة بضع درجات مئوية وهبّ نسيم عليل، وعلت صيحات الدهشة وسط حشد من 1000 شخص، تجمّعوا في مرصد "لا سيلا" بالقرب من لا هيغيرا على علوّ 2400 متر في قلب صحراء أتاكاما.
وقال رينيه سيري من تشيلي: "إنّها تجربة يجب أن يعيشها المرء مراراً وتكراراً في حياته"، بينما ذكرت عالمة الفلك التشيلية صونيا دوفاو: "إنَّه أمر مذهل بالفعل، وحتّى لو كنّا على دراية بما سيحصل، تبقى الوهلة كبيرة عندما يحلّ الظلام".
في العاصمة سانتياجو حيث تسنّت معاينة الكسوف بنسبة 92%، تكدّس السكان على أسطح المباني وفي المتنزّهات والساحات لمتابعة الظاهرة.
وفي الأرجنتين، كانت منطقة كويو (الوسط الغربي) أفضل موقع جغرافي لمعاينة الكسوف، إذ احتشد فيها آلاف الأشخاص لهذا الغرض، وقد تعذّر تتبّع الظاهرة الفلكية من العاصمة بوينوس آيرس.
وكان الرئيس التشيلي سيباستيان بينيرا قال قبل حدوث الكسوف، خلال زيارة لمرصد "لا سيلا" الذي تشغّله المنظمة الأوروبية لعمليات الرصد الفلكية في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية (إسو): "إن تشيلي عاصمة العالم في مجال الفلك، فنحن عيون البشرية وحواسها لمعاينة النجوم ودراستها وسبر أغوار الكون".
وأفاد ماتياس جونز وهو أحد علماء الفلك في هذا المرصد، الذي يعدّ من أوّل المراصد الفلكية العالمية التي فتحت أبوابها في شمال تشيلي: "من النادر جداً أن يتجلّى كسوف بكلّ وضوح فوق مرصد، والمرة الأخيرة التي حدث هذا الأمر كانت سنة 1991" في محيط مرصد "ماونا كيا" بهاواي.
وأضاف جونز: "من شأن هذه الفرصة أن تتيح إجراء عدة تجارب، فالكسوف يسمح بدراسة الجزء الخارجي من الغلاف الجوي، أي الهالة، حيث يغطّي القمر وسط الشمس بكامله".
ويضمّ شمال تشيلي، المعروف بسمائه الصافية وطقسه الجاف، مراصد عدة كمرصد "بارانال" الذي يملك التلسكوب البصري الأقوى في العالم أو تلسكوب "ألما" الراديوي.
وانطلاقاً من العام المقبل، يُفترض أن تشهد تشيلي 75% من عمليات الرصد الفلكيّة العالميّة، خصوصاً مع افتتاح تلسكوب "ماجيلان" العملاق والتلسكوب الأوروبي الكبير جداً.
ويمكن رؤية كسوف شمسي آخر في جنوب البلد يوم 14 ديسمبر/كانون الأول 2020.