الإرهاب والأمن.. رئيس الصومال يضبط خارطة المستقبل
"60 دقيقة".. خطاب ألقاه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، السبت، في افتتاح الدورة الرابعة للبرلمان الفيدرالي بالعاصمة مقديشو، رسم خلالها مستقبل البلاد وحسم خلالها العديد من القضايا المهمة، وأبرزها الأمن، ومكافحة الإرهاب، والعملية السياسية.
خطاب اعتبره خبراء أنه بسط اليد به لمواصلة الحوار مع المعارضة لوقف أي مناكفات سياسية قد تؤثر على أداء الحكومة أو البرلمان، وركز فيه على ما يهم الناس مثل تعزيز الأمن وتحسين المعيشة.
- رئيس الصومال يكشف عن موعد القضاء على «الشباب» الإرهابية
- لمدة عام.. تمديد ولاية البعثة الأممية بالصومال
وتطرق الرئيس الصومالي، خلال الخطاب إلى تحديات السياسة الداخلية والخارجية والتغير المناخي والأمن، وملفات حساسة من بينها مسار إعفاء الديون، ورفع حظر الأسلحة المفروض على البلاد، وانضمام مجتمع شرق أفريقيا.
التطرف المناخي و«النينو»
وقال حسن شيخ محمود، إن «الصومال ضحية تطرف مناخي لم يسببه لنفسه وليس جزءاً منه ولم يحصل على تعويضات في هذا المسار».
وأضاف أن "العواصف والفيضانات والسيول الكبيرة التي تضرب البلاد تخلف أزمات إنسانية على مستوى كبير وكوارث لا تستطيع البلاد الصمود والتعامل معها"، داعيا الشعب الصومالي إلى الصمود لتجاوز المحنة المناخية الناجمة عن ظاهرة النينو التي تعصف البلاد حاليا.
مكافحة الإرهاب
أمنيا، تحدث عن أن الحكومة الصومالية لن تتفاوض مع حركة الشباب ولا يجمعها مع الصوماليين أي مصير ولا تنتهج سوى القتل والإرهاب ولا تريد سوى إراقة مزيد من الدماء.
وأكد الرئيس الصومالي أنه تم تحرير أكثر من 80 منطقة، وأن الملف الأمني يتصدر أولوية إدارته فترة حكمه الحالية.
وأشار إلى أن "الصومال مستعد لتولي مسؤولية أمن البلاد نهاية ديسمبر/كانون الأول 2024، موعد مغادرة قوات حفظ السلام من الصومال".
وكشف أن حكومته كثفت تدريب الجيش الصومالي حيث دربت حتى الآن أكثر من 15 ألف جندي في 18 شهرا، معبرا عن أمله بمضاعفة عدد أفراد الجيش لتعزيز الأمن في البلاد.
وتعهد الرئيس الصومالي العودة قريبا إلى جبهات القتال لمواصلة قيادة الحرب على الإرهاب ميدانيا من الخطوط الأمامية بهدف تحقيق نصر سريع.
وكشف بأن مؤتمر دوليا حول تنسيق الدعم الدولي لمجالات الدفاع والأمن في الصومال سيعقد خلال الشهر المقبل في الولايات المتحدة وأن الصومال، سيقود هذه المؤتمر إلى شركائه الدوليين والإقليميين في الحرب على الإرهاب وستطرح خارطة طريق تعزز نجاعة الدعم الأمني وفاعليته على حياة الصوماليين.
الوضع الاقتصادي
اقتصاديا، ذكر بخفض معدل الفقر 15% ويراوح حاليا 54%، بينما تجاوزت ميزانية الدولة الصومالية لأول مرة مليار دولار أمريكي، وهي الموازنة المطروحة أمام البرلمان لمصادقتها قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وذكر الرئيس الصومالي أن الدخل المحلي شهد ارتفاعاً ملفتا خلال الأشهر الأربعة الماضية بنسبة زيادة تقدر 25%.
وأضاف أنه على الرغم من تنامي الموازنة فإن أكثر من 70% تعتمد على الدعم الخارجي وعلينا التغلب على هذه المؤشر لتعزيز الاستقرار الاقتصادي.
السياسة الداخلية
على مستوى السياسة الداخلية، شدد على ضرورة اعتماد نهج الحوار لحل الخلافات السياسية، وذكر بأن مجلس التشاوري الوطني (منتدى القادة الصوماليين من الحكومة الفيدرالية والولايات) انعقد 7 مرات في 18 شهرا بهدف تعزيز التوافق السياسي.
وأضاف: "وقعت 12 قانونا استوفت كل الإجراءات اللازمة لتنظيم قطاعات سياسية أمنيةً وإدارية من أجل بناء دولة قانون".
ودعا البرلمان الصوماليين إلى "التطلع بمسؤولياته واستكمال دستور البلاد والتصرف بشكل حاسم لتمرير تعديلات دستورية حساسة مطروحة أمام البرلمان تؤطّر شكلٍ السياسة الصومالية في العقود المقبلة، وتستهدف استكمال دستور البلاد وتحوله من انتقالي إلى دستور دائم".
وأبرز التعديلات تحول النظام السياسي من برلماني إلى رئاسي، خوض الانتخابات العامة في إطار حزبين اثنين، والتصويت الشعبي في الانتخابات التشريعية والرئاسية، وهذه التعديلات تثير حفيظة المعارضة السياسية، ما يشي بمعركة سياسية طاحنة.
وفي إطار الخدمات، ذكر بأن الحكومة الصومالية ستوظف 3000 آلاف معلم في العام المقبل لتعزيز التعليم وتحسين جودته.
السياسة الخارجية
على مستوى السياسة الخارجية، قال الرئيس الصومالي إن الصومال نجح في الانضمام للكتلة الاقتصادية الإقليمية لمجتمع شرق أفريقيا بسبب دبلوماسية مكثفة ومرنة.
وبين أن وزارة الخارجية تقود حاليا جهودا حثيثة لنيل الصومال معقد غير دائم في مجلس الأمن الدولي عام 2026.
ولفت إلى أن ملفات إعفاء الديون ودفع حظر الأسلحة المفروض على البلاد تمر ستتم في غضون الشهر المقبل.
خطاب بمستوى التحديات
وحول الخطاب، يقول المحلل السياسي الصومالي محمد نور لـ"العين الإخبارية" إن "خطاب الرئيس أمام البرلمان كان بمستوى التحديات والإنجازات، ولم يترك شيئا جانبا بداية من المنجزات خلال فترة حكمه والتطلعات، وكان خطابا مؤثرا على أعضاء البرلمان الذين استمعوا جيدا".
وبحسب المحلل السياسي فإن "الخطوط العريضة تمثلت في هزيمة حركة الشباب، وبناء الجيش، وإعفاء الديون، واستكمال الدستور، وحماية التوافق السياسي، وتحسين العلاقات بين المؤسسات الحكومية للنأي عن أي صدام مرتقب بشأن السياسات الثقيلة المطروحة بسبب التعديلات الدستورية".
ويرى الخبير السياسي بأن "شيخ محمود بسط يده أمام المعارضة السياسية لمواصلة الحوار في القضايا الخلافية دون اللجوء إلى أي مناكفات سياسية قد تؤثر على أداء الحكومة أو البرلمان أو حتى علاقات السلطة الفيدرالية والإقليمية، مركزا على الأمور ذات الاهتمام المشترك مثل تعزيز الأمن وتحسين المعيشة وإغاثة الملهوفين".
وتوقع المحلل السياسي مناخا سياسيا صعبا خلال هذه الدورة البرلمان، حيث تتقاطع المصالح بين الفاعلين في المشهد السياسي عندما يقترب الحكم القائم من أواخر عامه الثاني وتأخذ المعارضة شكلا أكثر تصادميا مع الحكومة وحتى السعي لإزاحتها من أجل محددات اللعبة السياسية وتقاليدها السائدة لكنه يترقب إدارة حكيمة من الرئيس حسن شيخ محمود لإبقاء الوضع تحت السيطرة من خلال تأمين أرضية مشتركة وترك مساحة مفتوحة للنقاش.
aXA6IDE4LjE5MS42Mi42OCA= جزيرة ام اند امز