كتاب يبحر في "التاريخ الكوني للتوابل"
كتاب "التوابل التاريخ الكوني"، يربط بين الحكايات المتوارثة عن التوابل وحركة التجارة قديما، مرورا بأهميتها العالمية والطبية
يربط كتاب "التوابل التاريخ الكوني" للمؤلف والباحث فريد كزارا بين عالم الحكايات والأساطير التي تدور حول التوابل، وبين قصص التجارة التاريخية الأولى لها.
يرى الكتاب أن التوابل غيرت للأبد عادات الأكل لدى الشعوب التي اكتشفت تجارب جديدة في عالم الطهي، نتيجة تلك التجارة التي غيرت من طرق إعداد الطعام وتقديره، ويتكئ المؤلف في بحثه على تاريخ التوابل الذي حفز معرفة جديدة للعالم.
صدرت ترجمة الكتاب إلى العربية عن مشروع كلمة للترجمة، التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، وأنجزتها للعربية المترجمة السورية إيزميرالدا حميدان.
يرصد الكتاب، الذي يقع في 240 صفحة، ما أطلق عليها بالتوابل "الرئيسية" التي تُشكل المحفز لنشوء الأساطير والمنافسات العالمية وراء تجارتها.
وتشمل تلك التوابل 5 توابل، وهي القرفة، والقرنفل، والفلفل الأسود، وجوزة الطيب، والفلفل الحار.
يقول المؤلف "تلك التوابل الخمسة شكلّت المعيار الذهبي لتجارة التوابل، فضلا عن الثروات الذهبية وغيرها بالنسبة للبحارة والتجار الذين كانوا يعتمدون عليها في حياتهم".
يُبحر الكتب عبر 5 فصول في رحلة لاكتشاف هذه التوابل منذ قدم البشرية، وتأثير كل منها في كتابة تاريخ البشرية، والطرق البرية والبحرية التي سلكتها التوابل لتصل إلى مختلف أنحاء العالم، وما ورد في الآداب والفنون المحلية من تغنٍ بالتوابل وآثارها السحرية وفوائدها، وكيف غيرت خريطة ومسارات التجارة العالمية لتصبح السلعة الأثمن والأغلى، والتي اعتمدت بديلا للنقود في بعض الأحيان، وأدت إلى نهوض مدن أوروبية وقيام ممالك تجارية.
تبدأ رحلة التوابل من حضارات العالم القديم وثقافات الإمبراطوريات المختلفة، أبرزها الرومانية والصينية، وصولا للعصور الوسطى وعصر الاكتشافات والتصنيع وصولا للقرن العشرين وما بعده.
ويرصد الكتاب ارتباط التوابل بتاريخ الثقافة في العالم، وارتباط الوصفات العالمية بتاريخ التوابل، وانتقالها من عالم الطبخ إلى عالم مستحضرات التجميل والعطور، علاوة على تاريخها المعروف في صناعة الأدوية منذ القدم.
يُلقي الكتاب نظرة إلى العالم القديم باعتباره مهدا لتجارة التوابل، يصفه الكاتب بأنه "كان عالما موازيا مزدهرا عرفت أوروبا الغربية القليل عنه.
يمتد هذا العالم من الصين جنوبا إلى جنوب شرق آسيا، وغربا إلى الهند والجزيرة العربية، ولأكثر من 3000 سنة حافظ على بقائه واتصل مع البحر الأبيض المتوسط من الجنوب الغربي إلى أفريقيا والجزيرة العربية، ومن الشمال الشرقي بواسطة طريق الحرير عبر آسيا الوسطى.
وعزز النظام المعقد من السفن والقوافل البرية تجارة التوابل في هذه المنطقة، ويمر الكتاب على حضارات العالم القديم وارتباط التوابل فيها بحكايات وأساطير، كما زعم الفينيقيون أن القرفة اكتشفت لديهم، وأن الطيور هي من أتت بالقرفة إلى الجزيرة العربية، ذلك لأنها كانت تحملها إلى أعشاشها على حواف الجبل.
وتقول حكاية أخرى إن الطيور استعملت القرفة كمادة لبناء العش على الأشجار، وأن السكان كانوا يُطلقون السهام ذات الرؤوس الرصاصية لتحطيم العش وجعل القرفة تسقط على الأرض.
ويذهب الكتاب إلى أن أسطورة القرفة أبقت على وجودها إلى القرن الـ19، وهو ما ظهر في أبيات للشاعر الأيرلندي توماس مور:
هذه الطيور الذهبية التي تهبط في وقت التوابلفي الحديقة ثملة بهذا الطعام العذب
الذي جذبهم عطره فوق فيضان الصيف
وتلك الطيور تحت أشعة الشمس العربية الرقيقة
تبني أعشاشها المُبطنة بالقرفة
يحتفي الكتاب بالأطباق المحلية التي تعد التوابل مادة رئيسية في مكوناتها، كمزيج التوابل القادم إلينا من الهند وهو "مسالا"، وهي تشكيلة من البهارات معروفة في كل مطابخ العالم، وترتبط بالثقافة الهندية ارتباطا وثيقا.
يقول المؤلف "يجب التحقق من أوعية وصناديق التوابل والأطعمة الأخرى في المنزل ومراكز البيع، وطرح الأسئلة في المطاعم حول مكونات التوابل، والبحث في الإنترنت عن مصادر التوابل والوصفات التي تستخدم أصنافا متعددة من هذه المنكهات، في التاريخ الخاص بكل منها، إن التوابل موجودة معك وحولك، لذلك يجب عليك اختبارها، والتمتع بها والتفكير في رحلتها عبر المسافات والأزمنة لتصل إلى مائدتك وأطباقك".