الري بالطاقة الشمسية يعزز حياة المزارع المصري (تحقيق)
يواجه بعض المزارعين في مصر بعض التحديات المتعلقة بندرة المياه، وبرزت الطاقة الشمسية بحل ملائم.
على مسافة (146 كيلومترا) شمال القاهرة، تقع قرية «زهران»، التابعة لمحافظة كفر الشيخ، هناك يعيش أحمد عبد الخالق، 46 عامًا، مثل أغلب مزارعي الدلتا من أصحاب الحيازات الصغيرة، حيث يمتلك 3.5 فدان، يرويها باستخدام ماكينة تعمل بوقود البنزين.
طوال 30 عامًا من ممارسته مهنة الزراعة، تحمّل أحمد مجهودًا بدنيًا كبيرًا في تحريك الماكينة الثقيلة، إلى أن اضطر إلى تثبيتها في الأرض، بدلًا من نقلها إلى مكان الزراعة يوميًا، ثم تشغيلها، وقد لا تكفي صفيحة من البنزين لمرة واحدة، خاصة لمحصول شره مثل الأرز. علمًا بأنّ صفيحة البنزين تحتوي على 20 لتر بنزين.
حال أحمد مثل أغلب المزارعين المصريين، الذين يعتمدون على آلات الري التي تعمل بالوقود الأحفوري في مصر. وفقًا لموقع Statista، يعمل ما يزيد عن 18% من المصريين في الزراعة في عام 2023.
تكلفة مرتفعة
بجانب المجهود البدني الكبير، يشكو «محمود شوقي»، صاحب الـ 28 ربيعًا، والمالك لـ 9 فدادين، من التكلفة والمصاريف العالية التي يعاني منها، فلا تقف التكلفة فقط عند بنزين آلة الري، وإنما يحتاج إلى تغيير الزيت والصيانة بصورة دورية، وهذا مكلف أيضًا.
نفس الأمر بالنسبة لـ«شكري معوض»، 58 عامًا، والذي يعمل في الفلاحة منذ 50 عامًا، ويمتلك 5 فدادين، يقول إنّ الفدان يكلفه في العام الواحد ما يقارب من 10 صفائح بنزين في المتوسط، وهذا يعود عليه بالسلب؛ فسعر الصفيحة الواحدة اليوم 200 جنيه (تقريبًا 4.17$). وبالتالي يُضطر لصرف مبلغ كبير على البنزين فقط.
ويشكو «عطا معوض»، 65 عامًا، كذلك من المصاريف التي كان يستنزفها محصول الأرز قبل 5 سنوات عام 2019، أي نحو 1500 جنيه (96 دولارًا) للبنزين فقط، فضلًا عن تكلفة الفدان الواحد نحو 500 جنيه (تقريبًا 32 دولارًا) وهو يملك 3.5 فدان.
تلوث واضح!
تشير ورقة بحثية منشورة في دورية (APCBEE Procedia) في عام 2023، إلى أنّ محطات ضخ وقود الديزل، تُساهم بصورة كبيرة في المزيد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الملوثة للبيئة، خاصة من محطات الضخ التي شكلت 600 شبكة ضخ في جميع أنحاء محافظات دلتا النيل، وقد ظهرت الحاجة إليها مع انخفاض منسوب مياه النيل، وتذكر الدراسة أنّ 40% من تلك المضخات قديم، ويسبب انبعاثات ملوثة للبيئة.
وتُشير دراسة أخرى إلى أنّ المضخات التي تعمل بالوقود الأحفوري في مصر، تستهلك 3.7 مليون طن من الوقود سنويًا، ونتيجة لذلك، تتسبب في إطلاق 10 ملايين طن من انبعاثات الغازات الدفيئة. وتذكر دراسة منشورة في دورية «كلينر إنجينيرينج آند تكنولوجي» (Cleaner Engineering and Technology) في يونيو/حزيران للعام 2022، أنّه من المتوقع زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من مصر بنسبة 125% بين عامي 2012 إلى 2035، إذا اعتمدت على مصادر الطاقة التقليدية في تلبية احتياجات الطاقة.
والحقيقة أنّ استخدام الآلات التي تعمل بالوقود الأحفوري لضخ المياه يعود بالسلب على عدة أصعدة، منها: استنزاف كميات كبيرة من البنزين، وتلوث ضوضائي، فضلًا عن التسريبات العفوية التي تصل إلى التربة وقد تلوثها. إضافة إلى ذلك، تؤثر الغازات المنبعثة على الإنسان وصحته بعد استنشاقها.
الطاقة الشمسية هي الحل!
تقع قرية زهران في منطقة استراتيجية في دلتا النيل بمحافظة كفر الشيخ بالقرب من نهاية فرع رشيد؛ ما جعل الكمية التي تصلها من المياه ضعيفة نسبيًا، لذلك تم اختيارها لمنحة ممولة من البنك الدولي مقدارها 300 ألف جنيه (19180 دولارا وقتها)، وتديرها وحدة تطوير الري الحقلي، التابعة لوزارة الزراعة، لإنشاء محطة طاقة شمسية في عام 2019. يقول أحمد عبد الخالق لـ"العين الإخبارية": "عندما سمعت بالمنحة، أخبرت المزارعين الجيران في الأرض، وقدمنا معًا بمساحة إجمالية بـ 33.5 فدان". وكان من ضمن المستفيدين أيضًا عطا وشكري ومحمود.
وفي هذا الصدد، يقول «محرم السوري»، مهندس زراعي تنفيذي سابق في وحدة تطوير الري الحقلي بوزارة الزراعة، والذي أشرف على المشروع وقتها لـ"العين الإخبارية": "كان لا بد أن يُقام المشروع على مساحة تتراوح بين 30 إلى 35 فدانا في تلك المنطقة في كفر الشيخ، لأنها في نهاية فرع رشيد، وهناك تضعف كمية المياه التي تصل للمزارعين". ومن حسن الحظ أنّ المزارعين اتفقوا وحصلوا على المنحة؛ خاصة وأنّ الحيازات في منطقة الدلتا "مفتتة"، بحسب السوري.
وبحسب UNFCCC؛ فالري بالطاقة الشمسية، يساهم بصورة كبيرة في التكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية، كما يُساهم في تحقيق المساواة في الوصول إلى مياه الري.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور «أحمد حجازي»، خبير الطاقة المتجددة لـ"العين الإخبارية": "الطاقة الشمسية مصدر لا ينضب، والكمية المتاحة منها أكبر كثيرًا من احتياجات العالم؛ فالشمس تُلقي أشعتها في جميع أنحاء العالم، ولا نحصل منها سوى على القليل".
من جانبه، يرى الدكتور «محمد سلامة»، أستاذ متفرغ بهيئة الطاقة الذرية، والرئيس الأسبق للمركز القومي للأمان النووي والرقابة الإشعاعية أن "الطاقة الشمسية تمتلك إمكانات هائلة للري الشمسي، ويمكن أيضًا استخدامها لضخ المياه للماشية والمحاصيل، وهي مناسبة تمامًا للمناطق التي يصعب فيها وصول المياه والكهرباء". في تصريحات خاصة للعين الإخبارية.
مجهود وأعطال أقل!
يتذكر أحمد أنه في عدة مرات توقفت آلة الري في أثناء عملية الري، واحتاجت إلى صيانة فورية، لكن هذا انعكس على النباتات، ما وضعه في مأزق وموقف لا يُحسد عليه.
وهنا تأتي محطة الطاقة الشمسية لتكون حلًا مثاليًا؛ إذ يقول حجازي لـ"العين الإخبارية": "يحصل المزارع على الوقود الذي يحتاجه عبر الطاقة الشمسية، ولا يحتاج إلى تغيير قطع غيار لمعداته؛ فألواح الطاقة الشمسية تتركب مرة واحدة وتظل تعمل في حدود 20 إلى 25 سنة بدون أية صيانة، يجب فقط تنظيفها كل أسبوعين أو 10 أيام؛ لأنه إذا تراكم فوقها الغبار، فقد تقل قدرتها على استقبال الطاقة الشمسية، ما يقلل كمية الكهرباء المنتجة".
وبحسب حجازي، فالأعطال قد تعرقل عمل المزارع، خاصة في فترات الصيف شديدة الحرارة، والتي قد لا يستطيع فيها النبات الصمود حتى تنتهي عملية تصليح الآلة، ما يعود بالسلب على الجودة والكمية.
وعن المجهود البدني، يقول محمود شوقي لـ"العين الإخبارية": "الآن، مجرد ضغطة زر، تعمل المحطة، ولا أحتاج إلى أي مصاريف أو مجهود بدني كما في السابق".
التحكم في التكلفة
تحتاج ألواح الطاقة الشمسية إلى مصاريف مرتفعة نسبيًا في البداية، الأمر الذي يُشكل عائقًا أمام المزارعين؛ خاصة بين أصحاب الحيازات الصغيرة، حيث يُصنف معظم المزارعين في مصر؛ خاصة في منطقة دلتا النيل، على أنهم من أصحاب حيازات صغيرة؛ إذ يمتلك أكثر من 80% منهم أقل من 2 هكتار (4.7 فدان) من الأراضي الزراعية. ويقول حجازي أنّ هذا من التحديات الرئيسية لتلك الألواح الشمسية في منطقة الدلتا، لكن اجتماع المزارعين أصحاب الـ 33.5 فدان كانت فكرة مثمرة.
وبحسب «محمد السعيد»، خبير الطاقة الشمسية المُكلّف بتنفيذ المحطة؛ فتلك الألواح المستخدمة كانت 36 لوحًا، بقدرة 260 واط.
وبحساب متوسط سعر الواط، بسعر السوق اليوم في مصر، يعادل 0.25 دولار، بذلك، سعر اللوح في المنحة، قد تكلف وقتها - عام 2019 - تقريبًا 1166 جنيها مصريا؛ أي (67.6 دولار)، بذلك، سعر ألواح الطاقة الشمسية البالغ عددها 36 لوحا في المشروع مجتمعة وقتها تكلّف نحو 41979 جنيها مصريا. وبقية مبلغ المنحة، ذهب إلى بناء المحطة وإقامة الأعمدة والعمالة.
ويوضح حجازي أنّ هناك دراسة جدوى تُجريها الشركة المنفذة للمزارع؛ لمعرفة موعد استرداد رأس المال، وهنا تدخل العديد من العوامل والظروف الاقتصادية المتعلقة بإمكانات هذا الأخير المادية، وهي حسابيًا عادةً ما تتراوح بين 2.5 إلى 5 سنوات كحد أقصى. وبذلك يسترد المزارع رأس المال من التكاليف التي كان يستخدمها في المولدات التي تعمل بالوقود الأحفوري. وبعد ذلك، يستعمل محطة تعمل بدون أي تكاليف لمدة 20 عامًا تقريبًا. وهذا كله في النهاية لمصلحة الفرد والدولة التي تُضطر لاستيراد قطع غيار للماكينات أو وقود أحفوري.
على سبيل المثال، إذا افترضنا أنّ كل فدان يحتاج إلى 1000 واط على الأقل؛ سيدفع المزارع 9700 جنيه مصري (207 دولارات تقريبا) وهذا لمرة واحدة فقط إذا استعمل ألواح الطاقة الشمسية. في حين أن نفس الفدان يكلفه سنويًا في المتوسط 10 صفائح ديزل، أي 2000 جنيه مصري في المتوسط (42 دولارًا). ربما يكون المبلغ الذي يدفعه للتحول نحو الطاقة الشمسية أكبر من المبلغ الذي يدفعه عند استخدام الديزل، لكن الفرق أنّ ذلك المبلغ لن يتكرر دفعه بعد ذلك.
وتُشير ورقة بحثية منشورة في دورية «إنيرجي ريبورتس» (Energy Reports) في 2021، إلى أنّ أنظمة الري التي تعمل بمضخات الطاقة الكهروضوئية، تقل تكلفتها عن أنظمة ضخ المياه بالوقود الأحفوري بدون أي دعم بنسبة 64.2% على مدى دورة حياة مدتها 10 سنوات.
ويشرح سلامة لـ"العين الإخبارية": "قد يكون الأمر مكلفًا في البداية، لكن بمجرد استرداد المبلغ المستثمر في تلك العملية، ستكون الطاقة المستخدمة بدون تكلفة، ورخيصة مقارنة باستخدام الوقود الأحفوري، أي يمكن الحصول على الطاقة مجانًا". ويتابع: "هناك العديد من الشركات التي تقدم للمزارعين التسهيلات اللازمة للبدء بهذه الخطوة، التي تمثل حلًا فعالًا لمشكلة الجفاف". وتتمثل هذه التسهيلات في قروض تمويلية، تساعد المزارع على دفع التكلفة على أقساط بدلًا من الدفع مرة واحدة.
من جانبه، يوضح الدكتور «جواد الخراز»، المدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة (RCREEE) لـ"العين الإخبارية": "يمكن للطاقة الشمسية أن توفر المال للمزارع على المدى البعيد، أكيد التكلفة الأولى تكون نوعًا ما باهظة، لكن بعدها يكون هناك طبعًا توفير للمال بشكل كبير؛ لأن استهلاك الخلايا الشمسية أقل تكلفة من أسعار الشبكة الكهربائية، وهذا مفيد في خضم الإجماع العالمي للحصول على الحياد الكربوني بحلول 2050، والحفاظ على 1.5 درجة مئوية".
كفاءة جيدة!
لكن، هل تستخدم ألواح الطاقة الشمسية كل الأشعة التي تستقبلها؟ بحسب الخراز؛ فكفاءة ألواح الطاقة الشمسية في السوق المصري اليوم يتراوح بين 22 إلى 24%. ومن جانبه يوضح حجازي أنه إذا افترضنا أنّ كفاءة ألواح الطاقة الشمسية 22%؛ فهذا يعني أنه إذا سقط على المتر المربع من الخلايا الشمسية 1000 واط، يمكن الحصول على طاقة مقدارها 220 وات. ويتابع حجازي: "بالطبع تعمل الأبحاث الآن على تطوير الكفاءة للحصول على كميات أكبر، لكن هذا المتاح في السوق المصري اليوم".
ويوضح الخراز لـ"العين الإخبارية": "بطبيعة الحال، انخفض سعر الخلايا الشمسية في العالم؛ بسبب التطور التكنولوجي المتسارع، خصوصًا في الصين، وهذا خفّض سعر الخلايا الشمسية بشكل كبير جدًا، ما شجع على اعتمادها في قطاعات كثيرة، خاصة الزراعة".
حفظ المياه!
وعلى الرغم من ندرة المياه التي تعاني منها مصر، إلا أنّ 85% من مواردها المائية تذهب إلى قطاع الزراعة. وهناك 50% من مياه الري مهدرة، بحسب دراسة منشورة في المركز المصري للدراسات الاقتصادية. وفي هذا الصدد، يقول حجازي لـ"العين الإخبارية": "تساعد ألواح الطاقة الشمسية في تحديد كمية المياه التي يستخدمها المزارع لري الأرض، وبالتالي لا يحدث استنزاف لكمية المياه الجوفية أو الآبار؛ فلا يتوقف البئر عن العطاء".
ويتابع: "في السابق كانت آلة الديزل تعمل لمدة 10 إلى 15 ساعة بدون أي حساب لكمية المياه، لكن في حالة ألواح الطاقة الشمسية، فهي محددة بفترة معينة من 6 لـ 8 ساعات يوميًا، فترة وجود الشمس". ويؤكد على أنّ هذه المياه كنز للأجيال القادمة، وأنه عند تصميم محطة، يؤخذ في الاعتبار أن تتناسب مع الاحتياجات المائية الفعلية للنباتات.
ويُشير سلامة إلى أنّه ثبتت فعالية ألواح الطاقة الشمسية في المناطق التي تعاني من ندرة المياه، لذلك سيكون المزارع نفسه هو المتحكم الوحيد فيما تحتاجه الزراعة من مياه وكهرباء وما إلى ذلك.
مع ذلك، يرى الدكتور «جواد الخراز» أنّ الحذر مهم، ويجب أن تصاحب استخدام الطاقة الشمسية في الري حملات تدريب وتوعية لكي يكون هناك نوع من مراعاة ما يجب ضخه، بحيث لا يتم استنزاف الماء. ويقول الخراز: "هناك مسؤولية تقع على عاتق السلطات المحلية من خلال قوانين؛ للحفاظ على المياه الجوفية والتي هي مورد غير متجدد".
ويتابع الخراز لـ"العين الإخبارية": "في المغرب، هناك عقود الفرشة المائية (موارد المياه الباطنية)، وهذا جميل، حبذا لو يتم اعتمادها في دول عربية أخرى. وهذا العقد بموجبه، تلتزم السلطات المحلية والمزارعون والبنوك وكل الفاعلين في المنطقة بما فيها وكالات الأحواض المائية بمراقبة مستوى المياه الجوفية، وكمية المياه التي تم ضخها والتي تم استخدامها من طرف المزارعين، وهذا كي لا يتم ضخ المياه أكثر من المعدل الذي ندعوه كحد أقصى، حتى يظل مستوى المياه معقولًا ولا يستنزف الفرشة المائية، وهذا من التحديات المرفوعة في الري بالطاقة الشمسية".
مواكبة التطور
يُبيّن سلامة أنّه "باستخدام ألواح الطاقة الشمسية، ثبت للقطاع الزراعي أنه قادر على مواكبة التقدم التكنولوجي، حيث يستخدم المزارعون المزيد من الطاقة الشمسية لإدارة أنشتطهم الزراعية، وهذا ما يُحفّز الشركات والباحثين لتزويد المزارعين بأجهزة أكثر تكنولوجية". وهناك ميزة أخرى، وهي أنه يمكن تخزين الطاقة الشمسية في بطاريات واستخدامها لاحقًا.
ويشهد مجال ألواح الطاقة الشمسية تطورًا ملحوظًا؛ إذ يعمل على تقليل التكاليف وتطوير الكفاءة، وتخزين الطاقة في البطاريات، واستخدامها في الليل أو الفترات التي يكون فيها ضوء الشمس قليلًا. وهذا يجعل استخدام هذه الطاقة أكثر قابلية للتطبيق. بحسب الخراز.
مقاومة التغيرات المناخية وخلق وظائف خضراء
استضافت مصر مؤتمر الأطراف المعني بالتغير المناخي في دورته السابعة والعشرين (COP 27) في مدينة شرم الشيخ في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وأعربت عن اهتمامها بالقضايا المناخية منذ وقت طويل، وهي من الدول الموقعة على «اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» (UNFCCC)، وبروتوكول كيوتو، واتفاق باريس أيضًا. وهذه الاتفاقيات الثلاثة أهم الاتفاقات في تاريخ العمل المناخي.
وبذلك تعترف مصر بدور التعاون الدولي في مواجهة التغيرات المناخية، والتي تهددها، باعتبارها تقع في منطقة الجنوب، الأكثر تضررًا من آثار التغيرات المناخية، خاصة وأنها ليست مسؤولة تاريخيًا عن الانبعاثات الدفيئة، لكنها تسير نحو الانتقال للطاقة المتجددة، ويظهر ذلك جليًا في هدف تحقيق 42% من قدرتها على توليد الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة بحلول 2035.
من حسن الحظ أنّ جغرافيا مصر، وحرارتها، وضعاها في مكان مناسب لتوليد أنواع مختلفة من الطاقات المتجددة؛ فعند النظر إليها على خريطة العالم، نجد أنها تقع في منطقة الصحراء الكبرى، هي وعدد من الدول المجاورة، والتي تضم الدول العربية أيضًا. وهذه فرصة ذهبية للاستفادة من هذا الوضع.
وفي هذا الصدد، يقول سلامة لـ"العين الإخبارية": "بطريقة ما، يحاول كل الناس تقليل البصمة الكربونية، مع تبني المزارعين للطاقة الشمسية في أراضيهم الزراعية، سيكون من الأسهل عليهم محاربة الآثار الخطيرة لظاهرة الاحتباس الحراري، والذي يؤثر بصورة مباشرة على المحاصيل الزراعية وجودتها، وهذا الأثر يعود على المزارع بالإيجاب".
ويمكن لهذا أن يساهم بصورة كبيرة في تقليل الانبعاثات أو الجسيمات الضارة، ودعم الصحة ورفاهية جميع البشر والحيوانات والنباتات. من جانب آخر؛ فإن الانتقال إلى الطاقة المتجددة، يساعد في خلق وظائف جديدة خضراء، كما يحصل في أوروبا، فمن المتوقع أن تتوفر 1.5 مليون فرصة عمل خلال الـ 30 عامًا القادمة هناك. ومع انتشار فكرة تطبيق ألواح الطاقة الشمسية في مصر، تعلّم أحمد حرفة جديدة، بجانب عمله كمُزارع، وهي فني طاقة شمسية.
التحديات!
يُشير حجازي إلى أنّ استعمال الطاقة الشمسية لا يخلو من تحديات مثل: "صغر مساحات الأراضي، مشكلة العملة الصعبة والتي نحتاجها للاستيراد الأولي للألواح الشمسية، التكاليف الابتدائية للمحطة، نشر الوعي بين المزارعين. وتقديم تساهيل مصرفية لهم". ولا تزال التكنولوجية المصرية قيد التطوير، وتفتقر أحيانًا إلى الكفاءات، بالإضافة إلى غياب مراكز التدريب المتخصصة.
يقول الخراز لـ"العين الإخبارية": "بطبيعة الحال، السياسات والحوافز الحكومية، تلعب دورًا رئيسًا في تشجيع أنظمة الري التي تستخدم الطاقة الشمسية على نطاق واسع، بمعنى، يجب أن تتدخل الحكومة من خلال بعض السياسات والقوانين لتمكين المزارعين من الحصول على قروض من البنوك أو تمويلات بشروط مُيسّرة، ، يمكن كذلك أن تُعطي الدولة منحًا لتغطية الكلفة الأولية لاقتناء الألواح". ويتابع: "هناك جمعيات زراعية إذا تكاتفت للحصول على ألواح طاقة شمسية، ستكون الاستفادة منها بشكل جماعي".
من جهتها، توضح «إيفا فانديست»، خبيرة الأنظمة الزراعية، وعضوة مجلس إدارة التحالف العالمي للطاقة المتجددة، عبر البريد الإلكتروني لـ"العين الإخبارية": " أن الري بالطاقة الشمسية يساهم في التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، وفي الأمن الغذائي، وفي توفير سبل العيش العادلة للمزارعين في العالم. بالتالي، فهو فوز للجانبين، ولذلك نحن بحاجة إلى ضمان استثمار المزيد من التمويل منخفض التكلفة في هذه الحلول للتغلب على التكاليف الأولية المرتفعة مقارنة بأنظمة الري التي تعمل بالديزل".
دخل إضافي!
يمكن أن يستفيد المزارع أيضا من الفائض عن حاجته من الطاقة الشمسية عبر ضخه في الشبكة الكهربائية، وبالتالي " يمكن أن يحصل على دخل إضافي من خلال بيع ما يتبقى من الطاقة المتوفرة لديه، عندما تسمح القوانين بذلك"، بحسب الخراز.
ويذكر الخراز العديد من الأمثلة العالمية الناجحة في مجال الطاقة الشمسية، من ضمنها الهند، التي تضاعف فيها الإنتاج الزراعي بعد تطبيق ألواح الطاقة الشمسية في أنظمة الري، ودول أخرى مثل: إندونيسيا وماليزيا واليمن رغم ظروفها الاقتصادية والسياسية الصعبة، وكذلك سوريا التي تعاني من نزاعات وحروب، والتي استطاعت بفضل استخدام الطاقة الشمسية في الري إحياء القطاع الزراعي، وإعادة ثقة المزارعين في مردوديته.
ويُجمع أحمد وشكري وعطا ومحمود على أنّ محطة الطاقة الشمسية أحدثت تغييرا جذريا في حياتهم، وبحسب تعبير عطا: "الخير صار كثيرًا".
تم إنتاج هذه القصة بدعم من الاتحاد الأوروبي
aXA6IDE4LjIyNS43Mi4xNjEg جزيرة ام اند امز