عندما تنتهي ولاية رئيس دولة ما، لا ينبغي أن يؤثر ذلك في نشاط الحركات الإرهابية، لكن ما حدث مؤخرًا في الصومال هو العكس تمامًا.
في البلد الواقع في القرن الأفريقي، ومع انتهاء عهدة الرئيس السابق، محمد عبد الله فارماجو، في مايو/أيار الماضي، سعى تنظيما "داعش" و"القاعدة" الإرهابيان للتوسّع نحو إثيوبيا.
ويدرك التنظيمان الإرهابيان أن الحكومة الجديدة في الصومال لن تتساهل مع الإرهاب، حيث إن الرئيس حسن شيخ محمود عازم على القضاء على الإرهاب في بلاده، ما يعني أنه لن يكون متساهلا مثل فرماجو ضد الإرهابيين، الذين فهموا التحولات وأن المرحلة الجديدة ستفرض عليهم البحث عن مناطق أخرى لإقامة معسكراتهم.
وأبلغ نائب الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، فلاديمير فورونكوف، في 22 أغسطس/آب الماضي، أن تنظيم "داعش" قد تراجع.. ومن المفارقات أن التنظيم الإرهابي قد تقدّم في أماكن أخرى، وفي حالة الصومال يدرك "داعش" أنه سيتعين عليه مواجهة "القاعدة" والحكومة الصومالية للسيطرة على الأراضي، ولهذا السبب أيضا قرر التوسع نحو إثيوبيا.
وفي نهاية يوليو/تموز الماضي، نشر "داعش" مقطع فيديو مدته 25 دقيقة باللغة الأمهرية -اللغة المحكية في إثيوبيا- يستهدف جمهورًا مسلمًا في الأراضي الإثيوبية بهدف التجنيد وضمّ عناصر جديدة لصفوفه لمهاجمة الأراضي الصومالية انطلاقًا من هناك.
ويبدو أن تجنيد "داعش" في الصومال يقتصر على "عشيرة دارود" بنحو 300 مقاتل.. وفي السابق، حاول التنظيم التوسّع في بونتلاند وجنوب الصومال دون أن ينجح.. كما سعى إلى تجنيد مقاتلين من تنظيم منافس كـ"القاعدة"، لكنه فشل لأن حركة الشباب الإرهابية شرعت في تصفية كل العناصر المحتمل تأييدها لـ"داعش".
ورغم أن تنظيم "داعش في الصومال" لديه عدد قليل من المقاتلين مقارنة بحركة الشباب، فإنه لن يواجه مشكلة كبيرة في زيادة أعداد عناصره.. وإذا كان التنظيم ينوي التوسّع، فإنه سيجلب مقاتلين من فروعه في موزمبيق والكونغو الديمقراطية.
وفي 20 يوليو/تموز الماضي، أطلقت حركة الشباب، التابعة لتنظيم "القاعدة"، عملية تمويه على الحدود الصومالية مع إثيوبيا، بينما كان هدفها الحقيقي هو غزو أراضٍ بإثيوبيا والتوغل حتى 150 كيلومترًا داخل البلاد.
الأمر الأكثر إثارة للفضول هو أن المقاتلين كانوا في الغالب من الإثيوبيين، وبمجرد دخولهم إثيوبيا، توجهت مجموعة إلى شمال كينيا، ومجموعة أخرى إلى إيمي، على بعد نحو 500 كيلومتر داخل الأراضي الإثيوبية.
وقد تكون نية فرع "القاعدة" الصومالي الوصول إلى أوروميا للتنسيق مع جيش تحرير أورومو.. فيما نفت حركة الشباب ذلك، بينما ذكرت الحكومة الإثيوبية في مناسبات عديدة أن "القاعدة" في الصومال يحتفظ بصلات مع جيش أورومو.
وفي مطلع أغسطس/آب الماضي، قُدّرت خسائر حركة الشباب الإرهابية في الهجوم على إثيوبيا بنحو 800 مقاتل.. ومع هذه الخسائر البشرية الكبيرة، يدرك تنظيم "القاعدة" الإرهابي أنه يتعين عليه البقاء في الأراضي الصومالية.
وبعد الرّد القوي من إثيوبيا ومن كينيا أيضا، يتضح أنه على الإرهابيين الصوماليين تغيير تكتيكاتهم بعد الضربات الإثيوبية ضد عناصر حركة الشباب، والتي ربما تعني خسائر بنحو 10٪ من إجمالي مقاتليها، فيما لن تتحمل الحركة الاستمرار في اعتماد الاستراتيجية ذاتها، التي ستكلفها خسارة نصف عدد مقاتليها في نصف عام تقريبا.
ويُتوقّع أن تغيّر حركة الشباب الإرهابية نهجها والعودة إلى الداخل الصومالي، ما سيجعلها تشعر وكأنها أسدٌ عالق في بِركة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة