حليف واشنطن.. هل تتحمل كوريا الجنوبية فاتورة الاصطفاف؟
في عهد الرئيس يون سوك يول، تبنت كوريا الجنوبية سياسة خارجية وضعتها بشكل واضح بمعسكر واشنطن في منافستها مع الصين.
ورغم أن هذه السياسة قد يكون لها تكلفة من المحتمل أن تكون أكبر من الفوائد التي ستعود على كوريا الجنوبية، بحسب تحليل نشرته مجلة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية.
وبحسب التحليل، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها يجب أن يبذلوا ما في وسعهم للمساعدة في تقليص التكلفة وزيادة الفائدة من اتباع هذه السياسة الخارجية.
وتعتنق إدارة يو ما يُسمى "الدبلوماسية القائمة على القيم"، والتي تجعل كوريا الجنوبية تصطف بقوة مع الدول التي تشاركها الالتزام تجاه الديمقراطية الليبرالية.
وكان من مظاهر هذه السياسة عندما شاركت كوريا الجنوبية في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) بمدريد في وقت سابق من هذا العام، باعتبارها أحد شركاء الناتو الأربعة بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
وحضر يون القمة رغم اعتراض بكين، وأيدت الاجتماعات "مفهوما استراتيجيا جديدا للناتو" والذي يتناول، للمرة الأولى، التحديات التي تشكلها الصين.
لكن ينبغي أن تحرص كوريا الجنوبية على عدم استعداء بكين، إذا لا تزال الصين أكبر شريك تجاري لكوريا الجنوبية، وتعاونها مهم في مواجهة التحديات التي تشكلها كوريا الشمالية، بحسب التحليل.
سلاح التجارة
وقبل ثلاثة أعوام، استخدمت اليابان التجارة كسلاح عندما فرضت قيودا على ثلاث مواد كيميائية لا غنى عنها بصناعة أشباه الموصلات وأجهزة العرض.
وعلى نحو مشابه، تسيطر الصين على المعادن الاستراتيجية الهامة لصناعة بطاريات السيارات الكهرباية الكورية الجنوبية.
وبالرغم من أن كوريا الجنوبية تروج للوقود الهيدروجيني جزئيًا لتقليل اعتمادها على الصين في تلك المعادن، يظل صناع السياسة قلقين من أنه بإمكان بكين الانتقام اقتصاديا بسبب تقارب كوريا الجنوبية مع واشنطن باستخدام التجارة كسلاح وسبل أخرى.
ونظرًا لأن المنافسة الأمريكية الصينية تستقطب سلاسل التوريد في الاقتصاد العالمي، أصبحت إدارة يون شريكا رئيسيا في الجهود الأمريكية لبناء سلاسل الإمداد الخاصة بها.
واتسع نطاق التحالف العسكري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية ليصبح تحالفا اقتصادياً وتكنولوجيا، وأعلنت الشركات الكورية الجنوبية عن خطط طموحة لبناء مصانع في الولايات المتحدة.
ورغم أن القوة الحالية للدولار الأمريكي قد تعرقل تطبيق تلك الخطط، يجعل حكم الاستثمارات المباشرة التي أعلنتها الشركات الكورية الجنوبية من البلد أكثر مستثمر مباشر في الولايات المتحدة لعام 2022.
وتحمل سول أهمية خاصة لجهود واشنطن في تطوير قاعدة التصنيع المحلية الخاصة بها في صناعات استراتيجية رئيسية، وعبر مبادرات مثل "تشيب 4"، تسعى واشنطن لبناء سلاسل التوريد الخاصة بها في تلك الصناعات الاستراتيجية، وتمثل كوريا الجنوبية لاعبا أساسيا لتلك المبادرات.
وأشار التحليل إلى أنه من المصلحة القومية للولايات المتحدة أن تغازل واشنطن استثمارات كوريا الجنوبية في تلك الصناعات الاستراتيجية، والتي تعود بفوائد ضخمة لواشنطن، بينها عشرات الآلاف من الوظائف الجيدة، ناهيك عن الآثار الإيجابية غير المباشرة للاقتصاد الأمريكي على جميع المستويات.
فاتورة!
لكن أوضح التحليل أنه يتعين على واشنطن إدراك أن تلك الاستثمارات الكورية في الولايات المتحدة لها ثمنها الذي ستدفعه كوريا الجنوبية، وأبرز تلك التكاليف في الواقع أن عشرات الآلاف من الوظائف التي سيتم توفيرها بالولايات المتحدة هي عشرات آلاف الوظائف التي ستضيع على كوريا الجنوبية، حيث يمكن بناء نفس المصانع.
وبالنظر إلى أن صناعة أشباه الموصلات، على سبيل المثال، هي أكبر مساهم في أرباح الصادرات وإجمالي الناتج المحلي، يمكن لبناء مصانع كبيرة لأشباه الموصلات في الولايات المتحدة أن تؤثر سلبا على قطاع الصناعة المحلي ونمو إجمالي الناتج المحلي في كوريا الجنوبية.
ونجحت الولايات المتحدة في اجتذاب هذه الاستثمارات الكورية الجنوبية جزئيًا بسبب عرضها حوافز جذابة، مثل مميزات الضريبة لشركات أشبه الموصلات الكورية.
وبينما تسعى سول لمواءمة نفسها بشكل أقرب مع الولايات المتحدة وحلفائها، بما في ذلك بالمجالات الاقتصادية والتكنولوجية، يتعين على الولايات المتحدة بذل ما في وسعها لجعل التحالف الأمريكي الكوري الجنوبي يصب في مصلحة البلدين.
وإذا كانت كوريا الجنوبية تحمل أهمية للولايات المتحدة كلاعب رئيسي في جهودها لبناء سلاسل التوريد الخاصة بها في الصناعات الاستراتيجية، من الأفضل أن تمتنع واشنطن عن السياسات التي يعتبرها الكوريون تفيد الولايات المتحدة على حساب كوريا الجنوبية.
وعلاوة على ذلك، ومن أجل دعم حليفهم الرئيسي، يمكن لواشنطن وشركائها عرض المساعدة، مثل مبادلات العملات وبدائل مصادر سلاسل التوريد، إذا أقدمت بكين على الانتقام اقتصاديا من سول أو إذا أضر اضطراب السوق العالمي بكوريا الجنوبية.
aXA6IDMuMTUuNy4yMTIg
جزيرة ام اند امز