بعد جريمة بورسعيد.. "العين الإخبارية" تكشف لماذا تقتل ابنة أمها؟
أثارت واقعة مقتل سيدة في مدينة بورسعيد المصرية على يد ابنتها، بمشاركة صديق لها، صدمة وجدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.
قامت الفتاة، ابنة الـ20 عامًا بقتل والدتها، التي ضبطتها بصحبة مراهق يبلغ من العمر 14 عامًا في منزل الأسرة، حيث قام المراهق بضربها بآلة حادة على رأسها، وصبت ابنتها ماء مغلي على وجهها للتأكد من وفاتها.
القضية ما زالت تخضع لتحقيقات النيابة المصرية، لكن "العين الإخبارية" تبحث في دوافع قتل الابن أو الابنة لأحد الوالدين، من خلال استعراض آراء عدد من خبراء علم النفس والاجتماع.
كسر تابوهات القداسة
يقول الدكتور أحمد الباسوسي، استشاري العلاج النفسي وعلاج الإدمان في مصر، إن العلاقة بين الوالدين والأبناء علاقة خاصة جدا مختلفة عن علاقة الوالدين ببعض، لأن علاقة الوالدين رغم أنها رباط مقدس إلا أنها قد تنتهي، بعكس علاقة الأبناء بوالديهم فهي علاقة لا تنفصم.
ويؤكد الباسوسي في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "الدنيا اتغيرت والظروف تبدلت، فالحداثة أو العصر اللى نعيشه أحدث هزة شديدة في معالم المجتمعات مثل الصناعة والتجارة والبنيان، وكذلك تسبب في هزة قيمية داخل الإنسان بكم المعلومات المتوفرة وكم تسهيلات التواصل والاختراعات، فأصبحت استجابات الأفراد مختلفة عن استجابتهم أيام الحياة البسيطة من 40 أو 50 سنة".
يوضح الباسوسي، أن إيقاع العصر الحديث دفع لاستجابات مختلفة، وكسر تابوهات القداسة، "ولم تعد نظرة الابن أو الابنة للوالد أو الوالدة تتضمن قداسة، بسبب تطورات قيمية دخلية، وبالتالي أصبحت المسألة ندية أكثر، ورأينا أولاد ينادون على والديهم بأسماء مجردة وأحيانا أسماء دلع، فزوال القداسة نتيجة للتطورات والهزات القيمية دفعهم أنهم يرون والديهم أشخاصا عاديين، وأصبح لدينا صراع الأنداد بدلا من العلاقة المقدسة بين ابن وأبوه".
ويؤكد الباسوسي أن هذا دفع الابن أو الابنة للتعامل مع والديهما بنمط شخصيتهم العادية سواء كان اندفاعي أو عصبي، والذي يرجع لاضطراب في الشخصية، موضحًا أنه في بعض الأحيان يكون هناك خلل نفسي لدى الآباء في التعامل مع أبنائهم، حيث يكون ينطوي التعامل على أشكال من الضغط أو الشك أو التضييق بدعوى الحماية، مما يراكم مواقف داخل نفسية الابن فيقرر الانفجار في لحظة ما.
ويصف الباسوسي جريمة بورسعيد بأنها "جريمة شاذة"، ويؤكد أنها لو وصلت للطب النفسي سيتضح أن هناك خللا نفسيا، إذا لم تكن الابنة واقعة تحت تأثير المخدرات.
الانهيار الثقافي التام
أما الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي المصري، فيصف هذه الجريمة ومثيلاتها بأنها علامة على "الانهيار الثقافي التام، انهيار القيم الاجتماعية والثقافية والسلوكية".
ويضيف فرويز، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن هذا الانهيار يزداد بصورة سريعة، وليس هناك أي حلول مقدمة من الدولة لحل الأزمة، مستكملاً "العلاقات كلها بتنهار ومفيش أي حلول، بتكلم بقالي 12 سنة في النقطة دي، وبقول: يا أزهر يا كنيسة يا وزارات الشباب والإعلام والثقافة اتحركوا، لحد ما في إعلامي شهير قالي: أنت مبتزهقش ولا حد بيعبرك".
وطالب فرويز ببناء العقول لحماية الدولة، مؤكدًا أن المجتمع تعرض لحملة ثقافية شديدة وأننا بصدد الدخول على مستنقع صعب، مضيفًا "القادم أسوأ لا محالة، ولازم توعية من كل الوزارات، وفي المدارس".
تفتت المجتمع
وتستغرب الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية بجامعة عين شمس من الواقعة، وتقول: "دي كارثة، معتقدش إن في بنت تعمل كدة، صعبة جدا".
وتضيف خضر، في تصريح خاص لـ: "العين الإخبارية"، أنه لابد من إعادة النظر في سياسة الدولة التثقيفية، ومراجعة الأعمال الفنية والإعلانات والبرامج المقدمة في القنوات الفضائية.
واعتبرت خضر أن هذه الجرائم تمثل "جرس إنذار" وأن علينا العودة لضبط الأدب والثقافة، واستخدامهما في التثقيف ونشر الأخلاق والآداب والقيم.
وأكدت خضر، أنها مع عمل المرأة ووصولها لأعلى المراتب، لكنها شددت على أهمية أن تجعل المرأة مهمتها الأولى تربية الأولاد حتى عشر سنوات، حتى لو اضطرت لأخذ إجازة من العمل؛ لأن الثقافة تبث في هذه المرحلة، ولا يمكن تغييرها بعد ذلك.
وحذرت خضر من تفتت الأسر لأنه مقدمة لتفتت المجتمع، قائلة: "اللى تقتل أمها تقتل أي شخصية مجتمعية بعد كدة لو خدت فلوس، وقد تخون البلد".
aXA6IDMuMTQ0LjI1NS4xMTYg جزيرة ام اند امز