مخلفات ذخيرة الحرب.. "الموت المدفون" في جنوب السودان
مخلفات ذخيرة الحرب الأهلية في دولة جنوب السودان تعيد فتح ندوب البلد المضطرب وترفع حصيلة الموت المدفون، في إرث متفجر يختزل سنوات العنف.
ذكريات أليمة يستعيدها سكان دولة جنوب السودان مع كل انفجار يدوي يحصد معه أرواح مدنيين يجدون أنفسهم مجبرين على تقاسم أهوال حرب نجوا منها أو لم يعاصروها.
سطور قاتمة تستنسخ أهوال الحرب التي هزت البلد الأفريقي بين عامي 2013 و2018، مخلفة فاتورة بشرية ومادية هائلة، ومخلفات ذخيرة تفتح -على طريقتها- ندوب الماضي.
إعلان جديد للأمم المتحدة، يضيف لقائمة الضحايا 11 طفلا لقوا حتفهم في انفجار مخلفات ذخيرة في قرية نائية بولاية غرب بحر الغزال الواقعة شمال غربي العاصمة جوبا.
وقالت ليندا توم، المتحدثة باسم بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان (يونيميس)، إن حجم المأساة هائل، مشيرة إلى أن المخاطر من انفجار مخلفات الذخيرة لا تزال قائمة، لاسيما في ظل وجود قنابل مطمورة تحت الأرض، تحتاج لإزالتها وتفكيكها خوفا على حياة المدنيين.
موت مطمور
لا تعتبر الحادثة الأولى من نوعها، كما لن تكون الأخيرة.. هذا ما تؤكده الأمم المتحدة، مستعرضة قصصا أليمة لضحايا إرث ينضخ برائحة الموت المدفون في كل شبر من البلد الأفريقي.
ففي يونيو/ حزيران الماضي، انتهت مجموعة من الصبية تتراوح أعمارهم بين 12 و14 عاما، من واجباتهم المدرسية، وقرروا الانطلاق لأداء واجب يومي من نوع مختلف: رعي الأغنام.
حدث ذلك في مقاطعة مابان، حيث توقفت المجموعة أمام أنبوب معدني سرعان ما اتفقوا على إمكانية تحويله إلى جرس لوضعه حول عنق أحد ماعزهم.
كان كل ما يتطلبه الأمر هو بضع ضربات بالمطرقة، فكان أن تجمعوا في ظل شجرة وشرعوا في العمل. ضربوا بقوة، وفجأة تصاعد الدخان وظهر وميض ضوء، ثم غاب جميعهم عن الوعي.
انفجرت قذيفة هاون عيار 60 ملم ، وقُتل معظمهم، فيما أصيب من نجا منهم بجروح بليغة تسببت في عاهات دائمة.
إرث العنف
تعتبر جنوب السودان أحد أفقر البلدان وأكثرها تضررا من النزاعات في أفريقيا، حيث شهدت البلاد قتالا منذ عقود، ثم حصلت على استقلالها في عام 2011.
ومنذ ذلك الحين، لا تزال فريسة العنف الذي فجر في 2013 حربا أهلية استمرت لخمس سنوات، فيما لا تزال الحوادث من هذا النوع مستمرة وإن بشكل متقطع.
وفي مناطق مثل مابان، لا تزال القنابل والألغام موجودة رغم الجهود المستمرة لإزالتها، حيث دمرت خدمة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام مليون و91 ألف عبوة ناسفة في جنوب السودان.
ووفق بيانات أممية، يشمل الرقم أكثر من 40 ألف لغما، ونحو 77 ألف قنبلة عنقودية، وكميات هائلة من الذخيرة غير المنفجرة، في عمليات جعلت من الممكن تأمين المرافق مثل نقاط المياه والمدارس.
لكن هذا الحادث الأخير يسلط الضوء على التحدي المستمر الذي يمثله انتشار الأسلحة الفتاكة في مناطق مثل مابان، المقاطعة التي شكلت مسرح معارك ضارية منذ ثمانينيات القرن الماضي.
ففي تلك المقاطعة، لا تزال الذخائر غير المنفجرة مدفونة في نفس المناطق التي يقصدها السكان لرعي أغنامهم أو التزود بالمياه أو حتى في طريقهم لقضاء حوائجهم ومزاولة أعمالهم.
aXA6IDE4LjIyMy4yMDYuODQg
جزيرة ام اند امز