تهديدات الشمال وفجوة الردع.. هل تعبر سول عتبة «النووي»؟
منذ اختبار قنبلتها النووية الأولى في 2006، تهدد كوريا الشمالية بانتظام جارتها الجنوبية التي احتمت بضمانات أمريكية تبدو"هشة" اليوم.
ووفق مجلة "فورين آفيرز" الأمريكية، فإن مشكلة كوريا الجنوبية ذات شقين، الأول هو نمو قدرات جارتها الشمالية، والثاني عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض؛ الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض احتمالات دخول الولايات المتحدة في صراع في شبه الجزيرة الكورية.
وإذا اندلع صراع هناك، فالأكيد أن بيونغ يانغ ستهدد بشن هجمات نووية على أهداف أمريكية سواء القواعد الأمريكية في آسيا والمحيط الهادئ، أو غوام، أو هاواي أو في البر الرئيسي الأمريكي الأمر الذي يرفع التكلفة المحتملة للمساعدات الأمريكية لكوريا الجنوبية.
ومثلما نجحت التهديدات النووية الروسية في الحد من الدعم الأمريكي لأوكرانيا، ستؤدي تهديدات كوريا الشمالية إلى تردد واشنطن قبل التدخل في الصراع وهو ما يترك سول وحيدة في الدفاع عن نفسها؛ الأمر الذي يدفعها لدراسة بناء أسلحتها النووية الخاصة، وفقا لما ذكرته المجلة الأمريكية.
وأصبح هذا الاقتراح سائدا في سول، حيث أظهر استطلاع أجراه مجلس شيكاغو للشؤون العالمية في 2021، تأييد 71% من الكوريين الجنوبيين للتسلح النووي، وهي زيادة عن نسبة 56% التي أظهرها معهد أسان للدراسات السياسية ومقره سول في استطلاع أٌجري عام 2010.
لكن العقبة الأكبر أمام التسلح النووي لسول هي الولايات المتحدة؛ فمنذ عقود هناك معارضة من الحزبين الأمريكيين لانتشار الأسلحة النووية، حتى بين حلفاء الولايات المتحدة.
ويبالغ المعارضون الأمريكيون لسياسة كوريا الجنوبية النووية في تقدير سلبياتها ويقللون من تقدير فوائدها، ويتجاهلون القيم الأمريكية التي تدعو واشنطن إلى التسامح مع خيارات الأمن القومي للشريك الديمقراطي، على حد قول "فورين آفيرز".
وفي حين تقوض القدرات النووية لكوريا الشمالية الردع الأمريكي في شبه الجزيرة الكورية، يمكن أن تساعد ترسانة كوريا الجنوبية النووية في سد الفجوة.
كما أن سول قد تكون مكتفية ذاتيا في شؤون الدفاع في حال امتلاكها أدوات الردع الخاصة، مما يقلل من الضرر المحتمل إذا تراجع ترامب عن التحالفات الأمريكية دوليا.
الأكثر من ذلك، ومع قدرة كوريا الجنوبية على التعامل مع تهديدات جارتها الشمالية بمفردها، يمكن للولايات المتحدة أن تكرس المزيد من الاهتمام لأولويتها القصوى في شرق آسيا، وهي المنافسة مع الصين.
وبشكل روتيني، تهدد بيونغ يانغ بقصف كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بالأسلحة النووية في حال نشوب صراع.
ويزعزع التفاوت الحالي بين القدرات النووية للكوريتين استقرار المنطقة ويشجع كوريا الشمالية على "تخريب جارتها الجنوبية وإجبارها على تقديم تنازلات"، بحسب المجلة الأمريكية.
وعلى الأرجح، لن تحتاج سول أكثر من 100 رأس حربي لتحقيق الردع بالنظر إلى حجم كوريا الشمالية الصغير وترسانتها الصغيرة.
في المقابل، تدعم مراكز الفكر وخبراء الأمن القومي والمنافذ الإعلامية الرئيسية في كوريا الجنوبية، فكرة التسلح النووي.
لكن الموقف الرسمي لم يتغير بسبب الخوف من فرض واشنطن عقوبات على البلاد.
بيد أن سعي سول إلى امتلاك سلاح نووي سيكون رد فعل لسلوك بيونغ يانغ وليس اندفاعاً مارقاً لبناء سلاح مزعزع للاستقرار، على حد قول المجلة.
aXA6IDE4LjIyMS4xNjEuNDMg جزيرة ام اند امز