العراق.. المليشيات تهاجم مقار المسؤولين لإرجاء نهايتها السياسية
مجدداً تعود الهجمات التي تستهدف مقار الأحزاب ورؤساء الكتل المقربة من التيار الصدري، في مسعى للتأثير على جهود تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية.
وكانت ثلاث صواريخ استهدفت قضاء الكرمة بمحافظة الأنبار، أمس الثلاثاء، سقط أحدها قرب مضيف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، مما تسبب بإصابة رجل وطفل ذو 5 سنوات.
وجاء الاستهداف بعد ساعات على إعلان المحكمة الاتحادية العليا رد الطعون المقدمة إليها بشأن عدم شرعية الجلسة الأولى للبرلمان التي انتخب من خلالها الحلبوسي رئيساً للمجلس النيابي.
ويأتي ذلك الاستهداف ضمن جملة من الهجمات التي طالت مقار حزبية لقوى سياسية قريبة من التيار الصدري بعد أيام من انعقاد الجلسة البرلمانية الأولى "الأكبر سناً".
وكان منزل رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، عند المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد، قد تعرض في نوفمبر الماضي، إلى قصف بطائرات مسيرة في محاولة اغتيال وصفت بالفاشلة، جاءت بعد يومين من تصعيد دام لقوى الإطار التنسيقي خلال تظاهرات احتجاجية راح ضحيتها قتيل وعشرات الجرحى.
ومنذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر الماضي، صعد الإطار التنسيقي من سقف احتجاجاته وهدد في أكثر من مرة بتحريك مناصريه لضرب العملية الديمقراطية.
وتسعى قوى الإطار التي تضم أحزابا وتيارات مقربة من إيران، اعتراض التفاهمات التي وصل لها الصدر مع القوتين السنيتين الأكبر (تقدم وامتداد) بمعية الحزب الديمقراطي الكردستاني، خشية عزلها نهائياً من المشهد السياسي القادم.
وخلال الأسبوعين الماضيين، كان مسلحون مجهولون هاجموا مقار أحزاب الديمقراطي الكردستاني، وتقدم امتداد بالأسلحة والرمانات اليدوية، في خطوة عدها مراقبون محاولة للضغط على تلك القوى بالتراجع عن تحالفها مع الصدر.
إلا أن الصدر، ورغم مساع التقريب مع غرمائه من الشيعة الخاسرين، لم يتراجع في ضمهم إلى قافلته السياسية، وأصر على الذهاب نحو حكومة الاغلبية الوطنية التي يسعى لتدشينها خلال المرحلة المقبلة.
وجاءت نتائج انتخابات أكتوبر المبكرة، بأرقام صادمة للقوى السياسية المقربة من إيران بعد أن سجلت تراجعاً في حظوظها الانتخابية، قابلها تصاعد كبير للصدر الذي حازت كتلته على 73 مقعدا، فضلاً عن وصول قوى وشخصيات مستقلة.
وهددت قوى الإطار التنسيقي مؤخراً، بالمقاطعة السياسية وتهديد السلم الأهلي، في حال إصرار الصدر الذهاب منفرداً من البيت الشيعي نحو القوى السنية والكردية.
رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح، عد الهجوم الصاروخي، على منزل رئيس البرلمان في منطقة الحلابسة بمحافظة الأنبار، بأنه استهداف لاستحقاقات وطنية ودستورية ضمن توقيتات مقصودة.
ووصف صالح ما جرى "عملاً إرهابياً"، مطالباً بـ"رصّ الصف الوطني والتكاتف لحماية السلم الأهلي ومنع المتربصين، ومواصلة الطريق نحو تشكيل حكومة عراقية تحمي المصالح العليا للبلد وتستجيب لتطلعات شعبنا"، بحسب بيان لمكتبه.
منطق السلاح
من جانبه يقول الخبير الاستراتيجي العراقي غازي فيصل، إن "العراق يشهد صراعاً بين تيارين متناقضين أحدهم وهو الصدر والحلبوسي ومن بمعيتهم حيث يمثل الخط الوطني والرغبة بالإصلاح وبناء المؤسسات".
ويضيف فيصل لـ"العين الإخبارية"، أن "الفريق الثاني وهم القوى المليشاوية الخاسرة التي تؤمن بالفوضى واللادولة والاحتكام إلى منطق القوة والسلاح"، لافتاً إلى ان "الساحة اصبحت مفتوحة والحديث عن الاستحقاقات بات عبر البنادق والرصاص".
وشدد بالقول: "على الحكومة المقبلة أن تضع في أولوياتها السيطرة على السلاح المنفلت وكبح جمح مليشيات الفساد التي تحاول اليوم نسف العملية الديمقراطية".
وكانت بعض الأطراف في قوى الإطار التنسيقي قد سارعت اليوم إلى تبرئة ساحتها من قصف منزل الحلبوسي وإدانة ما جرى إلا ان ذلك لا يدفع التهمة عنها كونها هي الجهات الوحيدة التي تمتلك الطائرات المسيرة والصواريخ والإمكانات اللوجستية لتنفيذ مثل تلك العمليات بحسب المحلل السياسي غازي فيصل.
قدر سياسي
فيما يرى المحلل السياسي العراقي علي الكاتب، أن "حكومة الأغلبية الوطنية قدر سياسي على قوى الإطار تقبله والتسليم له، وبخلاف ذلك لن يكون أمامهم سوى الانتحار علناً امام قواعدهم الجماهيرية التي بدأت تنكمش تدريجيا".
ومع الترجيح بأن تلجأ تلك القوى إلى افتعال الأزمات والاستمرار في ابتزاز الفائزين عبر الترهيب والتصعيد، كما يقول الكاتب، إلا أن ذلك "لن يأتي أٌكله وخصوصاً أن هنالك إرادة دولية إقليمية بعودة العراق مؤسساتياً وسلطوياً ودستورياً بعد سنوات من الاختطاف".