الصومال بالأمم المتحدة.. الإرهاب والمجاعة في حقيبة الرئيس
إلى نيويورك توجه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود للمشاركة بالدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي حقيبته أزمات الساعة ببلاده.
وكانت آخر مشاركة له بالجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2016، قبل أن يخسر السباق الرئاسي في فبراير/ شباط 2017، ثم عاد بفوز ساحق على منافسه محمد عبدالله فرماجو في الاستحقاق الرئاسي المقام في مايو/ أيار الماضي.
ويعيش الصومال وضعا صعبا في كافة المجالات لكن في خضم تلك التحديات التي تحملها عهدة شيخ محمودو يتصدر ملفا الأمن والجفاف المشهد، في إطار جهود لإنقاذ الأرواح من المجاعة والإرهاب في آن واحد.
الأمن
على الصعيد الأمني، يعول الرئيس الصومالي في الحرب على الإرهاب للقضاء على الآفة وتطهير البلاد من الجيوب المتبقية، على دعم إقليمي ودولي وتعبئة الشارع ضد التنظيمات المتطرفة.
وانطلاقا من هذا التوجه، أعلن الرئيس حربا شاملة على الإرهاب تعتمد على استراتيجية ثلاثية لمحاصرة منابع الإرهاب تتركز على مواجهته عسكريا واقتصاديا وفكريا.
وبدأت الحرب بالفعل، حيث أعلنت الحكومة الصومالية مقتل أكثر من 120 إرهابيا وتحرير أكثر من 23 منطقة جنوب البلاد ووسطها، كما نجحت بتعبئة الشارع ضد حركة الشباب الإرهابية.
وبحسب بيان صادر عن الرئاسة الصومالية، يعتزم الرئيس الصومالي بحث الحصول على الدعم الدولي في الحرب على الإرهاب، وطرح خطط إدارته لفرض الأمن والاستقرار، وذلك أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستغلال فرص التواصل مع قادة العالم لتعزيز الدعم في هذا الشأن عبر لقاءات هامشية.
وتعد الولايات المتحدة أبرز حليف يعول عليه الصومال لهزيمة حركة الشباب الإرهابية، لكن هذه المرة عبر آليات متعددة وفق سياسة حكومية أكثر فعالية من سياسات المواجهة السابقة.
دعم أمريكي حاسم
الولايات المتحدة قامت بخطوات بارزة أظهرت رغبتها في التعاون مع الحكومة الفيدرالية بشأن الحرب على الإرهاب.
فبعد يومين من انتخاب الرئيس شيخ محمود، وتحديدا في 17 مايو/ أيار المنقضي، أعلنت واشنطن إعادة انتشار قواتها في قواعدها بالصومال وذلك بعد سحبها في يناير/ كانون ثاني 2021 بقرار من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
ولاحقا، أجرى الرئيس الصومالي محادثات هاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي أعلن دعم واشنطن للصومال في حربه على الإرهاب.
وإلى جانب ذلك، زار وفد أمريكي رفيع المستوى مقديشو، في يوليو/ تموز الماضي، وأكد للرئيس الصومالي عزمه على دعمه في الحرب على الإرهاب والقضاء على المجموعات المسلحة.
وفي صورة أكثر وضوحا، يستقبل وزير الدفاع الأمريكي الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في البنتاغون قبيل مشاركته بالجمعية العامة للأمم المتحدة، وأكدت الوزارة في بيان لها عقد اجتماع ثنائي دون مزيد من التفاصيل .
لكن مصادر دبلوماسية مقربة من القصر الرئاسي ذكرت لـ"العين الإخبارية"، أن الرئيس الصومالي سيطالب بتعزيز الضربات الجوية ضد الإرهاب وتكثيف التواجد العسكري الأمريكي في الصومال، ورفع حظر الأسلحة وصياغة سياسات جديدة لهزيمة عسكرية تنهي الإرهاب على صعيد الصومال.
ويرى مراقبون أن الإصرار الأمريكي يمثل رسالة دعم شديدة الأهمية لإدارة الرئيس الصومالي التي يتصدر الأمن أجندتها خلال السنوات الأربع القادمة.
ويقول المحلل الأمني الصومالي عبدالرحمن حاشي إن استقبال وزير الدفاع الأمريكي الرئيس الصومالي في البنتاغون، يعتبر خطوة فعلية لرغبة أمريكية جامحة في هزيمة الإرهاب والقضاء عليه.
ويعتقد حاشي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، بأن الرئيس الصومالي يحظى اليوم بفرصة لا تعوض في كسر شوكة الإرهاب عبر دعم ثنائي محلي بقيادة العشائر التي ثارت ضد التنظيم، ومساندة دولية بقيادة واشنطن التي تستطيع حشد دعم لتعزيز أجندة الحكومة الصومالية الجديدة.
ويرى المحلل الأمني الصومالي أن الأزمات الطبيعية والدولية مثل الطاقة والحرب الأوكرانية الروسية والتنافس الدولي على منطقة القرن الأفريقي، تشكل عوائق تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على الخطط الأمنية الصومال.
الجفاف
ملف لا يقل أهمية عن الأمن بالنسبة للصوماليين حيث يطارد شبح المجاعة آلاف المتضررين وسط غياب الأمطار في خامس موسم على التوالي.
وبدأت منظمات إنسانية دولية الحديث على مجاعة وشيكة تهدد 8 مليون صومالي، إضافة إلى أزمات مثل سوء التغذية التي تهدد نصف مليون طفل صومالي، إلى جانب انعدام الأمن الغذائي.
ولجذب الانتباه الدولي والإقليمي، عين الرئيس الصومالي مبعوثا خاصا له بشأن الجفاف والشؤون الإنسانية، عبدالرحمن عبد الشكور ورسمي، أحد أبرز المرشحين الانتخابات الرئاسية الأخيرة .
ويشارك حاليا عبدالرحمن عبد الشكور باجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث يقوم بإلقاء خطابات في المجالس المختلفة لرفع إدراك المجتمع الدولي بخطورة الوضع في البلاد.
وترفض الحكومة الصومالية حاليا إعلان المجاعة حيث تريد الالتفاف عبر بحث مزيد من الدعم الدولي وخطط محلية للحيلولة دون وقوعها.
ويقول مراقبون إن إعلان المجاعة يعني مباشرة توقف كافة الدعم الدولي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وتوجيه كل الجهود حصرا إلى الشؤون الإنسانية.
وفي تصريحات إعلامية سابقة، قال المبعوث الخاص لشؤون الجفاف عبدالرحمن عبد الشكور ورسمي، إن هناك فجوة كبيرة بين التمويل المطلوب والمتوفر حاليا لإنقاذ الصوماليين من فاجعة المجاعة، داعيا العالم إلى مزيد من الجدية والاهتمام بالوضع الخطير.