حظر انخراط العسكر بالسياسة في جنوب السودان.. تفاؤل حذر
ردود أفعال متباينة وتفاؤل حذر شكّله القرار الذي أصدره رئيس دولة جنوب السودان، بحظر القيادات العسكرية من المشاركة في الحياة السياسية
وأمس الأحد، أصدر الرئيس سلفاكير ميارديت، قرارا حظر بموجبه القيادات العسكرية العليا من المشاركة في الأنشطة السياسية، والأجسام النقابية والمجتمعية.
ونص القرار الرئاسي، الذي وصلت "العين الإخبارية" نسخة منه :" يحظر على جميع قادة الجيش وبقية القوات النظامية الأخرى المشاركة في الأنشطة السياسية، أو قيادة الروابط المجتمعية والشبابية وتجمعات المرأة".
كما طالب القرار القادة العسكريين "بالابتعاد عن أي نشاط دعائي يقود إلى تشجيع خطاب الكراهية في وسائل التواصل الاجتماعي".
ويقول نيانق بيتر، ناشط مدني وعضو في شبكة "جنوب السودان للسلام والتنمية"، إن القرار "يمثل خطوة مهمة تعيد الاعتبار للأجسام المدنية التي ظلت تعاني من تغول الجنرالات باستخدام نفوذهم للاستفراد بتلك المؤسسات".
وأضاف في حديث لـ"العين الإخبارية"، "هذا قرار مهم جدا ويحتاج لمتابعة في التنفيذ، لأننا بقينا نعاني من ظاهرة وجود الجنرالات في العمل النقابي والمدني، فهم يستخدمون نفوذهم في الحصول على المقاعد ويرفضون المساءلة والمحاسبة وهذا أثّر على نشاط الكثير من المنظمات والأجسام المدنية في العاصمة والولايات الأخرى".
وينشط عدد كبير من قادة الجيش والقوات النظامية بجنوب السودان في مواقع التواصل الاجتماعي حيث يشاركون في مناقشة القضايا السياسية والاجتماعية الحساسة، في ظل حالة الانقسام والأزمة التي تعيشها البلاد منذ 2013.
أما مايكل كونغ آطور، القانوني والكاتب الصحفي، فيرى أن هناك ضرورة لقيام الرئيس سلفاكير بفك الارتباط ما بين الحزب الذي يترأسه (الحركة الشعبية لتحرير السودان) والمؤسسة العسكرية (الجيش الشعبي لتحرير السودان)، باعتبار أن الجيش كان يتبع للحركة المسلحة إبان الحرب الأهلية، ومن ثم تشريع قوانين خاصة وواضحة للقوات النظامية.
وفي حديثه لـ"العين الإخبارية"، استطرد آطور بقوله "يفترض أن يكون هناك فك ارتباط بين الجيش والحزب الحاكم، ومن ثم تشريع قوانين خاصة بالقوات النظامية تمنع انخراط أفرادها في أي نشاط سياسي ومدني".
مستدركا "لكن الأزمة هي أن المؤسسة العسكرية لا تزال مرتبطة بالمؤسسة السياسية، هذا لن يكون له تأثير إذا لم يتم فك الارتباط بين المكونين السياسي والعسكري".
هذا وكان الرئيس سلفاكير قد قام خلال العام الماضي، بتعيين عدد من قيادات الجيش كحكام للولايات في مناطق مثل واراب والبحيرات.
وكذلك الأمر بالنسبة للمعارضة المسلحة التي قامت بتعيين عدد من قياداتها العسكرية في مناصب سياسية على مستوى المركز والولايات.
في هذه الأثناء، طالب عدد من الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي بدولة جنوب السودان، باستقالة قولا بويوي رئيس "اتحاد شباب جنوب السودان" المنتخب، من منصبه، لارتباطه بإحدى المؤسسات العسكرية حسب الناشطين، وهو ما نفاه الرجل.
وقال رئيس "اتحاد الشباب" في بيان مطول وصلت "العين الإخبارية" نسخة منه: "على الرغم من أن الخدمة في الجيش تكون شرفاً لكل مواطن وطني لخدمة الوطن، إلا أنني لم أخدم أبداً في الجيش أو القوات النظامية بشكل عام، لذلك أتعجب وأستغرب لرؤية بعض الناس، وخاصة بعض الشباب، الذين يروجون للادعاءات التي لا أساس لها من الصحة منذ عام 2019، وبالتالي، أريد أن أكون واضحاً بشكل قاطع للمهتمين بالشأن الشبابي : أنا لا أخدم أبداً في أي من القوات النظامية".
غير أن القرار بنظر أوليفر قاودينسيو، الكاتب الصحفي ورئيس منظمة "جنوب السودان لتنمية الديمقراطية"، "لا يحتاج لقرار من أعلى سلطة في الدولة المتمثلة في رئيس الجمهورية".
"وإنما من قائد هيئة الأركان"- بحسب أوليفر- الذي قال:" لا أعتقد أن هذا القرار سيجد طريقه للتنفيذ،. لصعوبة ذلك عملياً وعدم اتساقه مع طبيعة النظام السياسي بالبلاد، والذي يقوم على بنية عسكرية بحتة".
مشيرا إلى أن القرار "سيضع الرئيس أمام تحدي كبير مع رفقائه العسكريين".