«أتميس» تحزم أمتعتها.. هل يملأ جيش الصومال فراغ الخروج الأفريقي؟
هل يملأ الجيش الصومالي الفراغ الأمني بعد الخروج الأفريقي أم أن الأمر مرهون بشكل أساسي بمدى الاستجابة لمطلب رفع حظر الأسلحة؟
استفهام يتجدد في ظل استمرار الانسحاب التدريجي لقوات حفظ السلام الانتقالية الأفريقية "أتميس" من الصومال، وتنامي التهديدات الإرهابية لحركة الشباب التي تتغذى من ثغرات الخروج الأفريقي.
انسحاب تدريجي سيستمر حتى ديسمبر/ كانون الأول 2024، أي حتى انسحاب آخر جندي من قوات البعثة من الصومال كما هو مقرر، يلقي بمسؤوليات عسكرية جسيمة على عاتق القوات الحكومية.
17 ألفا و500 جندي عليهم حزموا أمتعتهم بحلول الموعد المذكور، بطلب أولي من الحكومة الصومالية في عام 2022، وهو ما وافق عليه الاتحاد الأوروبي وبريطانيا اللذان يمولان عملياتها وضخا ما يقرب من 2.8 مليار يورو.
لكن الانسحاب يخاطر بخلق فراغ أمني حيث يكافح الجيش الصومالي لتعزيز مواقعه بعد عام من حملة عسكرية أطلقها للقضاء على حركة الشباب.
فرغم التقدم النسبي الذي أحرزه الجيش، فإن التنظيم المرتبط بالقاعدة لا يزال يسيطر على نصف الأراضي، خاصة في ولاية جوبالاند.
كما أن المكاسب التي سمحت لمقديشو باستعادة موطئ قدم في ولايتي غالمودوغ وهيرشبيلي (وسط)، أثارت عمليات انتقامية دموية من قبل الإرهابيين بالمدن، وفي مقدمتها العاصمة.
ووثقت الأمم المتحدة 173 هجوما إرهابيا خلال الأشهر الأربعة الماضية في الصومال.
نكسات
مد وجزر جعلا الحكومة الصومالية تتراجع عن قرارها بشأن أتميس، لتطلب تأجيل انسحاب فرقة قوامها 3000 جندي أفريقي، متحدثة عن "انتكاسات عسكرية خطيرة".
وضمن المواجهات بين الجيش وحركة الشباب كانت هناك معركة تركت بصماتها بشكل خاص، ففي نهاية أغسطس/ آب الماضي، وعلى الرغم من تفوقهم العددي، مني الجنود الصوماليون بهزيمة في أوسوين وسط البلاد.
ويكافح الصومال، الذي يجري إعادة إعماره بعد حروب أهلية متكررة ولا يزال يخضع لحظر الأسلحة، من أجل هيكلة قواته المسلحة، بينما يتخوف مراقبون من تكرار سيناريو “على النمط الأفغاني”، بانهيار الدولة كلياً في حال رحيل أتميس.
ويقول عمر محمود، الباحث التابع لمجموعة الأزمات الدولية: "من الواضح أن هذا الأمر يدور في أذهان الجميع، وهذا أحد الأسباب التي تجعل رحيل أتميس لا يعني بالضرورة أنه لن يكون هناك وجود دولي في الصومال، مهما كان شكله".
ويضيف محمود، في حديث لصحيفة "لوموند" الفرنسية، أن "المناقشات جارية بهذا الشأن، خاصة في الأمم المتحدة، لتصور المستقبل".
وفي تصريحات سابقة، أعرب قائد أتميس، الفريق سام أوكيدينج، عن قلقه "إزاء نقص التجنيد والقدرات اللوجستية" لدى الصوماليين.
وفي الوقت الراهن، تدعم قوة الاتحاد الأفريقي الحملة الصومالية ضد الشباب من خلال توفير الدعم اللوجستي والمدفعية والرعاية الطبية للجرحى، كما أنها تضمن أمن البنى التحتية والمطارات والإدارات.
درونز
من جانبها، عبرت ميريسا ديسو، المحللة في معهد الدراسات الأمنية بالعاصمة الفرنسية باريس، عن مخاوفها من أن يشكل انسحاب أتميس نكسة كبيرة للصومال من شأنها أن تلغي "النجاحات القليلة" التي سجلتها السلطات.
وتقول ديسو للصحيفة نفسها إن "تقلب الوضع العسكري يجعل رحيل القوات الأفريقية في عام 2024 سابق لأوانه".
وأضافت أنه «من أجل ملء الفراغ الناجم عن انسحاب أتميس، يمكن للصومال أن يلجأ إلى شركائه للمساعدة في تمويل العمليات العسكرية".
وتضيف أنه «يمكن لمقديشو أيضًا الاعتماد على تدريب القوات الخاصة من قبل الولايات المتحدة فضلاً عن نشر طائرات أمريكية بدون طيار في ساحة المعركة».
وأشارت إلى أنه «من شأن رفع حظر الأسلحة أن يسمح لمقديشو بتحديث قواتها المسلحة».
وفرض مجلس الأمن الدولي حظرا على الأسلحة في الصومال منذ عام 1992 بسبب انهيار الحكومة المركزية آنذاك ودخول البلاد في حرب أهلية.
ومدد مجلس الأمن حظر استيراد السلاح للصومال في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حتى الشهر نفسه من 2023، بدعوى استمرار تشكيل حركة الشباب تهديدا كبيرا للسلام والاستقرار في المنطقة.
من جهته، اعتبر الملازم الصومالي نور الدين علي من مركز شرطة واداجير في وسط مقديشو، أنه "من المبكر جداً المغادرة، فلا يزال هناك الكثير من الهجمات، ولسنا مستعدين لمواجهتها بمفردنا".