الصومال يحاصر الخلافات السياسية بمؤتمر جامع.. سيناريوهات وتحديات
على طريق الصومال للتخلص من إرهاب حركة الشباب، يحاول البلد الأفريقي توحيد الصف الداخلي، ومحاصرة ووأد أي أزمات قد تفقده البوصلة، وتجعله يحيد عن هدفه.
رؤية وضعها الصومال ورئيسه حسن شيخ محمود على عاتقه؛ فشحذ هممه، لحل الخلافات التي أحدثتها مخرجات الاجتماع السابع الذي عقد أواخر مايو/أيار الماضي.
فرغم موافقته على بنوده ومدافعته عنه بشدة؛ كونه "يعيد السلطة إلى الشعب بعد أكثر من عقدين من تحكم البلاد عبر موافقات سياسية بين نخبة قليلة من صناع القرار " – على حد قول الرئيس-، فإن المعارضة تراه يعطي الفرصة لتمديد فترة رؤساء الولايات والقادة الصوماليين الحاليين، ما عدته مضاربة سياسية لصالح القادة الحاليين.
ولحل هذه الإشكالية التي قد تهدد وحدة البلد الأفريقي ومصيره السياسي الموحد، وجهت الرئاسة الصومالية دعوات رسمية إلى كافة الشخصيات السياسية البارزة في الساحة لاستطلاع آرائهم حول الاتفاق السياسي والملفات الأخرى مثل الحرب على الإرهاب، وتنمية الاقتصاد (إعفاء الديون، وانضمام مجتمع شرق أفريقيا) والحفاظ على الاستقرار الداخلي لاحتواء أي معارضة سياسية.
المؤتمر الذي دعت إليه الرئاسة الصومالية ينطلق الأربعاء، في العاصمة مقديشو، ويناقش مخرجات آخر مؤتمر لقادة الصومال والذي عقد في 27 مايو/أيار الماضي.
وسيحضر الاجتماع الذي يستغرق يومين: رئيس الصومال الأسبق (قائد الظل في المعارضة) شريف شيخ أحمد، وأربعة رؤساء وزراء سابقين، بالإضافة إلى رئيس البرلمان الأسبق شريف حسن وثلاثة قادة أحزاب سياسية.
يأتي الاجتماع بعد لقاءين عقدا بين الرئيس الأسبق شريف شيخ أحمد الذي يقود المعارضة، والرئيس الحالي حسن شيخ؛ الأول في 18 يونيو/حزيران الماضي، والثاني في 5 يوليو/تموز الجاري، اتفقا خلالهما على عقد اجتماع يجمع كافة أطراف المعارضة باستضافة ودعوة رسمية من قبل الرئاسة الصومالية.
ما أسباب الاختلافات السياسية؟
يعود اختلاف وجهات النظر إلى مخرجات الاجتماع السابع الذي عقد في الفترة بين 23 و27 مايو/أيار 2023 للمجلس التشاوري الوطني لزعماء الولايات وقادة الحكومة الفيدرالية.
ويضم مضمون الاتفاق المثير للجدل الذي أثار المعارضة السياسية ضد إدارة الرئيس الصومالي، عدة نقاط أبرزها:
- الانتقال من النظام البرلماني القائم على رئيس ورئيس وزراء إلى نظام رئاسي قائم على رئيس ونائب رئيس.
- انتخابات شعبية مباشرة على ثلاثة مستويات: بلدية، وإقليمية وفيدرالية.
- إجراء الانتخابات البلدية العامة في يونيو/حزيران 2024 في عموم البلاد عبر اقتراع شعبي مباشر.
- إجراء انتخابات البرلمانات الإقليمية وزعماء الولايات في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 عبر اقتراع شعبي مباشر.
- تشكيل نظام حزبي يتألف من حزبين فقط، ومنافستهما على كافة مستويات الانتخابات.
- توحيد مدة صلاحية الولاية الانتخابية خمس سنوات.
- تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة مكونة من 15 شخصا 12 من الولايات الصومالية الخمس وبلدية مقديشو بواقع 2 من كل جهة، وثلاث ترشحها الحكومة الفيدرالية.
لماذا ترفض المعارضة السياسية؟
وأصدر قادة سياسيون سابقون من تسعة أسماء وازنة يضمون رئيسًا، و4 رؤساء وزراء، رئيس ولاية، ثلاثة زعماء أحزاب سياسية بيانا سياسيا رفضوا فيها محتوى الاتفاق السياسي، وأكدوا أن:
- الاتفاق تم التوصل إليه بغياب ولاية بونتلاند، ما يهدد وحدة البلاد والمصير السياسي الموحد في حال تنفيذه كما هو.
- الاتفاق يمدد فترة رؤساء الولايات والقادة الصوماليين الحاليين، ما يشير إلى وجود مضاربة سياسية لصالح القادة الموجودين.
- المساس بمواد دستورية خاصة، فيما يتعلق بلعب القادة دور البرلمان في تنظيم الانتخابات وأنظمة تعدد الحزبية.
- حصر الأحزاب في اثنين فقط لا ينطبق على الساحة السياسية الصومالية.
وتطالب المعارضة بعدم تمديد ولاية قادة البلاد الحاليين، وإجراء تعديلات دستورية على البرلمان واللجان الدستورية المستقلة، وتوسيع مشاورات المصير السياسي في قضايا الأحزاب والانتخابات والدستور.
إلا أن المعارضة ترحب بشكل صياغة نموذج انتخابي واقعي وشمولي لكل الأطراف، ووضع آلية واضحة وتجاوز النماذج الانتخابية المعقدة السابقة.
يأتي ذلك، فيما يدافع رئيس الصومال حسن شيخ عن الاتفاق بشدة، مشيرًا إلى أنه يعيد السلطة إلى الشعب بعد أكثر من عقدين من حكم البلاد عبر موافقات سياسية بين نخبة قليلة من صناع القرار.
ويؤكد الرئيس الصومالي أن نماذج إجراء الانتخابات غير المباشرة عبر زعماء العشائر، أو عبر البرلمان، أو تمثيل مناطقي، أنهكت آمال الصوماليين في مشاركة سياسية أوسع وأكثر شمولا.
إلا أن الرئيس الصومالي يفضل الاستماع لآراء المعارضة، بهدف التوصل إلى خارطة طريق وطنية شاملة لتجاوز البلاد من مرحلة الدستور الانتقالي، ونظام انتخاب غير مباشر، وانتشار الإرهاب، إلى استقرار سياسي وأمني دائم.
ويقول مراقبون، إن الاتفاق السياسي يحدث زلزالا قويا في المشهد الصومالي حال تنفيذه، ويصطدم مع مواد دستورية مثل المساس بنظام الحكم، والصلاحيات الدستورية لرئيس الوزراء، وتمديد ولايات قادة الصومال الحاليين دون سند قانوني عبر ذريعة توحيد موعد الانتخابات المباشرة، وعدم وجود قانون الأحزاب السياسية الرسم.
ما أبرز السيناريوهات؟
يرى مراقبون أن سيناريوهات المؤتمر ستنحصر فيما يلي:
- احتواء الخلافات السياسية والتوصل إلى توافق بشأن الملفات العالقة.
- فشل الحوار والتوجه نحو موجة سياسية غارقة تؤثر في الحرب على الإرهاب.
- تسوية بعض نقاط الخلاف وإبقاء قضايا أخرى دون حل، والاتفاق على تركيز الأولويات، واستمرار التنسيق والحوار عبر منصة شامل.
ويقول الباحث والمحلل السياسي الصومالي ياسين سعيد في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن اجتماع الرئيس حسن شيخ محمود مع المعارضة "خطوة هامة" نحو تعزيز الحوار السياسي وتحقيق الوحدة الوطنية في الصومال.
وأشار إلى أن هدف الاجتماع يتمثل في تقديم فرصة للمناقشة المباشرة بين الرئيس وأعضاء المعارضة حول القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، متوقعًا أن تكون المخرجات المحتملة للقاء هي التوافق على بعض القضايا المشتركة والتوصل إلى حلول سياسية للتحديات الراهنة التي تواجه الصومال.
وأعرب عن آماله في التوصل إلى اتفاقات بشأن إصلاحات سياسية خاصة قضايا مخرجات المؤتمر الأخير بين الرئيس والولايات التي منها قضايا الانتخابات، والتعددية الحزبية، وتعديلات الدستور مثل الانتقال من النظام البرلماني إلى الرئاسي، وتغيير مدة الفترة الرئاسية في الصومال.
هل ينجح الاجتماع؟
وبحسب المحلل السياسي الصومالي، فإن فرص نجاح الاجتماع تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك مدى استعداد الأطراف المشاركة للتعاون والتفاهم، وتقديم تنازلات من أجل مصلحة الصومال.
وأشار المحلل السياسي إلى أن جملة من التحديات تواجه المؤتمر:
- تأثيرات الانقسامات السياسية والاختلافات العميقة بين الأطراف المشاركة
- صعوبة في التوصل إلى توافقات شاملة وحلول دائمة للقضايا المثيرة للجدل
- تداخل المصالح الشخصية والتأثيرات الخارجية في تعقيد العملية السياسية.
إلا أن المحلل السياسي الصومالي، أكد أنه يجب التعامل مع هذه التحديات بروح الحوار والتفاهم، والتركيز على المصلحة الوطنية لتحقيق نجاح الاجتماع، وتعزيز الاستقرار والتقدم في الصومال.