حل لغز انفجار كوني عمره ألف عام.. كيف سهل تلسكوب ويب المهمة؟
يسعى علماء إلى حل لغز الانفجار الكوني الذي شوهد من الأرض منذ ما يقرب من ألف عام، وذلك باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية.
واستخدم العلماء التلسكوب لفحص سديم السرطان، وهو من بقايا انفجار سوبر نوفا لوحظ في عام 1054 م، ويهدفون إلى الكشف عن أصوله وطبيعة الانفجار الذي أدى إلى إنشائه.
ويقع سديم السرطان على بعد 6500 سنة ضوئية في كوكبة الثور، وهو عبارة عن قشرة متبقية من الغاز والغبار من الموت الانفجاري لنجم ضخم، وترك هذا الانفجار خلفه نجما نابضا، وهو نجم نيوتروني سريع الدوران يرسل رياحا قوية، مشكلا السديم الذي نراه اليوم.
واستخدم العلماء أداة "ويب" للأشعة تحت الحمراء المتوسطة (MIRI)، وكاميرا الأشعة تحت الحمراء القريبة (NIRCam) لجمع البيانات التفصيلية، حيث تبدو هذه الأدوات مثل النظارات المكبرة عالية التقنية التي تسمح للباحثين برؤية أصغر تفاصيل السديم.
وسديم السرطان غير عادي لأن تركيبه والطاقة الناتجة عن انفجاره تختلف عن المستعرات الأعظم النموذجية، ففي البداية، اعتقد علماء الفلك أنه قد يكون مستعرا عظيما يتم التقاط الإلكترونات فيه، والذي يحدث في النجوم ذات النوى المكونة من الأكسجين والنيون والمغنيسيوم، بدلاً من الحديد.
وقدرت دراسات سابقة طاقة الانفجار وكتلة النجم، فيما يشبه محاولة معرفة مدى قوة الألعاب النارية من خلال النظر إلى القطع المتناثرة على الأرض، فعل العلماء شيئا مشابها من خلال قياس حطام الانفجار، ووجدوا أنه أقل نشاطًا من المستعر الأعظم العادي، وكان النجم على وشك أن يصبح ضخمًا بما يكفي للانفجار بعنف.
ومع ذلك، كانت هناك اختلافات، فلم تتطابق سرعة النجم النابض والملاحظات الأخرى تماما مع نظرية المستعر الأعظم لالتقاط الإلكترون، تشير التطورات الحديثة في فهم المستعرات الأعظم إلى أن المستعرات الأعظم ذات النواة الحديدية يمكن أن تنتج أيضا انفجارات منخفضة الطاقة، إذا كانت كتلة النجم منخفضة بدرجة كافية.
وللتوضيح، قام العلماء بقياس نسبة النيكل إلى الحديد (Ni/Fe) في السديم، وهذه النسبة مهمة لأنها يمكن أن تكشف عن نوع المستعر الأعظم، و أظهرت الدراسات المبكرة نسبة النيكل إلى الحديد عالية، مما يدعم نظرية التقاط الإلكترون.
وباستخدام أدوات ويب الدقيقة، أعاد العلماء قياس هذه النسبة ووجدوا أنها لا تزال مرتفعة، ولكنها أقل مما كان يعتقد سابقًا، وهذه النتيجة تبقي نظريتي المستعر الأعظم على الطاولة.
بالإضافة إلى ذلك، رسمت ملاحظات ويب خريطة للغبار الموجود داخل سديم السرطان بدقة عالية لأول مرة، كما أنك ترسم خريطة تفصيلية لمدينة من الأعلى، ويظهر فيها الغبار الدافئ على الأطراف والغبار البارد بالقرب من المركز، توفر هذه الأفكار صورة أوضح لبنية السديم وتكوينه.
ونشرت هذه النتائج في دورية "ذا استروفيزيكال جورنال ليترز"، وجعلت العلماء أقرب إلى فهم أصول سديم السرطان وطبيعة الانفجار الذي خلقه، وسواء كان ذلك مستعرا أعظما يتم التقاطه للإلكترون أو انهيار النواة الحديدية، فإن هذا البحث يعد خطوة مهمة إلى الأمام في حل هذا اللغز الكوني.